البرلمان المصري يتمسك بالمراقبة "الأمنية" للمنظمات الأهلية

البرلمان المصري يتمسك بالمراقبة "الأمنية" للمنظمات الأهلية

27 نوفمبر 2016
تأكيد البرلمان على حماية "الأمن القومي" (محمد عابد-فرانس برس)
+ الخط -
رفضت لجنة التضامن الاجتماعي في مجلس النواب المصري إلغاء الجهاز القومي لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية، وإقرار قانون المنظمات الأهلية "لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي". في حين أن قانون المنظمات الأهلية المقترح من الحكومة، والذي أحالته إلى البرلمان للموافقة عليه يهدد مصير نحو 34 ألف جمعية أهلية، ويضيق نطاق عملها. 

ويمنع الجهاز القومي المنظمات الأهلية من القيام بأعمال ميدانية أو استطلاعات بدون تصريح، أو التعاون مع أي هيئات دولية بدون الحصول على الموافقات اللازمة، كما يبت في كل ما يتعلق بتأسيس وعمل ونشاط المنظمات الأجنبية غير الحكومية، بموجب القانون.

ويتولى إدارة الجهاز مجلس يضم في عضويته ممثلين عن وزارات الخارجية، والدفاع، والعدل، والداخلية، والتعاون الدولي، والتضامن الاجتماعي، وممثلين عن المخابرات العامة، والبنك المركزي، ووحدة غسل الأموال، وهيئة الرقابة الإدارية، بحسب القانون الذي يُراجع حاليا في مجلس الدولة، ويواجه اعتراضات حقوقية واسعة.

وسجلت الحكومة رفضها انفصال الجهاز عن وزارة التضامن، خاصة أن أقل من مائة منظمة أجنبية تعمل بتصريح في مصر، ويسهم القانون المقترح في تقليل هذا العدد، موضحة في مذكرة أرسلتها إلى البرلمان أنه ليس هناك حاجة إلى إنشاء جهاز مستقل له فروع في المحافظات، لتداخل عمل الجهاز والوزارة.

ورفضت اللجنة البرلمانية، في اجتماعها اليوم الأحد، مقترحاً آخر لوزارة التضامن بمنح مهلة أكبر للكيانات التي تمارس العمل الأهلي لتوفيق أوضاعها وفق أحكام القانون الجديد لتكون 12 شهراً، بدلا من مشروع البرلمان الذي نص على 6 أشهر فقط.

كذلك رفضت اللجنة مقترح الحكومة بإلغاء نص البند (ج) من المادة (8) بمشروع القانون، والتي تُلزم جماعة المؤسسين بتقديم صحيفة الحالة الجنائية لكل عضو منهم، وإقرار ذمة مالية له، إذ رأت وزارة التضامن ضرورة الاكتفاء بتقديم إقرار كتابي من كل عضو في جماعة المؤسسين بعدم تورطه في أية قضايا جنائية.

ورفضت اللجنة أيضا تعديلا حكوميا يقضي بتخفيض رسم قيد الجمعية إلى ألف جنيه بدلا من 10 آلاف جنيه، إذ اعتبر رئيس اللجنة، عبد الهادي القصبي، أن هناك محاولات غير مقبولة للتدخل في الشأن الداخلي للبرلمان من خلال أصحاب المصالح والمنتفعين، بحد قوله.

وزعم القصبي أن مشروع القانون لم يستهدف منع التمويل الأجنبي، بل "استهدف منع التمويلات المشبوهة لتدريب شباب المناطق الصحراوية على حمل السلاح، واغتيال النائب العام، ومحاولة اغتيال المفتي السابق علي جمعة!".






من جانبها، انتقدت رئيسة مجلس أمناء مؤسسة أهل مصر، هبة السويدي، في تصريحات صحافية اليوم الأحد القانون الذي يفرض المزيد من القيود على تلك الجمعيات، بهدف تحجيم دورها الاجتماعي، وإحالة إدارتها إلى الجهات الحكومية والأمنية رغم استقلاليتها.

وتعارض جهات حقوقية وجمعيات المجتمع المدني التضييق على عملها، إذ إن ما يقارب 34 ألف جمعية أهلية في مصر تواجه مصيراً قد يؤدي ببعضها إلى الإغلاق، والتوقف عن العمل. 

وأكدت السويدي أن "ما يحدث يعد مذبحة كاملة الأركان ضد تلك الجمعيات، بسبب اللجان التي ستشرف عليها من قبل وزارات الدفاع الداخلية والخارجية والتضامن والتعاون الدولي والعدل، إضافة إلى جهاز الاستخبارات العامة وجهاز الرقابة الإدارية ووحدة غسل الأموال في البنك المركزي"، نافية أن يكون هناك أي تمويل لتلك الجمعيات من جهات خارجية، وأن أنشطتها معلومة لدى الدولة، ولم تكن يوماً في منأى ومعزلٍ عن رقابة أجهزتها ومؤسساتها.

وأوضحت السويدي أن "المؤسسات الأهلية تولت حل الكثير من المشكلات التنموية في مناطق الريف، والحضر، والمناطق العشوائية في كل المحافظات، ورفعت المعاناة عن ملايين المواطنين، خاصة المحرومين من حقهم في تنمية مجتمعاتهم".

ولفتت إلى "مساهمتها في بناء المدارس والمستشفيات، وتوفير الطعام والعلاج لأسر فقيرة"، مذكرة بدور الجمعيات خلال الأعوام الماضية ومنها "الاهتمام بذوي الإعاقة، وتجهيز قوافل طبية لعلاج الأهالي، وتوصيل المياه إلى القرى، وتوفير الصرف الصحي وبناء البيوت، ومحو الأمية، وتأهيل السيدات المعيلات وتعليمهن مهناً، وتوفير وظائف لهن".

وأشارت السويدي إلى أن تلك الجمعيات كانت مكملة للحكومة خلال السنوات الماضية، وكانت تقوم بدور الدولة في الكثير من المواقف، ولم تنتظر عائداً معنوياً ولا مادياً، متسائلة: "أليس من الأجدر أن يناقش البرلمان قانون الاستثمار وغيره من القوانين كي تنهض البلاد؟".

وتوقعت أن تنتج عن القانون مشاكل كثيرة، لأنه يعطي للجهة الإدارية، وهي التضامن الاجتماعي، الحق برفض استلام أوراق الإشهار بحجة نقص الأوراق، والذي يعد رفضا تعسفياً، كما يشترط إيداع مبلغ قيمته عشرة آلاف جنيه عند إشهار الجمعية، بالإضافة إلى شرط موافقة اللجنة المزمع إنشاؤها على أي تمويل للجمعية.