لبنان: ندوة عن دور "الزبون" في استدامة الدعارة

لبنان: ندوة عن دور "الزبون" في استدامة الدعارة

19 مايو 2016
من الندوة (حسين بيضون)
+ الخط -


سلط كشف شبكة العبودية الجنسية في منطقة جونية شمال العاصمة اللبنانية بيروت، الضوء على المنظومة التي سمحت لمُسهلي الدعارة بتأسيس الشبكة الكبيرة وتشغيلها، بهدف تحقيق الكسب المادي.

​وبعكس العديد من الملفات الموسمية، التي تجد طريقها سريعاً إلى الرأي العام قبل أن تختفي وكأنها لم تكن، تتواصل فصول "شبكة جونيه"، وتلعب مؤسسات المُجتمع المدني المعنية بحقوق النساء، دوراً هاماً في تركيز التغطية الإعلامية على القضية، وتشجيع الاجتهاد القضائي الذي يسمح بتحويل المرأة التي تمارس الدعارة من مُتهم إلى ضحية تحتاج للإنقاذ، خصوصاً وأن دوافع العمل بالدعارة تتشابه من حيث الظروف الاقتصادية والاجتماعية، المقرونة بالترهيب الجسدي والمعنوي.

ولكل ضحية في هذا النوع من الجرائم يظهر مُجرم ومُسهل، وترى الجمعيات المدنية أن "الزبون" هو الحلقة الأساسية ورأس المال الذي تقوم الخدمات الجنسية والاتجار بالبشر لإرضائه وتلبية رغباته.

وتناولت "منظمة كفى عنف واستغلال" المعنية بحقوق النساء "دور الزبون في استدامة الدعارة والاتجار بالبشر"، من خلال ندوة نظمتها، بعد ظهر اليوم الخميس، في نقابة المحامين في بيروت، شارك فيها القاضي، فادي العريضي، والمدير التنفيذي للتحالف العالمي لإلغاء الدعارة، غريغوار تيري، ومسؤولة وحدة الاتجار بالبشر والدعارة في "كفى"، غادة جبور.

ورفضت جبور في كلمتها، فصل القانون اللبناني بين جريمتي الاتجار بالبشر والدعارة، "ومعاقبة ضحايا الدعارة على أنهن مذنبات من قبل المُجتمع والقانون، في مقابل حصول ضحايا الاتجار بالبشر على كل التضامن والتعاطف الشعبي والقانوني".



وعزت الناشطة النسوية تلك الظاهرة إلى "النظرة الاجتماعية الخاطئة إلى المرأة التي تمارس الدعارة، والتي تفترض أنها تقوم بذلك بشكل طوعي، أو لأنها تحب الجنس، أو ترغب في تحقيق ربح مادي منه، وهو أمر غير صحيح، ويظهر بوضوح التشابه الكامل بين ظروف ضحايا الاتجار بالبشر وضحايا الدعارة بمُختلف أنواعها".

ولفتت إلى أن "الفقر والبطالة والتشرد وعدم حيازة أوراق ثبوتية تدفع السيدات خصوصاً نحو دوامة الدعارة في ظل ارتفاع الطلب من قبل الزبائن"، واصفةً حالة الضحايا بـ"الدمار الشامل الذي يصيب الضحايا صحياً ونفسياً، حتى أن نسب الوفاة بين السيدات اللواتي تمارسن الدعارة ترتفع 40 في المائة أكثر من باقي السيدات".

كما اتهمت جبور الزبون بـ"استغلال المفاهيم التي يرسخها المجتمع الذكوري في إيذاء السيدات اللواتي يمارسن الدعارة، على الرغم من علمه في معظم الأحيان أن السيدة التي استأجرها مقابل وقت مُعين مُكرهة على تلبية كافة طلباته الجنسية حتى لو كانت غير آمنة".


وتشير إحصاءات مؤسسة "كفى" إلى أن "رجلاً واحداً فقط من كل 11 توقف عن طلب الخدمات الجنسية مقابل بدل مادي عند معرفته أن المرأة مُجبرة على تلبية رغباته".

وأكد القاضي العريضي أن "بروتوكول قمع الاتجار بالأشخاص، الذي وقع عليه لبنان عام 2005، حتّم تعديل العديد من القوانين المحلية لتوسيع تعريف الاتجار وتقديم المزيد من الحماية القانونية للضحايا".


وشدد العريضي على ضرورة "حصر اختصاص ملاحقة المُتهمين في قضايا الاتجار بالبشر بالقضاء العدلي، وكف تدخل أي مرجعيات أخرى (سياسية أو قضائية) في هذا الأمر".

وأثار وجود مالك المطاعم والملاهي التي شكلت واجهة شبكة العبودية الجنسية في جونية في السجن، عند كشف الشبكة، مجموعة تساؤلات عن وجود غطاء سياسي لعمل الشبكة، وزاد الشك مع تواري معظم المطلوبين الرئيسيين في القضية، بل وظهور أحدهم في أحد البرامج التلفزيونية المحلية للدفاع عن نفسه واتهام السيدات الضحايا بقبول واقعهن.

إلى ذلك، أشار القاضي إلى "تجريم القانون اللبناني لمُسهلي الدعارة والاتجار بصرف النظر عن وقوع الأذى الناتج عن هذه الجريمة من عدمه، وهو ما استوجب اجتهاداً قضائياً في حالات عديدة لمنع المُجرم من التحايل على القانون".

كما دعا إلى "إقرار نصوص قانونية تعاقب شراء الخدمات الجنسية وكافة أشكال تسهيل الاستغلال الجنسي للسيدات عن طريق الإنترنت أو بالطرق التقليدية، والحفاظ على سرية المحاكمات في قضايا الدعارة لحماية الضحايا من أثر نظرة المُجتمع إليهن".

بدوره، قال المدير التنفيذي لـ"التحالف العالمي لإلغاء الدعارة"، غريغوار تيري، إن المقاربة الشاملة التي تم تطبيقها في بلده لحماية الفرنسيات والمهاجرات من خطورة الاستغلال الجنسي تشمل "تعديلات شاملة في النظام التعليمي والأمني والقضائي والاجتماعي والنفسي في البلاد، إلى جانب تأمين تحالف دولي من الجمعيات الاجتماعية والقانونية لتقديم المأوى للنساء ضحايا الاستغلال، والمساعدة القانونية والحقوقية اللازمة، إلى جانب دعمهن مادياً لتحقيق استقلالية كافية تسمح لهن بمغادرة عالم الدعارة دون مشاكل".

وأكد تيري أن الظروف التي تدفع النساء لممارسة الدعارة تتشابه حول العالم، "فمعظم ممارسات الدعارة من السيدات المهاجرات أو السكان الأصليين للبلاد أو الفئات الأكثر تهميشاً ضمن المجتمع".