عيد الضفة الغربيّة في ظلّ انتفاضة وشهداء وجرحى

عيد الضفة الغربيّة في ظلّ انتفاضة وشهداء وجرحى

05 يوليو 2016
الأسواق تنتظر الزبائن (العربي الجديد)
+ الخط -
أصرّ الأسير الفلسطيني المصاب، عزمي سهل نفاع، (21 عاماً)، وهو من سكان مدينة جنين شمال الضفة الغربية، أن يعيش والداه وبقية أفراد العائلة في شهر رمضان حياةً طبيعية، وأن يستقبلوا جميعاً العيد بالبهجة والفرح، كأنه موجود بينهم. كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد اعتقلت نفاع، الطالب في كليّة الحقوق في جامعة النجاح الوطنية في مدينة نابلس (شمال الضفة الغربية)، بعدما أطلقت النار عليه وأصابته أثناء مروره قرب حاجز زعترة العسكري (جنوب نابلس) في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بتهمة دهس جنود إسرائيليّين.

بالنسبة إلى والده سهل، فقد كان طلب ابنه صعباً. مع ذلك، يحلو له التقيّد بما قاله ابنه الأسير، على الرغم من أنه لا يرغب في ذلك. كيف له أن يعيش سعيداً وابنه عزمي جريح وأسير؟ يقول إنه يودّ لو يعانقه، وقد اشتاق إليه كثيراً ولا يريد إلا الاطمئنان عليه. يحاول الأب ألّا يشعر بقية أبنائه أن الحياة قد توقفت. لذلك، يوفّر كلّ مستلزمات العيد، من دون أن يشعرهم بوجود أي نقص. يقول: "هذا العيد ليس كأي عيد في ظل أجواء الانتفاضة وسقوط شهداء وأسرى وجرحى".

غسّان نبعة، وهو من قرية الزاوية (غرب سلفيت شمال الضفة)، يؤكد لـ "العربي الجديد" أن "زيادة عدد الشهداء في انتفاضة القدس الحالية، والذين تقتلهم قوات الاحتلال في مختلف مواقع مختلفة، يجعل الناس لا يشعرون بالاستقرار في حياتهم اليومية".



على الرغم من مرافقته أبناءَه الصغار في سوق مدينة رام الله لشراء ملابس العيد، إلا أن عمر حمد، وهو من سكان مخيم قلنديا (شمال القدس والقريب من رام الله)، لا يتقبّل فكرة الشراء نظراً للظروف السياسية الراهنة وما تعانيه الأراضي الفلسطينية من عمليات إعدام للفلسطينيين. يقول لـ "العربي الجديد"، إنه "في حال لم يكن قريبك شهيداً أو أسيراً أو جريحاً، فإن جارك أو أحد معارفك قد أصابه من الاحتلال ما أصابه. لكنه العيد ويجب أن تستمر الحياة".

في العيد، عادة ما يُقبل الفلسطينيون على شراء الفاكهة واللحوم والحلويات والمكسّرات والملابس والأحذية الجديدة. لكن في ظلّ الظروف الاقتصادية الصعبة وعدم ازدياد الدخل، قد يلجؤون إلى شراء نصف الكميات المعتادة، أو استخدام الملابس والأحذية عينها في أكثر من مناسبة. في هذا السياق، يقول إبراهيم الأسمر، الذي يملك متجراً وسط مدينة رام الله، لـ "العربي الجديد" إنه "في العام الماضي، كان الإقبال على الشراء أفضل. اليوم، هناك غموض في الجو العام ولا أحد قادر على التكهن بما قد يحصل".

وعلى الرغم من العروضات الكثيرة والحسومات في الأسعار، يلاحظ الأسمر أن نسبة المبيعات قلّت بالمقارنة مع العام الماضي، وصار المواطن يشتري ما يراه ضرورياً فقط. الأمر الذي يؤكده عيسى زايد من رام الله، وهو موظف في وزارة التربية والتعليم. يقول لـ "العربي الجديد" إن غلاء الأسعار في مقابل عدم زيادة دخل الموظفين، جعل المواطن يقلّل من مشترياته مكتفياً بالأساسيات. يضيف أن "الانتفاضة الحالية دفعت الناس إلى الاكتفاء بشراء الأمور الأساسية، وكأنّه صار هناك تضامن بين الناس". الأمر نفسه تؤكده إيمان عبدالرحمن من رام الله، وترى أن الالتزامات العائلية كان لها دور كبير في تقنين المواطن الفلسطيني مشترياته، والتركيز على الأساسيات فقط.

أخيراً، استبشر التجار خيراً بعدما ألغت سلطات الاحتلال تصاريح الدخول إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948خلال شهر رمضان وعيد الفطر، ما قد يشير إلى احتمال انتعاش حركة البيع. إلا أن العديد من التجار يؤكدون لـ "العربي الجديد" أن هناك ركوداً في الأسواق وحركة الناس أقلّ بالمقارنة مع العام الماضي. بالمقابل، يعدّ رأي التاجر مالك محمد مختلفاً. محمد الذي يملك محلّاً لبيع الملابس في مدينة رام الله يلفت إلى أن "الناس الآن يشترون حاجياتهم الأساسية، خصوصاً ملابس الأطفال".

إلى ذلك، يؤكّد المحلّل الاقتصادي، نصر عبدالكريم، في حديث لـ "العربي الجديد"، أنه "يصعب رصد الظاهرة إلّا بعد انتهائها، وإن كان هناك مؤشّرات على نجاح موسم العيد لهذا العام، في ظلّ إلغاء التصاريح. بالتالي، سيُقبل المواطن الفلسطيني على الشراء من أسواق الضفة الغربية بدلاً من الأسواق الإسرائيلية، التي تحتوي على بعض السلع الجذابة بطبيعة الحال". لكنّه يؤكّد أن أوضاع الناس الاقتصادية أصعب وأسوأ بالمقارنة مع العام الماضي، كما تشير استطلاعات الرأي. يضيف أن "المواطن الفلسطيني صار أكثر حذراً في استهلاكه، علاوة على أن الاقتصاد الفلسطيني يعاني أصلاً من ركود".