ندرة الحليب تعيد طوابير التسعينيات لأذهان الجزائريين

ندرة الحليب تعيد طوابير التسعينيات لأذهان الجزائريين

14 نوفمبر 2016
ميدان الأمير عبد القادر في الجزائر (باسكال باروت/Getty)
+ الخط -


تعيد الطوابير الطويلة الممتدة أمام متاجر المواد الغذائية في شتى مناطق الجزائر، إلى الأذهان مشاهد عاشها الجزائريون في تسعينيات القرن الماضي الذي شهد أزمة طاحنة في البلاد عاشها ملايين الجزائريين ويخشون تكرارها.

ويقول السيد بوزار حميد، وهو أحد باعة المواد الغذائية من منطقة "بئر توتة" غربي العاصمة لـ"العربي الجديد"، "ليس من يسمع كم رأى، ومن عاش يروي قصة طوابير الخبز والزيت والحليب في ساعات الصباح الأولى، وقتها كانت كل المواد الغذائية تباع عبر طابور طويل، أو عن طريق القائمة".
يروي القصة العديد من المواطنين الذين تحدثت إليهم "العربي الجديد"، وقتها كانت الجزائر تعيش أزمة اقتصادية قاسية رافقتها الأزمة الأمنية التي أدخلت المواطن الجزائري في دوامة كبرى، بدءا من البحث عن لقمة العيش، والعيش في أمن واستقرار، لتجتمع أزمتان كلاهما أثرا في الحالة الاجتماعية للجزائريين.
القصة التي يعرفها الجميع باتت شبحا يخيف الجزائريين، "كانت تبدأ الطوابير مع الفجر تتشكل أمام محلات بيع الحليب والخبز، في صورة توحي أن الأزمة قادمة، وكثير من الناس يفكرون في شراء ما تيسر من الحليب، خصوصا الأسر كثيرة الأفراد" يقول أحد الزبائن.
ويقول أحد التجار "هي نفس الصور تظهر اليوم وتختفي، طوابير شراء أكياس الحليب وصناديق فارغة مكدسة على الأرصفة بعد نفاد الكميات المتوفرة، وعودة هذه الحالة راجع إلى نقص الإنتاج".
ويرجع البعض ندرة الحليب في الجزائر لأسباب كثيرة، حيث تستهلك الأسرة الجزائرية المكونة من خمسة أفراد ما يزيد على ثلاثة لترات من الحليب يوميا، فيما تشير أرقام الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين إلى أن البلاد تستهلك خمسة مليارات لتر سنويا.
ويؤكد الناطق الرسمي للاتحاد، الحاج الطاهر بولنوار، لـ"العربي الجديد"، أن أزمة الحليب تعود وتختفي لأسباب أولها أن الحكومة تدعم صناعة مسحوق حليب الأكياس فقط، أما بقية أنواع الحليب فهي غير مدعمة من الخزينة العمومية، مشيرا إلى أن اضطراب مادة حليب الأكياس في السوق الجزائرية راجع إلى أن الحكومة قلصت استيراد مسحوق الحليب، لتخفيض فاتورة الاستيراد.
ويضيف بولنوار، أن أزمة الحليب تتجدد، وخاصة في شهر رمضان وفي فصل الصيف بسبب اضطراب التوزيع لأن الإنتاج أقل بكثير من الطلب، حيث تنتج الجزائر ربع ما تستهلكه من مادة الحليب والباقي كميات مستوردة من الخارج.
وأضاف أن الجزائر لديها 190 وحدة تحويل مسحوق حليب مستوردة من الخارج، لافتا إلى أن الجزائر لا تنتج الحليب، إذ يوجد مليونا بقرة، وهو رقم منخفض مقارنة مع الطلب في السوق الجزائرية.
وبخصوص ندرة أكياس الحليب، كشف العديد من التجار أن مسحوق الحليب الذي يتم استيراده لا يخصص لإنتاج الحليب فقط، وهو ما يسبب ندرة قوية في مادة حليب الأكياس، حيث يتم تحويل جزء كبير من مسحوق الحليب إلى إنتاج مواد أخرى وصناعة بعض المشتقات.
وبحسب الخبراء فالجزائر بكثافتها السكانية البالغة 44 مليون نسمة، تحتاج إلى 10 ملايين بقرة حلوب، محملة الحكومة عدم تشجيع الاستثمار في الغذاء الحيواني، بالرغم من امتلاك الجزائر لآلاف الهكتارات من الأراضي الصالحة للرعي وتربية الأبقار.