رمد ربيعيّ مع كلّ هبة رياح خماسينيّة

رمد ربيعيّ مع كلّ هبة رياح خماسينيّة

08 مايو 2015
هذه الرياح تكون في العادة قويّة ومحمّلة بالغبار والرمال(الأناضول)
+ الخط -

لا تسلم الجرّة في كل مرّة تهبّ فيها رياح خماسينيّة، إذ قد تخلّف رمداً ربيعياً في العيون. ونسأل عن الإجراءات التي تحدّ من تداعيات هذا الداء، في ظل التغيّر المناخي وازدياد العواصف الرمليّة من حين إلى آخر.

سامر الحلو في الثالثة من عمره، بدأ يعاني من احمرار في عينَيه اللتَين راحتا تدمعان. تخبر والدته عفاف أنها تخوّفت من تفاقم الأمر، فاصطحبته فوراً إلى اختصاصي في طب العيون، شدّد على الوقاية من خلال استعمال قطرات خاصة لا تحتوي على مادة الكورتيزون. فتلك تستخدم في مرحلة متقدّمة.

لكن كثيرين هم الذين يلجأون إلى وصفة يتناقلونها. فينصح روني بربار الذي عانى طويلاً في خلال معالجته الرمد الربيعي، ألا يشتري الناس قطرات عشوائية من الصيدليات من دون استشارة طبيب. بالنسبة إليه، هذا يؤخّر العلاج. هو اختبر ذلك.

تجدر الإشارة إلى أن الرياح الخماسينيّة التي ينتشر معها الرمد الربيعي، تؤثّر بأجزاء كبيرة من منطقتنا العربيّة، كمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط ومساحات كبيرة من الجزيرة العربيّة. وتكون هذه الرياح في العادة قويّة ومحمّلة بالغبار والرمال، وتؤثّر على سير الحياة في المناطق التي تهب فيها.

وهذه الرياح تتكوّن في منطقة شمال أفريقيا وتتحرك نحو الشرق أو الشمال الشرقي خلال فترة الاعتدال الربيعي، أي ما بين فبراير/شباط ويونيو/حزيران من كل عام. وفي كثير من الأحيان تهبّ رياح غربيّة أو شماليّة غربيّة بعد الرياح الخماسينيّة، فتأتي رطبة وتصاحبها أمطار رعديّة.

ويوضح الخبير البيئي الدكتور ولسون رزق لـ "العربي الجديد" أن الرياح الخماسينيّة أو الأحوال الخماسينيّة كما يطلق عليها "تترافق بطقس دافئ وتراكم كميات كبيرة من الغبار. وأحياناً تؤدّي إلى تعطيل الحركة المروريّة والجويّة وإغلاق المطارات والموانئ ومرافق عامة كثيرة". يضيف أن "هذه المنخفضات تتسبب في تساقط الأمطار التي تكون في البداية وحليّة. فتنظف الهواء وتتخلص من الغبار العالق فيها".

ويلفت رزق إلى أن "الغبار المصاحب لهذه الرياح يؤثّر على صحة عدد كبير من الناس. فيصابون بأمراض حساسيّة في الجهاز التنفسي وزكام وأزمات ربو وسعال والتهابات في الجهاز التنفسي والجيوب الأنفيّة. كذلك تؤدي إلى زيادة حالات التوتر والاكتئاب. وأكثر الفئات تعرضاً لسلبيات هذه الرياح، كبار السن والمرضى والأطفال".

من جهته، يوضح الباحث في مصلحة الأرصاد الجوية علي الشعار لـ "العربي الجديد" أنه "كلما تشكّل منخفض جوي، كلما اشتدت الرياح الخماسينيّة حاملة معها الغبار والرمال، مثلما حصل قبل فترة في صحراء مصر وليبيا والإمارات العربية وغيرها من مناطق الخليج. ومن شأن المنخفض الجوي أن يزيد من نسبة الغبار والرمال". يضيف أن "لبنان تأثر بهذا الطقس قبل فترة وجيزة. ومن البديهيات أن تأتي رياح خماسينيّة في فترة الربيع، لكن هذا لا يعني أنها نتيجة تغيّر مناخي، إذ ان عمليّة التغيّر المناخي تتأثر بحركة غلاف الأرض. ولكي نعرف مدى تأثيره قد نحتاج إلى 30 عاماً. لا يمكن التحدث عن تداعياته، اليوم".

والرمد الربيعي يطال عدداً كبيراً من الأشخاص في بداية فصل الربيع، عندما يكون الجو مشبعاً بغبار الطلع إذ تزداد نسبة اللقاح في الجو في هذه الفترة بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة. وتبدأ أعراضه باحمرار في الجفن وحكة ودمع، خصوصاً في الصباح. ثم تظهر في الجفن نتوءات صغيرة لا تلبث أن تصبح كبيرة متراصة، ما يؤدي إلى ألم شديد وانتفاخ في الجفن. كذلك يصبح الشخص غير قادر على تحمّل الضوء. ومن الممكن أن تظهر تورّمات ليفيّة حول القرنيّة، لا تلبث أن تنمو فوق القرنيّة، وهو ما يؤدي إلى انخفاض كبير في القدرة على النظر.

ويوضح الاختصاصي في طب العيون الدكتور عبدو خوري لـ "العربي الجديد" أن "الهواء يحمل عادة لقاح الأزهار في فصل الربيع، بالتالي ثّمة احتمالات لانتقال الرمد الربيعي أو حساسية في العيون التي تزداد وفق حدة الإصابة". يضيف أن "الرمد الربيعي يطال عادة الصغار الذين تتراوح أعمارهم ما بين أربع وسبع سنوات، لتخفّ وتيرة هذا الداء مع العمر ابتداءً من 14 عاماً".

ويشدّد خوري على أن "الرمد الربيعي هو عبارة عن حساسية وليس التهاباً أو عدوى فيروسية. هو ينتشر كلما تفتحت الأزهار. والعلاج يقتصر على القطرات وصولاً إلى تلك التي تحتوي على مادة الكورتيزون، وذلك بحسب ما يحدده المتخصص في طب العيون".

المساهمون