جدل شعبي حول مجلس الشورى السعودي

جدل شعبي حول مجلس الشورى السعودي

30 سبتمبر 2016
مجبرة على التسوّل (فايز نور الدين/ فرانس برس)
+ الخط -
بعد إجازة طويلة دامت أكثر من ثلاثة أشهر، عاد مجلس الشورى السعودي إلى العمل الأسبوع الماضي. ترافق ذلك مع جدل حول مدى جدوى الاجتماعات التي يعقدها الأعضاء الثلاثمئة مرتين أسبوعيّاً، خصوصاً بعد تصريحات أطلقها عدد من الأعضاء وُصفت بالمستفزّة، ما دفع أمانه المجلس إلى إصدار بيان رسمي تتبرّأ فيه من التصريحات التي أطلقها بعض أعضائه، وأثارت غضب الشارع السعودي.

ولم تكن مناقشة المجلس لأسباب نقص بيض طائر الحبارى البري، أو الإشارة إلى أن السكن ليس حقاً للمواطن، أو اتّهام المتقاعدين بأنهم كسالى، إلا عيّنة من تصريحات أغضبت السعوديين تجاه برلمانهم. يؤكّد الكاتب برجس البرجس أن المجلس "لا يتحمل مسؤولية حقيقية، ولا يشعر بآلام الناس، ولم يساعد الحكومة من خلال طرح حلول حقيقية للمشاكل". يضيف أن "مشكلة الإسكان على سبيل المثال لا يمكن أن يشعر بها أي عضو من أعضاء مجلس الشورى، لأنهم يملكون بيوتاً". ويلفت إلى أن مدينة كجدة ليس فيها إلّا مستشفى واحد، مؤكداً أنه "من الضروري أن يكون نصف المجلس منتخباً انتخاباً حقيقياً لتمثيل المواطنين واحتياجاتهم الحقيقية".

في هذا السياق، يؤكّد الناشط الحقوقي والمستشار القانوني أحمد الرشيد أن أداء المجلس لم يكن مرضياً بالنسبة لكثير من السعوديين على مدى السنوات الماضية. يقول لـ "العربي الجديد": "لا ننكر أنّ للمجلس بعض القرارات الجيدة. لكنّ مقارنة بعدد الاجتماعات التي يعقدها سنوياً، يبدو مقصّراً". يضيف أنّ "أي دور للمجلس لن يكون فعّالاً، ما لم ينعكس على أرض الواقع. ونلاحظ أن المجلس رفض العديد من القرارات التي كانت ستنعكس بشكل إيجابي على المجتمع. على سبيل المثال، رفض رفع الحد الأدنى لرواتب المتقاعدين، بحجة أنه سيكلّف الدولة مالاً كثيراً". وكان عضو المجلس خليل كردي قد أعلن أن "الدولة ليست ضماناً اجتماعياً، وعلى المتقاعدين العمل في القطاع الخاص بعد تقاعدهم".



ويقول الرشيد إن المجلس "يقضي وقتاً طويلاً في مناقشة قرارات غريبة، مثل بيض الحبارى، أو منح أنفسهم جوازات سفر دبلوماسيّة، أو تسمية الشوارع بأسمائهم، أو منح الرجل إجازة وضع لستة أشهر أسوة بالأم، بحجة أن ذلك سيدفع القطاع الخاص إلى توظيف النساء. وفي الوقت نفسه، يتجاهل احتياجات الناس والمتقاعدين والأشخاص المعوقين". ويسأل: "هل يطّلع المجلس على آراء الناس، وما يكتب عنه في مواقع التواصل الاجتماعي، أم أنه لا يأبه بذلك؟ الواقع يقول إنه لا يفعل".

من جهته، يلفت الكاتب الصحافي ماجد العتيبي إلى قوانين مهمّة ينتظر المجتمع إقرارها منذ سنوات طويلة، مثل قانون إنشاء الجمعيات التعاونية الاستهلاكية، وقانون التحرّش والعنف الأسري، وقوانين رعاية الأشخاص المعوقين واليتامى والأرامل والمطلقات وغيرها. ويسأل: "هل يعقل أن يتأخر مشروع قانون مهم مثل قانون التحرّش عشر سنوات؟". يضيف أنه على مدى 25 عاماً، لم يناقش المجلس تعثر مشاريع كلفت الدولة الكثير، ولم يتطرّق إلى قضية البطالة والوظائف الوهمية والغش التجاري وغيرها، وكأن الأمر لا يعنيه.

في ظلّ هذه الاتهامات، يشدّد مجلس الشورى على أنّ عمله سليم. ويردّ على الانتقادات قائلاً إنه لا يحق له إصدار القوانين، بل تقديم اقتراحات، وأن دوره الأساسي هو دراسة مشاريع القوانين التي يحولها إليه مجلس الوزراء لإعداد مقترحاته حولها ثم إرسالها إلى هيئة الخبراء في مجلس الوزراء لمناقشتها. وفي حال كان هناك ملاحظات حولها، تعاد إلى الشورى لدراستها مجدداً. ثم ترفع جميع الاقتراحات إلى المقام السامي للموافقة عليها أو ردها. وبالتالي لا يملك المجلس حق مناقشة أي موضوع لا يكون ضمن التقارير السنوية للجهات الحكومية.

في المقابل، يؤكّد عضو المجلس ورئيس اللجنة المالية، عبد الرحمن الراشد، أن المجلس ليس بعيداً عن هموم المواطن كما يتّهمه البعض، لافتاً إلى حرصه على مصلحة المواطن في كل مناقشاته. يضيف لـ "العربي الجديد" أن "المجلس حين يمارس صلاحيّاته الرقابية لناحية مراجعة تقارير الجهات الحكومية، ومنها الوزارات الخدماتية، يناقش كيفيّة تحسين هذه الخدمات لصالح المواطن بالدرجة الأولى".

من جهته، يدافع عضو المجلس عبدالله الفيفي عن أداء المجلس، قائلاً إن للمجلس قواعد وقوانين لا يمكنه تجاوزها. ويقول لـ "العربي الجديد" إن "المجلس يعمل وفق صلاحيّاته ونظامه، وربّما آن الأوان لأن يجدّد نظامه بما يواكب التطور الذي تشهده السعودية، ويلبّي الطموحات".