حكم بسجن طفل عراقي عاماً لسرقته مناديل ورقية

حكم بسجن طفل عراقي عاماً لسرقته مناديل ورقية

26 اغسطس 2016
الأطفال ضحايا الصراع في العراق (الأناضول)
+ الخط -

أثار إصدار القضاء العراقي حكماً بالسجن عاماً كاملاً على طفل متهم بسرقة مناديل ورقية انتقادات لاذعة للحكومة العراقية والمنظومة القضائية في البلاد، في وقت تستمر فيه المطالبات الشعبية بالكشف عن مصير الأموال المنهوبة وكشف ملفات الفساد التي يتهم بها كبار السياسيين في الدولة.
وأعرب إعلاميون وكتّاب وناشطون عن استيائهم واستغرابهم الشديد من القرار القضائي بحق الطفل، معتبرين أنها سابقة خطيرة في تاريخ القضاء العراقي في ظل انتشار الفوضى والفساد في عموم البلاد.
وانتقدت مفوضية حقوق الإنسان الحكم القضائي بسجن الطفل، وقال رئيس المفوضية، مسرور أسود، في تصريح صحافي، إن "المفوضية تحترم قرارات القضاء العراقي، ولكن الحكم بالسجن على طفل عاماً كاملاً يعتبر قاسياً ومضراً بالمنظومة الاجتماعية في العراق".
وأضاف أسود "قرار المحكمة عقوبة قاسية، خاصة أن الطفل اتهم بسرقة أربع علب مناديل ورقية لا تتجاوز قيمتها ستة آلاف دينار عراقي (4 دولارات)، فيما تبلغ كلفة سجنه في المركز الإصلاحي يومياً بحدود 40 ألف دينار عراقي (26 دولارا تقريبا)".
موضحاً أن "القرار القضائي بحق الطفل يحمل الكثير من السلبيات، أولها وضع الطفل في مركز إصلاحي مع المجرمين الذين قد يؤثرون في سلوكه وتصرفاته، وأن الطفل أقدم على السرقة نتيجة لفقره وعوزه المادي الشديد. المفوضية طالبت بشكل مستمر بضرورة تشريع قانون للعقوبات البديلة في البلاد يخص الجرائم غير المتعمدة، وأن يتضمن القانون عقوبة للحدث تحت رعاية والده".
ونشر إعلاميون عراقيون تفاصيل أخرى عن القرار القضائي بحق الطفل الذي اتهم بسرقة مناديل ورقية، والذي حكم عليه في إحدى محاكم مدينة المثنى، جنوب البلاد، بالسجن عاماً كاملاً.
وقال الإعلامي والناشط المدني مؤيد جبير، إن "طفلاً نازحاً من الأنبار دفعته ظروف التشرد وسنوات الضياع إلى سرقة مناديل ورقية لبيعها في الطرقات لعيش أهله، تحكم عليه محكمة في محافظة المثنى بالسجن سنة".
وتسائل جبير "أي عدالة وأي قانون هذا الذي تطبقون؟ لا شك أن ما وصل إليه الطفل من عمل محرّم شرعاً وقانوناً تتحمل مسؤوليته الحكومة والمجتمع قبل الأسرة".
ونشر ناشطون صوراً لهوية الأحوال المدنية الخاصة بالطفل المحكوم بالسجن، بيّنت أنه يدعى مصطفى وجدان خلف، من مواليد عام 2004، أي أن عمره لا يتجاوز 12 عاماً.
واعتبر حقوقيون أن قرار المحكمة بحق الطفل كان مجحفاً وغير إنساني، مطالبين بالأخذ بنظر الاعتبار صغر سنه ووضعه المادي المعدم. وقال الحقوقي ياسر العبيدي إن "قرار المحكمة بسجن الطفل شكل صدمة لنا كمتخصصين، ولم يكن القرار حكيماً أبداً، فالطفل لا يتجاوز عمره 12 عاماً، واتهم بسرقة مناديل ورقية بسبب فقره الشديد، حيث كان ينوي بيعها ليجلب الطعام لأسرته".
وأضاف العبيدي لـ"العربي الجديد": "لا يمكن أن يكون القضاء العراقي بهذه الازدواجية الغريبة، ففي الوقت الذي نطالب فيه بكشف ملفات الفساد ومعرفة مصير مليارات الدولارات المسروقة من قبل كبار السياسيين، لم نجد القضاء يجرؤ على محاسبتهم، لكنه أصدر قراراً سريعاً على هذا الطفل بالسجن عاماً كاملاً".
وطالب ناشطون مدنيون الحكومة العراقية بالإفراج عن الطفل وتوفير مستلزمات المعيشة لأسرته، معتبرين أن قرار المحكمة كان انتهاكاً لحقوقه. واعتبر الناشط المدني، سامر المجمعي، أن "الجانب الإنساني يؤخذ بنظر الاعتبار في كل القوانين والمحاكم في مختلف بلدان العالم إلا في العراق نفاجأ يومياً بقرارات مجحفة أشدهاً إيلاماً سجن طفل صغير لعام كامل بحجة سرقة مناديل ورقية".