جدال أوروبي على "توقيت مكة"

جدال أوروبي على "توقيت مكة"

25 يونيو 2015
لا نعلم شيئاً عن المسلمين خارج المساجد وكيف يصومون(الأناضول)
+ الخط -

أحدثت فتوى دار الإفتاء المصرية، الخاصة بالصيام في دول أوروبا على توقيت مكة المكرمة، ضجة كبرى وسط المسلمين هناك. فقبل صدور الفتوى عام 2013، كان المسلمون يصومون بشكل طبيعي، بالرغم من طول ساعات الصيام. فيما كانت قلة منهم تفطر وتقضيه لاحقاً.

الفتوى رددها بعد صدورها عن دار الإفتاء المصرية عدد من الدعاة المعروفين في الفضائيات. وهو ما أوقع مسلمي ألمانيا في حيرة ما بين الصيام حتى أذان المغرب، أي عند الساعة التاسعة والنصف ليلاً، أو الإفطار بحسب توقيت مكة، أي عند السادسة مساء، أو الصيام بحسب توقيت أقرب بلد إسلامي إلى ألمانيا، مثل ألبانيا أو تركيا، وفيهما موعد الأذان في الثامنة مساء.

وعن ذلك، يقول عضو المجلس الأوروبي للإفتاء والبحث، خالد حنفي، لـ"العربي الجديد": "لا يوجد لدينا استقراء تام أو شبه تام لتجربة مسلمي أوروبا مع الصيام في النهار الطويل. فنحن لا نعلم شيئا عن الجمهور المسلم خارج المساجد، وكيف يصوم، وهل يصوم أم لا.. وكذلك نقل عدد من الأئمة في الدول الاسكندنافية التي يطول فيها النهار كثيراً أنّ أغلب الناس يأخذون بفتوى دار الإفتاء المصرية، وأنّ من أخذ بها أحس بتأنيب الضمير، وبعضهم قضى الأيام التي صامها على توقيت مكة بعد انتهاء رمضان. كما أنّ المساجد التي روّجت للفتوى محدودة وصغيرة جداً، فيما انقسم الناس بين مؤيد ومعارض لها".

يتابع حنفي: "من جهتنا، رفضنا في المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث هذه الفتوى، كما رفضها المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي وجماهير الفقهاء المعاصرين. وثبت لدينا صيام النهار كاملاً، ومن عجز أو شق عليه الصيام أفطر وقضى". ويضيف: "الرفض كان لأنّ الفتوى معارضة للنص المحكم الصريح الذي حدّد بداية الصوم ونهايته في قوله تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر).. المسألة تدعو العلماء والمختصين إلى الاجتهاد فيها، وذلك من خلال إجراء دراسة طبية وفلكية واجتماعية ترصد أحوال المسلمين في أوروبا وتحدد مفهوم الليل وضبطه".

في التاسع من يونيو/حزيران الجاري تشكلت ندوة في العاصمة السويدية استوكهولم للبحث في هذه الفتوى، والتصويت على صحتها. وبالرغم من أنّ العلماء أعضاء المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث المشاركين في الندوة عارضوا الفتوى وامتنعوا عن الإفتاء بها، إلا أنهم لم يعتبروها من الفتاوى الشاذة.

هذا ويجمع الرافضون للفتوى على عدة أسباب لعدم قبولهم بها، منها أنّ تقدير الصيام على توقيت مكة لا أصل له، ولم يلجأ إليه أحد من السابقين أو الصحابة الذين هاجروا خارج مكة، فيلزم من أفطر على توقيت مكة صيفاً الإفطار عليه شتاء مع قصر النهار إلى أقصى حد حينها. ويتحجّج بعض الدعاة بأنّه رغم طول ساعات الصيام في أوروبا، فإنّ المسلمين فيها لا يشعرون بالعطش كغيرهم من البلدان العربية. أما بخصوص الناحية الصحية التي تتأسس عليها الفتوى في أنّ الصيام لأكثر من 18 ساعة يضرّ بالصائم، يقول الطبيب بشار غنوم الذي شارك في ندوة استوكهولم إنّ الطب لا يمنع الشخص الطبيعي الخالي من الأمراض أن يصوم أكثر من 20 ساعة متصلة.

في المقابل، يؤكد أحد الأطباء في مستشفى ينا في ألمانيا لـ"العربي الجديد" وصول عدد من الصائمين الذين فقدوا وعيهم نتيجة طول فترة الصيام إلى المستشفيات. ويشير إلى أنّ بعض الحالات تكون حرجة عندما يعاني الصائم من بعض الأمراض في الأساس. ويقول الطبيب، الذي طلب عدم ذكر اسمه: "الصيام يسبب بعض الحرج أحياناً، لأنّ الحالة الطبية توجب وضع مصل للمريض، أو تقديم الطعام والماء له. وبعض المرضى يرفضون هذا، أو يصرخون في وجهنا بعد استيقاظهم من الغيبوبة؛ كوننا أفسدنا عليهم صيامهم".

اقرأ أيضاً: صعوبات اندماج العرب في المجتمع الألماني