أكاديميون وباحثون يحذّرون من خطر الانقسامات في ليبيا

أكاديميون وباحثون يحذّرون من خطر الانقسامات في ليبيا

05 مايو 2016
من الندوة (العربي الجديد)
+ الخط -

حذّر أكاديميون وباحثون من خطر الانقسامات ودعوات الانفصال التي تهدد ليبيا، معتبرين أن هذه الدعوات بدأت تظهر بشكل جلي مع الاختلافات السياسية، الأمر الذي يساهم في تفكيك النسيج الاجتماعي الليبي، ويغذي الصراعات القائمة حاليا، مما قد يعمق الأزمة ويقوي الإرهاب والجماعات المتطرفة في ليبيا.

وتطرق الباحثون في ندوة دولية، اليوم الخميس، بالأرشيف الوطني التونسي، بعنوان "العيش المشترك في ليبيا"، إلى خطر الانقسام ودور النخب والمجتمع المدني في حل الأزمة الليبية.

وأكدّ الباحث في جامعة بنغازي، نجيب الحصادي، لـ"العربي الجديد"، أنّ الانقسامات والشروخ الموجودة الآن في ليبيا، عميقة جدا، مبينا أن النخب يتحملون مسؤولية هذه الشروخ". وذكر أن لليبيين تاريخا مشرفا في التعايش السلمي والتماسك الاجتماعي، معتبرا أنه بعد ثورة فبراير/شباط 2011، فإن الصراعات السياسية، وغياب الدولة، وبحث البعض عن النفوذ، أجَّجَ الصراعات الداخلية، ومشاعر الكراهية والبغض تجاه الآخرين، رغم الجهود التي تبذل الآن من أجل المصالحة، ولم شتات الليبيين.

وأوضح الحصادي أنّ العيش المشترك ضروري، بالنظر لحجم الوعي العميق بخطر التنظيمات الإرهابية في ليبيا، وتهديدات تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) للمدنيين، مبينا أن مسقط رأسه "درنة"، التي قاست طيلة الأعوام الماضية من ويلات هذا التنظيم، كما تعاني "سرت" اليوم وبشكل متكرر من بطش "داعش"، خاصة أن الصراع أصبح علنياً.

وأبرز أن الليبيين يرفضون الإسلام السياسي برمته، وبجميع أطيافه وألوانه، وأن الوعي بالمخاطر كبير، وأنّ "التنظيم القبلي في ليبيا لعب دورا مهما في التماسك الاجتماعي، خاصة في ظل غياب الدولة طيلة 5 سنوات"، مشيرا إلى أن القبيلة يجب أن تعرف حدودها في التعامل مع السياسة، فقد حان الوقت لكي تكون ليبيا دولة مدنية مبنية على حقوق المواطنة، وليس على الحقوق العرقية المرتبطة بالقبلية.


بدوره، قال رئيس قسم الاجتماع في جامعة بنغازي، الدكتور عوض عبد الرحمن الأحاول، لـ"العربي الجديد"، إنّه بعد ثورة فبراير/شباط 2011، حصلت عدة انقسامات في المجتمع الليبي، وحصلت أيضا توجهات اجتماعية وسياسية متعددة، أدت إلى انهيار اقتصادي وسياسي واجتماعي، نتيجة جري البعض وراء مصالح سياسية وحزبية ضيقة.

ودعا الأحاول إلى ضرورة معالجة هذا الانقسام تحت مظلة العيش المشترك، والإيمان بفكرة ليبيا للجميع، مبينا أن المجتمع الليبي واحد، وأن من ميزاته الأساسية عدم وجود ديانات متعددة.

وأوضح أنّ هناك اليوم عدة دعوات للانقسام والانفصال، في الوقت الذي يجب فيه تكريس البناء والتلاحم، "الأزمة عميقة وحان الوقت للنخب الليبية أن تلعب دورها عبر مقاربة علمية أكاديمية"، مشيرا إلى أن توحيد الليبيين ليس مستحيلا.

وأكد الباحث أنّ القبلية في ليبيا عائق سياسي واقتصادي، ففي شكلها الاجتماعي قد تكون مقبولة كتنظيم أسري، ولكن أن تتدخل في السياسة والقرارات وتنخرط في الدعوات للانفصال وفي الفصل المناطقي، فتلك هي الكارثة الكبرى.

ولفت إلى ما وصفه بـ"الوعي الكبير" في ليبيا اليوم، من الخطر الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، ومن الإرهاب الذي انتشر، ما جعل ليبيا تعاني والدول المجاورة كذلك، مؤكدا أن المقاومة يجب أن تكون ثقافية وفكرية أيضا.  

من جهته، قال الأكاديمي محمود أحمد أبو صوّة، لـ"العربي الجديد"، إنّ على النخب في ليبيا أن تلعب دورها، موضحا أن تدخلها حاليا في ليبيا لا يزال متواضعا جدا، ويعود ذلك- حسب رأيه- إلى كون النظام الذي كان سائدا في ليبيا، خاصة في عهد معمر القذافي، كرس هذا التباعد وعمل على إضعاف دور النخب، مبينا أنه وعلى مدى 4 عقود لم يكن يسمح للمثقفين الليبيين بلعب دورهم.

واعتبر الباحث أن هناك عدة مغالطات سوقت عن المجتمع الليبي، ومنها أنهم يعيشون رغد العيش، في غياب أي حديث عن الجهل والأمراض والفقر والمعاناة التي يتخبط فيها، وأوضح أنّ التواصل بين النخب والشعب كان شبه مفقود في ليبيا قبل الثورة، الأمر الذي جعل المثقفين لا يعرفون بعضهم البعض، ولا يتواصلون مع غيرهم من أبناء المجتمع، نتيجة الظروف والوضع السياسي.

وبين صوة، أن غياب القبضة الأمنية، ومؤسسات الدولة بعد الثورة، كرس للعنف الذي كان موجودا، ولكنه برز أكثر، كما أن السلاح غذى الصراعات وعمق الأزمة الليبية، معتبراً أن وضع ليبيا على الطريق الصحيح يحتاج إلى الكثير من الوقت، فالمسألة ليست مجرد تغيير نظام بآخر، بل أن يقبل الناس بالتغيير النسبي الذي قد لا يرضي الجميع.