البيت الأخضر... أنقاض قرية احتلتها جامعة تل أبيب

البيت الأخضر... أنقاض قرية احتلتها جامعة تل أبيب

22 سبتمبر 2016
تعرض البيت الأخضر للتهويد (العربي الجديد)
+ الخط -

رغم مرور 68 عامًا على نكبة فلسطين، ونزوح أهل قرية الشيخ مونّس بسبب الإرهاب الصهيوني المتمثّل بمليشيات الإرغون والهاغانا في 30 مارس/ آذار 1948، إلا أن مبنى البيت الأخضر ظل صامدا هناك، وهو الذي بُني في أواخر القرن التاسع عشر ليكون مقر إقامة مختار القرية، إبراهيم أبو كحيل.

تقع القرية على بعد 8 كيلومترات شمال شرقي مدينة يافا، المصدّرة للبرتقال والحمضيات بأنواعها والتي كانت تأتي من القرى المحيطة بها، ومنها الشيخ مونّس التي كانت تشتهر بزراعة الحمضيّات والحبوب، إذ كان 3749 دونماً من أراضيها مخصصة للحمضيات والموز و7165 دونماً للحبوب و69 دونماً للبساتين التي كانت تسقى من الآبار الإرتوازيّة ومياه نهر العوجا، الذي يبعد عن القرية 800 متر فقط.
وأخذت القرية اسمها تيمّنًا بشخصيّة دينيّة محليّة، تدعى الشيخ موّنس، والذي هدّم ضريحه مع أغلب معالم القرية، وكان من ضمن معالمها أيضا مدرسة ابتدائيّة واحدة للبنين (بنيت عام 1932) وثانية للبنات (بنيت عام 1943) ووصل عدد الطلاّب عام 1943 إلى 288 طالبة وطالباً وكانت مدرسة البنين تضم ما يقارب 36 دونمًا من الأراضي الزراعيّة التي استعملت لتعليم الزراعة.
قبل إعلان الكيان الصهيوني عن إقامة "إسرائيل" في 14 مايو/ أيار 1948، تم اختطاف خمس شخصيّات من القرية، الأمر الذي سبب الذعر لسكّانها وأهالي القرى المجاورة كقرية أبو كشك وجريشة المحاذيتين، وبذلك أفرغت القرى الساحليّة القريبة من يافا وتم استيلاء المليشيات الصهيونيّة على أملاكها من مبانٍ وأراض زراعيّة.
وفي حديث مع سامي أبو شحادة، سكرتير حزب التجمّع الوطني الديمقراطي في مدينة يافا والباحث في تاريخ المدينة زمن الحكم البريطاني على فلسطين، قال لـ"العربي الجديد": "واضح أن قرية الشيخ مونّس كانت من أغنى القرى المحيطة لمدينة يافا، وذلك من خلال كميّة الحمضيّات وبشكل خاص البرتقال الذي كان آنذاك علامة تجارية عالميّة وليس فقط محليّة (Jaffa)، وأيضًا بسبب فخامة بيت المختار الذي لم يتم هدمه. عمليًا نتحدث عن قرية كان وضعها الاقتصادي أفضل حالاً نسبة لعدد سكّانها، ومن الواضح أن صاحب البيت كان من أغنياء القرية".

وتابع: "نحن نرى أن البيت الأخضر هو جزء من الكنوز الضائعة على آثار نكبتنا عام 1948. وهنالك عدد كبير جدًا من القصور والأملاك الفلسطينيّة التي تمت مصادرتها وتمّ استعمالها من قبل الاحتلال، ومن أشهرها البيت الأخضر في الشيخ مونّس الذي يخضع حاليًا لإدارة جامعة تل أبيب، القائمة أصلاً على أنقاض القرية، والتي رفضت أن تعترف بهذه الحقيقة حتى بعد الضغوطات التي قمنا بها قبل عدّة سنوات في الحركة الطلاّبيّة (جفرا) لحزب التجمّع والمحاضرين اليساريين المعادين للصهيونيّة".
وأضاف أبو شحادة: "باعتقادي استعمال الأملاك من قبل مؤسسة علميّة، كجامعة تل أبيب، لهو جريمة أكبر من الاحتلال وصادفنا خلال السنوات الأخيرة تعنّتًا ورفضًا لطلباتنا، وحتى تجاهلاً لمطالبنا التي أرسلناها وقتها إلى إدارة الجامعة عدّة مرّات من أجل وضع لافتات تصف التاريخ الفلسطيني وحقيقة ما حصل في النكبة، وكونها مبنية على أنقاض القرية. كما رفضت الجامعة ذكر تاريخ البيت الأخضر ووضع لافتة تشرح عن تاريخ البيت. حاليًا تبقـّى ما يقارب 11 بيتاً، مأهولاً في القرية من قبل عائلات يهوديّة".
وأنهى قائلاً: "إن رفض وتجاهل الجامعة وعدم استعدادها للتعامل مع الصحافة والمحاضرين اليساريين ومعنا، الناشطين والطلاّب الجامعيين العرب، ومع مطالبنا العادلة، لهو إثبات قاطع لصدق روايتنا الفلسطينيّة وعدالتها وعدم قدرة المشروع الكولونيالي الصهيوني على أن يتعامل مع حقيقة تاريخ هذه البلاد".
وفي حديث مع الطالب وسيم حجّو، السكرتير الحالي للحركة الطلاّبية "جفرا"، قال لـ"العربي الجديد" إن "قضيّة البيت الأخضر هي جزء لا يتجزأ من قضيّة قرية الشيخ مونّس. أنا شخصيًا عرفت عن وجود هذا البيت في السنة الدراسيّة الأولى في الجامعة، حينما كانت هنالك أمسية لتوزيع منح من قبل جامعة تل أبيب في ساحة البيت. وبعد سنتين اكتشفت أن هذا كان بيت المختار، الذي تحوّل إلى قاعة وساحة أفراح، ومستأجرو البيت يطلبون أسعاراً خياليّة لتنظيم أمسيات وحفلات ومناسبات مختلفة، لكونه بيتًا جميلاً وذا طابع هندسيّ خلاّب. لا أحد يعلم من هم المسؤولون عن هذا البيت حاليًا، الذي يخدم هؤلاء المسؤولين الذين يروجون له وكأنه بيت ذو طابع غربيٍّ وليس عربيًا أو فلسطينيّا وذلك من خلال تغيير بعض من معالمه الشرقيّة وإضافة لمسة غربيّة من أجل طمس الطراز العربي الفلسطينيّ الأصليّ".
وأضاف: "نحن كطلاب دائمًا نحاول مطالبة إدارة الجامعة بالاعتراف بموضوع النكبة والشيخ مونّس، والبيت الأخضر هو قسم من هذه القضيّة وطبعًا بالقرب منه هنالك موقف سيّارات بني على أنقاض مقبرة أهل القرية، كجزء من طمس معالمها ومحوها. في النهاية، البيت الأخضر هو رمز لبقائنا واحتلال أراضينا وبيوتنا وتحويلها إلى معالم أخرى متنكّرة للحقيقة. اليوم للأسف أغلب الطلاب الفلسطينيين العرب لا يهتمون بالناحية التاريخية، ولا حتى الشخصيّة، بقضيّة البيت الأخضر الذي من جهتهم هو بيت جميل متواجد بالقرب من بوابة رقم 17 للجامعة. المشروع الحقيقي من جهتنا هو الاعتراف بالنكبة وليس فقط كشف حقيقة البيت الأخضر، فالمطلب لا يحصل بشكل سنوي. من الممكن أن نطالب مثلما طالبت حركة الطلاب في السابق، ولكن يجب أن ندرس الموضوع كي ننجح في تطبيق الفكرة وهي المطالبة بالاعتراف بشكل عام، وعلى المجرم أن يدفع الثمن ويجب أن تكون الأمور مطروحة بشكل علني، وليس بالسر، هكذا حسب رأيي يتم إنهاء الحرب بين الأعداء".