"لقاءات مع سوريين" في كتاب هولندي

"لقاءات مع سوريين" في كتاب هولندي

03 ديسمبر 2016
تنقل عتباً على الإعلام الهولندي (العربي الجديد)
+ الخط -
صدر في سبتمبر/ أيلول الماضي في هولندا كتاب بعنوان "لقاءات مع السوريين... الخلفية والثقافة لجيراننا الجدد" من إعداد المتخصصة النفسية الهولندية إيسلين فان دي ساند. الكتاب مجموعة لقاءات مع سوريين في هولندا، بالإضافة إلى تقديم تاريخي خاص بسورية منذ العصور القديمة إلى ما قبل اندلاع الثورة عام 2011.

فان دي ساند التي تلقب نفسها بـ"أم نور" تعرفت منذ زمن طويل على سورية عن قرب. عاشت هناك على فترات متقطعة بين عامي 1999 و2011. عملت خلال المرحلة الأولى بين 1999 و2005 لدى منظمة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا". وفي عدد من رحلاتها سافرت على امتداد نهر الفرات بقارب صغير، من مدخله في شمال سورية حتى الحدود العراقية السورية في موقع صالحية الفرات أو "دورا أوريبوس" (حصن أوروبا) المكان الذي سحرها وشدّها للعودة إليه مراراً. وقد فاجأ الكثير من قرّاء كتابها وجود "أوروبا" في سورية منذ عصر ما قبل الميلاد كما تقول فان دي ساند لـ"العربي الجديد".

تشير إلى أنّ تجربتها الطويلة في سورية كشفت لها عن وجود فجوات معرفية لديها بسبب عدم وجود أي معلومة مسبقة عن البلاد. بدأت في تعلم أشياء كثيرة هناك وانجذبت إلى الأهالي. عايشت من سورية الغزو الأميركي للعراق والحربين الإسرائيليتين على غزة ولبنان. كذلك، وجدت بلادها تغيرت هي الأخرى حين عادت إليها. تقول: "كنت أعيش ذلك الواقع لفترة طويلة، وحينما عدت إلى هولندا كان عدد من الحوادث قد وقع، من بينها مقتل المخرج الهولندي ثيو فان كوخ (على يد أحد المتطرفين) ما أدى إلى تبدل في تفكير الناس، وشعرت بالوحدة حينها على الرغم من كوني ولدت في هولندا".

تتابع أنّها لم تجد إجابة في السابق عن سؤال حول سبب تعلمها اللغة العربية، لكن بعد وصول السوريين إلى هولندا وجدت جواباً عملياً: "بإمكاني أن أشرح للهولنديين مدى أهمية الثقافة السورية الجميلة ومدى اتصالها بنا. أشعر بالسعادة لتعلمي العربية من أجل المساهمة في بناء هذا التواصل الضروري في هذا الوقت العصيب". تجد أنّ دورها التواصلي بين الشعبين الهولندي والسوري يمثل طريقة منها لردّ ما تلقته في سورية من ترحيب.

تلفت فان دي ساند إلى أنّ الكتاب الجديد استطاع من جهة أن يجمع عائلات سورية في هولندا، فتعرّف الناس على بعضهم البعض من خلاله. ومن جهة أخرى، استهدف الجمهور الهولندي فالكتاب قدم معلومات جديدة وصورة غير متداولة عن السوريين وسورية، من خلال النقل الحرفي لقصصهم. تضيف: "قدمنا الناس في الكتاب على أساس اختصاص كلّ منهم، كالموسيقي والطاهي والمهندس والتاجر. وبذلك، يجد القارئ الهولندي قريناً له بين شخصيات الكتاب، وهو ما يسهّل عملية التواصل والدمج واللقاء على قاعدة الموهبة والاختصاص، وهو ما يقربنا من المساواة والندّية، فيجد الناس ما يجمعهم رغم الاختلاف الثقافي والإثني".



تعتبر الكاتبة أنّ اللقاءات مع السوريين عكست مهاراتهم وإمكاناتهم، ما يساعد في بناء تحالفات جديدة للمتضامنين معهم في هولندا: "بعض الأشخاص، بعدما فرغوا من قراءة الكتاب، تواصلوا معي ليخبروني أهمية قراءته بالنسبة إليهم، قبل أن يستقبلوا أو يزوروا سوريين في منازلهم، وليتأكدوا من أنّهم كونوا صورة كافية عن السوريين. كذلك، فوجئ السوريون وتأثروا باهتمام الهولنديين بقراءة كتاب ينقل قصصاً سورية واقعية".

وعن أسلوبه تقول: "اللغة استخدمت كأداة تقريب في هذا الكتاب، ففي إحدى صوره جرى تركيب أحرف عربية لتقرأ من اليسار إلى اليمين كعبارة هولندية متداولة في المحادثة اليومية في ما يعني: كلّ شيء جيد. وذلك كدعابة لغوية تقرب الثقافتين المتباعدتين وتتجاوز التوقعات العامة".

يظهر الكتاب إمكانية ظهور بدايات جديدة تفيد الجميع كما تقول الكاتبة: "الآتون الجدد إلى هولندا بإمكانهم ملاحظة أشياء قد لا نتمكن من ملاحظتها، وسيلفتون انتباهنا إلى قضايا يجري إغفالها. وهذا يخلق فرصاً للتغيير الذي نحن في حاجة إليه". تأمل بأن "يفكر الهولنديون مجدداً أنّنا مرتبطون ببعضنا. لدينا علاقات هناك على المستوى السياسي وما شابه، ولدينا مسؤولية في تقديم يد العون في تلك المنطقة". تكشف فان دي ساند أنّ عدداً كبيراً من البلديات في أنحاء البلاد تحمّس لكتابها. وتنقل عن عدد من رؤساء البلديات خيبة أملهم من ضعف تغطية وسائل الإعلام الهولندية للكتاب.

المساهمون