ألعاب أطفال غزة في رمضان.. مفرقعات ونار

ألعاب أطفال غزة في رمضان.. مفرقعات ونار

13 يونيو 2016
ألعاب أطفال غزة في رمضان (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

يغادر الطفل محمد بلبل مسرعاً برفقة أشقائه الصغار مائدة الإفطار الرمضانية، متجهين إلى بوابة منزلهم في حيّ تل الهوا جنوبي مدينة غزة، والتي يجتمع أمامها أطفال الجيران، الذين جهزوا "عتادهم الرمضاني"، كي يبدؤوا جولة جديدة من جولات "الحرب الوهمية".

انفجارات وألعاب نارية، وصواريخ أطفال، هي ملخص حكاية الألعاب التي تشتعل شرارتها الأولى فور تناول الإفطار الرمضاني، وتمتد حتى انتهاء صلاة التراويح، لتعكس مشهداً يحاكي الحروب الثلاث التي مر بها قطاع غزة، والتي تركت أثرها النفسي على الأطفال، رغبة في عكس مشاهدها على ألعابهم.
الهواية التي واجهت انتقادات وتحذيرات من مؤسسات حقوقية ووزارات وأهالي؛ بدأها الأطفال منذ سنوات، لتتحول إلى ظاهرة رمضانية، تعتبر عند الأطفال "نكهة الشهر الفضيل"، الذي يستحيل تخيل مشاهد ليله بدونها.

شغف الأطفال لم يتوقف عند الألعاب النارية المُصنعة والتجارية، بل سعوا إلى تطوير بعض منها عبر صناعة ألعاب قوية الاشتعال، مثل حشو سدادتين من السدادات البلاستيكية بمادة صواريخ الألعاب البسيطة وإشعالها، لتعطي شكلاً مثيراً من أشكال الاشتعال، إضافة إلى إشعال "سلك الجلي" المستخدم في غسل أواني الطبخ والتلويح به، ليعكس مشهداً آخر من مشاهد هوايتهم الغريبة.

ويقول الطفل بلبل إنه ينتظر بفارغ الصبر أذان المغرب كي يجتمع وأصدقاؤه، ويبدؤون إشعال ألعابهم في الأرض الفارغة المقابلة لمنزلهم، موضحاً أنهم يحاولون الابتعاد عن أماكن تواجد الناس والمساجد، بسبب "البهدلة" التي تلقوها، بعد أن رمى أحد أصدقائه مفرقعة أمام مسجد، لحظة الدخول لصلاة التراويح.
ويوضح صديقه كامل حميد، أنه يدرك خطورة تلك الألعاب في حال تم استخدامها بشكل خاطئ، خاصة بعد نشوب حريق صغير في ممر منزل جيرانهم العام الماضي، مضيفاً: "نحن لا نؤذي أحداً، نحاول فقط الترفيه عن أنفسنا، تعرضنا للتوبيخ كثيراً، لكننا نحب هذه الهواية، ونتجنب الأذية".
ولا تقتصر الظاهرة على منطقة دون الأخرى، حيث يخرج الأطفال من بيوتهم فور تناول طعام الإفطار، إلى البقالات والمحال التجارية لشراء الحلويات والمسليات، إلى جانب الألعاب النارية، كي تبدأ جولات من المشاغبة التي تستمر حتى صلاة التراويح، أو بعدها.

في منطقة النصر، بجوار مسجد الصفا تحديداً، بدأ الأطفال جولة من "شقاوتهم" الرمضانية، ويقول الطفل بلال الحلو إنه لا يمكنهم اللعب خلال نهار رمضان لأنهم صائمون، وبسبب الأجواء الهادئة، لكن بعد الإفطار، يجتمع هو وأشقاؤه وأصدقاؤه للعب مقابل منزلهم.
ويقول شقيقه وسيم الذي انشغل بإشعال المفرقعات الصغيرة و"سلك الجلي" أنه لا يتخيل رمضان بدون هذه الأجواء.

من ناحيته، يوضح الخبير النفسي، الدكتور محمود صيام، أن اتجاه الطفل إلى هذا النوع من الألعاب لا يعد ظاهرة مرضية في حال لم تتسبب بأذى لنفسه أو لأحد، مبيناً أن الطفل يمر بمراحل عمرية، وطفولة متأخرة من السنة الخامسة حتى العاشرة من عمره، يحاول خلالها إظهار شخصيته القوية، وأن لديه القدرة على إثارة الانتباه، وغالباً ما يكون ذلك عبر الألعاب النارية والحركات البهلوانية.
ويشير صيام لـ"العربي الجديد"، إلى أن زيادة الأمر عن حده يمكن اعتباره "اضطرابا في السلوك"، وأن ميل الأطفال للعنف والاعتداء على حقوق الآخرين بحاجة إلى توجيه من الأهل والمرشد النفسي، موضحاً أن الحروب التي مرت بغزة أثرت على أسلوب اللعب عند الأطفال، واتجاههم للعب بالمسدسات والرشاشات البلاستيكية والخشبية.


المساهمون