ماهر مشعل الذي أنشد لـ "داعش"

ماهر مشعل الذي أنشد لـ "داعش"

18 اغسطس 2015
ظهر في أكثر من فيديو للتنظيم (العربي الجديد)
+ الخط -
لم يكن أحد يتوقع أن يتحول المنشد السعودي الشاب، ماهر مشعل، إلى "إرهابي"، هو الذي اشتهر بين المنشدين إثر مشاركته الناجحة في برنامج "الشقة" على قناة "بداية" الدينية. لكنه ترك الإنشاد ليقاتل في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية، "داعش"، على الرغم من أنه كان يحظى بشعبية كبيرة لدى مشاهدي القناة، كما حققت ألبوماته نجاحاً كبيراً.

كان يعرف بأنه معتدل دينياً. وأنشد للملك الراحل، عبدالله، نشيد "بايعناه". وفي أبريل/نيسان عام 2013، أعلن مشعل، عبر حسابه الشخصي على تويتر، أنه ذهب إلى سورية للانضمام إلى "داعش"، وصار اسمه أبو الزبير القصيمي. هذا الإعلان كان بمثابة صدمة لكثيرين لم يتوقعوا أن يأخذ الشاب هذا المنحى المتشدد، هو الذي كان ما زال في بداية حياته.

بعدها، اختفى مشعل لأشهر عدة، قبل أن يطل من جديد ليؤكد أنه لن يعود إلى بلاده، وظهر بعدها في أكثر من فيديو للتنظيم، وهو يتحدث عن الوضع في سورية، ويغري الآخرين بالالتحاق به، نافياً أية نية لديه بالعودة إلى بلاده وتسليم نفسه، كما فعل كثيرون من الذين التحقوا بالتنظيم. وشارك مشعل بصوته في انشاد "يا عاصب الرأس وينك" للتنظيم.

وقبل انقطاع أخباره تماماً، كان قد كتب: "أنا ماهر الذي خرج من بيته بنفس الفكر ونفس الهدي، لم يتغير فيني مثقال ذرة، دعواتكم بالثبات على ما أنا عليه".

بعدها، اختفى ذكر مشعل لفترة طويلة قبل أن يظهر أحد الحسابات التابعة للتنظيم ليعلن عن مقتله، في غارة لقوات التحالف الدولي في مدينة دير الزور (شرق سورية)، التي استهدفت مكاناً لمجموعة من أفراد التنظيم. في المقابل، يقول بعض الناس إن مشعل أعدم من قبل التنظيم لدى محاولته العودة إلى السعودية.

ونعى بدر العوفي، وهو مقدم برامج على قناة "بداية" الشاب، علماً بأنه كان على علاقة وطيدة به في بداية حياته الفنية. وكتب: "كنت تحب هذه البلاد وتحب جنودها، لكن غرر بك لطيبة قلبك وصفاء نفسك. لعنة الله على كل من غرر بك". وفي تغريدة أخرى، وضع صورة لمشعل وهو يحمل طفلاً، وكتب "بصحبتي في مناسبة سابقة".

من جهته، يؤكد مالك قناة "بداية"، عبدالعزيز العريفي، أن مشعل كان من الأشخاص المعتدلين دينياً، ولم تظهر عليه علامات التشدد والتطرف، بل كان شخصاً عادياً ومحباً للسفر. يضيف أنه "سافر إلى دول عدة، من بينها البحرين، وشارك في العديد من البرامج والفعاليات"، مستغرباً انضمامه للتنظيم. في الوقت نفسه، يشدد على أن قناة "بداية" الدينية ليست مسؤولة عن تصرفات من يحل ضيفاً عليها وهو خارج أسوارها. يضيف: "كل شخص يمثل نفسه، وليس للقناة سلطة على أحد خارج أسوارها".

من جهته، يؤكد الباحث في الجماعات الإرهابية وأستاذ العلوم السياسية، عبدالله العتيق، أن الدلائل تشير إلى أن مشعل لم يُقتل في الغارة الجوية المزعومة، بل قُتل غدراً على يد التنظيم لرغبته في العودة إلى السعودية، بعدما ثبت له زيف ما يسعى إليه. يقول لـ "العربي الجديد" إن "مشعل لم يُقتل على يد قوات التحالف كما يزعم التنظيم، بل عمد إلى تصفيته على غرار ما فعل مع كثير من السعوديين، الذين يذهبون إلى هناك ويكتشفون أنهم ضحية خدعة. فلو كان مشعل قُتل كما يزعمون بسلاح أميركي، لأظهروا صورته وتفاخروا بها كما يفعلون عادة. لكن لم تنشر أية صورة له بعد مقتله، وهذا دليل على أنه قُتل من خلال قطع الرأس".

وحول التغيير الذي كان في حياة مشعل، يقول العتيق: "مشعل، مثل كثير من الشباب السعودي، تربى على التزمت الديني، وكان ضحية خطاب صحوي متشدد زرع في عقله الصغير فكرة الجهاد وحور العين، وأن المجتمع الذي يعيش فيه فاسد وكافر". ويلفت إلى أن "مثل هذه العقول قد تتحول إلى الإرهاب". ويضيف: "هذا ليس حال مشعل فقط. لدينا الآلاف من أمثال هذا الشاب الذين ينتظرون الفرصة المناسبة للالتحاق بالتنظيم. وبعد مرور سنوات عدة، بدأنا نجني ثمار التنظير الديني المتشدد، علماً بأن علاج هذا الأمر سيحتاج إلى فترة طويلة، وربما أطول من تلك الفترة التي سمحنا فيها للمتشددين بالسيطرة على عقول الصغار". قد يكون مشعل أحد الضحايا، فهناك كثيرون غيره.

إقرأ أيضاً: لا أغاني بل أناشيد في الموصل

المساهمون