"كرامات"... معرض يحاكي فقدان أشلاء الشهداء في حرب غزة

"كرامات"... معرض يحاكي فقدان أشلاء الشهداء في حرب غزة

31 أكتوبر 2016
المعرض رسالة للعالم عن معاناة الفلسطينيين(عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -


تناثرت أشلاء الفلسطيني هاني أبو حشيش خلال القصف الإسرائيلي والعدوان على قطاع غزة صيف عام 2014، ما اضطر ذويه لدفن نصف جسده بدون النصف الآخر. لكن الحادثة لم تكن عابرة على شقيقه الفنان محمد، الذي نفّذ معرضًا يحاكي كرامة دفن الإنسان بعد الموت.

"كرامات" هو اسم المعرض الذي افتتحه الشاب محمد أبو حشيش في مدينة غزة، يحاكي بفنه التشكيلي أطرافًا نحتية، تمثيلا لبعض الأطراف الآدمية التي فُقدت خلال عمليات الاستهداف المباشر للفلسطينيين خلال الحروب الماضية على غزة، استغرق نحو عامين على إنجازه.

المعرض سلّط الضوء على زوايا عديدة من الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، وانتهاك إنسانيتهم، خلال حروبه الماضية على القطاع، عبر القصف المباشر للمواطنين، والذي أدى إلى فقدان العديد من الأطراف البشرية للشهداء الغزّيين ودفنهم من دون أطرافهم كاملة.

ويوضح الفنان الفلسطيني أبو حشيش لـ"العربي الجديد"، أن "فكرة المعرض نبعت من أن كرامة الإنسان لا تقتصر على حياته فقط، بل بإكرامه بعد موته أيضًا". ومن ذلك المنطلق، عمل على طرح "كرامات"، خصوصاً بعد الحرب الأخيرة على غزة، التي أفقدت شهداء كثرا أطرافًا لم تدفن معهم بعد موتهم.

ويُعرّف أبو حشيش معرضه بأنه عمل تركيبي نحتي، ضم عددًا من الأعمال النحتية لأطراف البشر الآدمية، والتي صنعت بمواد مختلفة، كمادة شمع النحل والألمنيوم والجبس، ومن ثم تثبيتها على قواعد خشبية، كمحاكاة واقع الأطراف التي نثرتها آلة الحرب الإسرائيلية دون إيجادها.

فكرة المعرض صرخة في وجه الاحتلال الذي يحول الحياة إلى أشلاء -عبد الحكيم أبو رياش 


ويحاول الفلسطيني من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، توظيف دراسته الجامعية في مجال الفنون الجميلة على أرض الواقع، عبر إنتاج الأعمال النحتية التي تطرح فكرة ضرورة الحفاظ على كرامة الإنسان بعد موته، خاصةً أنه يجيد التعامل مع خامات وتقنيات الفن مثل سكب المعادن والقولبة.

"إخلاء" كلمة استخدمها الفلسطينيون كثيرا خلال الحرب الأخيرة على غزة، وظفها أبو حشيش في معرضه عبر مجسمات أقدام وضعها على سلالم نحتها بمادة الجبس. فالمصطلح استخدمه الإسرائيليون للإنذار بإخلاء البيوت قبل قصفها، لكن آلة الحرب الإسرائيلية تتعمد قصف الفلسطينيين ونثر أشلائهم.

مجسم الأقدام مستنبط من إنذارات الاحتلال للسكان بإخلاء منازلهم -عبد الحكيم أبو رياش 


زاوية أخرى توسطت قاعة المعرض، بعنوان "أطراف الخلية"، أظهرت أطرافًا لأناس استشهدوا في الحروب على غزة، ودفنوا في قبورهم دون أياديهم أو أقدامهم التي لم يُعرف مصيرها بفعل بطش الاحتلال. واستخدم الفنان الفلسطيني مادة "شمع النحل" في نحت تلك الأطراف، كونها الأقرب لمحاكاة طبيعة الإنسان.

ويضيف أبو حشيش أن المعرض يتناول كرامة دفن الميّت في الديانات السماوية جميعها، والتي تحث على إكرام دفنه، دون نقصان في أطراف الجسد، إذ أن الحرب الإسرائيلية على غزة ضيعت الكثير من الأطراف البشرية للفلسطينيين، متسائلاً عن موضع كرامة الميت في ممارسات الاحتلال بحق الغزّيين.

الإقبال على المعرض في غزة-عبد الحكيم أبو رياش 


من جهة أخرى، يوضح الفنان والنحات الفلسطيني، فتحي غبن لـ"العربي الجديد"، أن "كرامات" يطرح فكرة وقضية حساسة لدى الفلسطينيين، الذين فقدت أطرافهم في الحروب الإسرائيلية على غزة، مشيرًا إلى أن المعرض يمثل جزءًا من المعالجة التي تهدف إلى إيصال رسالة للعالم عن معاناة الفلسطينيين، وضياع كرامتهم بفعل الاحتلال.