الدولار مفتاح توظيف الشباب العراقي في المؤسسات الحكومية

الدولار مفتاح توظيف الشباب العراقي في المؤسسات الحكومية

15 اغسطس 2016
يبحثون عن فرص عمل بديلة (ماريو تاما/ Getty)
+ الخط -
يجد العاطلون عن العمل من خريجي المعاهد والجامعات العراقية أنفسهم أمام خيارين لا ثالث لهما، أولهما الضياع في زحمة التدهور الأمني والاقتصادي وفقدان مستقبلهم، والثاني البحث عن وسائل بديلة لإيجاد فرصة عمل عبر التعيين في دوائر ومؤسسات الدولة، لكن من خلال وسائل غير شرعية.

وهذه البدائل لا تخرج عن البحث عن محسوبية هنا أو هناك، لإيجاد فرصة للتعيين في تلك الدوائر مقابل مبالغ مالية كبيرة كرشاوى للحصول على فرصة للعمل أو التعيين الوظيفي ولا يقدر أغلبهم على دفع تلك المبالغ، لكن كثيراً منهم يجدون أنفسهم مضطرين لذلك.

ومنذ عام 2003 بدأ الفساد الإداري والمالي يعصف بمؤسسات ومفاصل الدولة، في ظل عدم وجود رقابة حقيقية تكافح عمليات الفساد، وصارت الرشوة أمراً عادياً جداً، بما في ذلك لمسؤولين كبار في الدولة مقبل إنجاز معاملة أو الحصول على وظيفة.

وأعرب برلمانيون عراقيون عن تلقيهم شكاوى من مواطنين تفيد بمساومتهم لدفع نحو 10 آلاف دولار أميركي مقابل الحصول على وظيفة في دوائر ومؤسسات الدولة.

وكشفت النائبة في البرلمان العراقي، شروق العبايجي، في تصريح صحافي، عن تلقيها شكاوى من مواطنين قالوا فيها إنهم اضطروا لدفع مبالغ وصلت إلى 10 آلاف دولار أميركي مقابل الحصول على وظيفة في دوائر الدولة العراقية.

وذكرت العبايجي، خلال مؤتمر صحافي في بغداد، في وقت سابق، أنّ "هناك مشكلة كبيرة تواجه مؤسسات الدولة، وهي التعيين عبر المحسوبية والواسطة".



وأوضحت أن "مجلس الوزراء العراقي قرر أن يعلن عن التعيينات عبر المواقع الرسمية لمؤسسات الدولة، ولكن هذا الأمر يتعارض مع ما تضمنته الموازنة التي تم التصويت عليها في البرلمان العراقي".

وبينت العبايجي أنه "يجب أن تكون الأولوية في التعيينات لأصحاب الأجور اليومية والعقود، وخاصة الذين مضى على عقودهم ثلاث سنوات".

تأتي هذه التصريحات في وقت تستمر فيه المطالبات الشعبية بالكشف عن ملفات الفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة في البلاد، حيث تجتاح العاصمة مظاهرات شعبية حاشدة بين آونة وأخرى تطالب الحكومة بمكافحة الفساد.

ويعتبر الحصول على وظيفة في العراق من أصعب ما يواجه الشباب بشكل خاص، والخريجين منهم على وجه التحديد، حيث تعج شوارع العراق بالعاطلين عن العمل وأغلبهم من الخريجين من كلا الجنسين.

ولعب نظام المحاصصة السياسية الذي تبنته الأحزاب والكتل السياسية في العراق دوراً كبيراً في حصر الوظائف في مناصري تلك الأحزاب ومؤيديها دون غيرهم، ما جعل فرصة الشباب المستقلين ضئيلة جداً إلا بعد دفع مبالغ طائلة إن امتلكوا المال.

ودخلت الرشوة مقابل التعيين كافة مفاصل ومؤسسات الدولة، وشملت حتى عقود التسليح وعقود الوزارات والدوائر الأمنية والعسكرية والزراعية والصحية والتجارية وغيرها، ما أدخل البلاد في فوضى الرشوة التي أكلت الكثير من مقدرات البلاد.

ويقول خبراء، إنّ العراق يغرق في فوضى الرشوة والمحسوبية والواسطة، وبإمكان من يدفع أكثر أن يحظى بفرصة عمل أو وظيفة في أفضل الدوائر والمؤسسات.

ويوضح الخبير في إدارة المؤسسات الحكومية، حازم السماوي، أن "نظام إدارة مؤسسات الدولة العراقية مختل للغاية ويفتقر إلى أبسط مقومات العمل الإداري، بسبب تعيين وزراء ومدراء عامين وفق نظام المحاصصة الطائفية والسياسية من دون الأخذ بالكفاءة والمهنية والنزاهة".

وبيّن السماوي لـ"العربي الجديد"، أنّ "دفع المال مقابل التعيين أمر لا يختلف عليه اثنان في العراق، وهذا ما رفع نسبة البطالة وسبب خسارة لكثير من الكفاءات العلمية الشبابية وتعيين أشخاص فاشلين بدلاً عنهم بسبب المال".

حسن العبيدي (33 عاماً) تخرج من الجامعة منذ 10 أعوام ولم يتمكن من الحصول على وظيفة، ما اضطره إلى العمل في مشاريع البناء كحال الآلاف من الخريجين الآخرين.

يقول العبيدي لـ"العربي الجديد"، حاولت بشتى الطرق الحصول على وظيفة لكنني فشلت، فقد طلب مني مبلغ كبير وصل إلى أكثر من 10 آلاف دولار مقابل الحصول على وظيفة، ولا أملك هذا المبلغ، لكن غيري تمكنوا من الحصول على التعيين بعد أن دفعوا المال".

لكن ياسر عمر (37 عاماً) تمكن من الحصول على وظيفة، موضحاً "لم يكن أمامي خيار آخر فدفعت مبلغ 10 آلاف دولار وحصلت على الوظيفة".

 

 

دلالات

المساهمون