القمامة تهدّد بالسرطان... لا تحرقوها

القمامة تهدّد بالسرطان... لا تحرقوها

28 يوليو 2015
النفايات قد تؤدي إلى الإصابة بالأمراض (حسين بيضون)
+ الخط -

يبدو أن تلك المعاناة اليوميّة - المعيشيّة والسياسيّة والاقتصاديّة - لا تكفي لبنان واللبنانيّين، فتأتي النفايات لتهدد الصحة العامة. في بلد عاجز عن التخلص من نفاياته، تُعتمد سياسة "راوح مكانك"، بينما تقوم دول بمعالجة مخلفاتها لاستخراج الطاقة الكهربائية منها. ويشير الخبراء إلى أن من أبرز تهديدات هذه الأزمة، الإصابة بالسرطان على المدى البعيد، في حال لم تتخذ التدابير العاجلة للحد من مخاطرها.

تعلّق الاختصاصية في أمراض الجهاز التنفسي الدكتورة ميرنا واكد على الموضوع قائلة لـ "العربي الجديد" إن "حرق النفايات يحفّز ازدياد الأمراض الرئوية، لا سيّما الالتهاب الرئوي الحاد والانسداد الرئوي. أما الأكثر تعرضاً للأذى، فهم أصحاب المناعة الضعيفة وكذلك المسنّون والأطفال".

الكمامات ضرورة

وتشدّد واكد على أنه "من الأفضل وضع كمامات كحماية من تنّشق أبخرة الحرائق وانتقال الأمراض التنفسية، بالإضافة إلى إصابات جلدية متعددة. كذلك فإن للدخان المتصاعد من النفايات المحترقة، آثاراً بيئية عديدة على المدى البعيد". وتوضح أن "حرق النفايات التي تحتوي على مواد بلاستيكية، يؤدّي إلى انبعاث غازات منها أول أكسيد الكربون وثاني أوكسيد الكربون وغيرهما. وجميعها يؤدي إلى أمراض سرطانية".

لا بدّ من الكلس

من جهته، يقول الاختصاصي في الطب الداخلي الدكتور إيلي فرح لـ "العربي الجديد" إن "حرق النفايات سام ويزيد من الأمراض الرئوية. وفي حال بقيت من دون معالجة، يجب رشّها بالكلس الأبيض بشكل متواصل، تجنباً لتكاثر الحشرات والجرذان وغيرها".
وينبّه فرح من "انتقال الجراثيم من النفايات إلى الأطعمة، من خلال تزايد الحشرات. عندها، ثمة خطورة في ازدياد السموم".

مواد كيميائية وجراثيم

ويحذّر الخبير البيئي الدكتور ناجي قديح من مخاطر حرق النفايات من جهة ومن عدم معالجتها من الأخرى. ويناشد المواطنين من خلال "العربي الجديد" أن "يمتنعوا عن حرقها، إذ إنها تحتوي مكوّنات كثيرة عضوية وغير عضوية، ويترتّب عن ذلك انبعاث مواد كيميائية بكميات كبيرة بالإضافة إلى غازات وأبخرة ومركبات عالية السمية. وهو ما يشكّل خطراً كبيراً على الصحة العامة يتجاوز بأضعاف خطر انتشار النفايات في الشوارع من دون حرق".

ويشير قديح إلى أن "نفاياتنا وكما هو معروف، ليست من المنازل فقط، بل من المؤسسات التجارية وأحياناً الصناعية أيضاً، بالإضافة إلى مخلفات بعض العيادات الطبية وعيادات طب الأسنان والمختبرات. بالتالي قد تحتوي كميات متفاوتة من نفايات مصنّفة خطرة، تتسبّب عند حرقها بانبعاثات عالية السمية تحتوي على مواد كيميائية تؤدي إلى الإصابة بأمراض سرطانية وبخلل في الغدد الصماء وبأمراض مزمنة أخرى خطيرة ومميتة"، يضيف أن "أشخاصاً أكثر تحسساً وهشاشة من غيرهم يعيشون بيننا، مثل كبار السن والأطفال والرضع والنساء الحوامل ومرضى القلب والجهاز التنفسي والعصبي وغيرهم. فهؤلاء هم أكثر عرضة للمضاعفات لدى تنشّقهم الغازات الملوثة المنبعثة من الحرق العشوائي للنفايات، خصوصاً وأن هذا الاحتراق يكون غير كامل".

من جهة أخرى، يوضح قديح أن "بقاء النفايات على حالها من دون معالجة، يؤدّي إلى تخمّرها مع الوقت. ومع ارتفاع الحرارة تتكاثر البكتيريا والجراثيم، وتتزايد بالتالي الحشرات التي تنقلها".

أين وزارة الصحة؟

أما رئيس الهيئة الوطنية الصحية الاجتماعية الدكتور إسماعيل سكرية، فيشدّد لـ "العربي الجديد" على أن "أكوام النفايات تتراكم وتتمدّد في شوارع بيروت وغيرها من المناطق، مع كثير من المخاطر الصحية كأمراض الجهاز التنفسي والحمّيات كالسحايا والكوليرا وغيرهما. وترتفع نسبة هذه المخاطر ومفاعيلها مع أساليب الحرق البدائية التي تتسبب بانبعاث الغازات السامة الحاملة للمواد المسرطنة".
ويسأل سكرية: "ما هي الخطة التي وضعتها الوزارة لمواجهة هذا العدوان الصحي؟ أين دائرة الإرشاد الصحي؟".

انفجار المكبات

إلى ذلك، تشدّد رئيسة دائرة مكافحة الأمراض المنقولة في وزارة الصحة الدكتورة عاتكة برِّي في اتصال مع "العربي الجديد" ، على عدم جواز حرق النفايات. حرقها العشوائي من شأنه أن يلحق الضرر بالصحة، خصوصاً وأننا لا نعرف ما هو نوع تلك النفايات المرمية على الطرقات. حرق البلاستيك مثلاً يؤدي وإن لم يكن في الحال، إلى ازدياد حالات السرطان. كذلك، فإن ثمّة خطراً من انفجار عبوات مزيل الرائحة واحتمال أن تكون الانفجارات كبيرة في المكبات".
تضيف برّي أن "ثمة خوفاً من اختلاط النفايات المنزلية بتلك الطبية، وهنا تكمن الخطورة بعينها. وهو ما يحتّم التحذير من هذه المخاطر التي تضرّ بالصحة العامة والبيئة ككل". وتطالب برّي أيضاً البلديات "بوضع الكلس الأبيض حول مستوعبات النفايات، للحد من تكاثر البعوض والحشرات والقوارض"، في حين تؤكد على أن "المطلوب على وجه السرعة هو إيجاد حل سريع لهذه المشكلة كي لا نصل إلى حائط مسدود، ويدفع الناس بالتالي ضريبة من صحتهم وحياة أبنائهم".

اقرأ أيضاً: وزير البيئة اللبناني يُعلن حلاً لأزمة النفايات

المساهمون