بِلا كعبٍ عالٍ

بِلا كعبٍ عالٍ

02 مايو 2015
اختصر الحراك أنوثة المرأة وحقوقها بالكعب العالي (حسين بيضون)
+ الخط -

ينقُصها أن تنتعل حذاءً مختلفاً. ليس ذلك الذي يجعلها تبدو وكأنها تركض، فيُربك تناسق جسدها. هناكَ أحذية قادرة على مراقصة النساء. وربما يفضّل رجال رؤية امرأة ترقص كثيراً. أحياناً، وبنظر بعضهم، تحتاج الأنوثة إلى حذاء بكعبٍ عالٍ لتنضج. الحذاء مثله مثل ثوب قصير أو قميص شفاف وربما، وإن بدرجة أقل، كحلٌ في العين.
والمرأةُ حين تحقّق هذا المشهد لا تسعى بالضرورة إلى إرضاء الرجل، بقدر ما ترغب في النظر إلى نفسها بعيون كثيرة. هكذا هي، لا تكتفي بالقليل. أو أنها ببساطة تحبّ نفسها في صورةٍ متكاملة كما تراها. الحذاء هنا مثل قطعةٍ قماش مطرزة بعناية وقد وضعت على الطاولة كلمسة نهائية لديكور الغرفة.

هو لمسة نهائية إذاً. صحيح أن هناك رجالاً ربما يفضّلون أن يبقى جسد المرأة بعيداً عن تأثيرات كعبٍ قد يجعل موسيقى خطاها متناسقة إلى درجة مملة، ويجرّدها من عفوية لا تنضب فيها الأنوثة، إلا أن دراسات عدة تؤكد العلاقة بين الأنوثة والكعب العالي، وتأثير ذلك الحذاء على تعديل قوام المرأة ليصبح أكثر جاذبية.

الصورة نمطية منذ الأزل، حين تبدأ الفتاة بتقليد والدتها وارتداء أحذيتها. نادراً ما نجد الطفلة ترتدي حذاءً رياضياً مثلاً. الصورة في رأسنا هي غالباً لطفلة ترتدي كعباً عالياً وتكتسبُ أنوثةً لا تتجاوز عمرها الصغير، ليكتمل المشهد مع أحمر الشفاه. هذه بعضٌ من عدة الحقيبة التي تعزّز أنوثة الفتاة الكاملة. ربما نضيف إليها "جهاز العروس"، الذي قد يبدو أحد أركان نجاح الزواج. لكنها أُنثى من دون كل هذا.

الأسبوع الماضي، ارتدى رجال في لبنان الكعب العالي للشعور بالألم الذي تسببه هذه الأحذية للمرأة، وللتأكيد على رفضهم العنف الذي يمارس بحقهن. وإنْ كان هذا الحراك عالمياً، وكالعادة، أراد لبنانيون تسجيل اسم بلدهم فيه، إلا أنه اختصر أنوثة المرأة وحقوقها بالكعب العالي. علماً أن أحداً لم يجبر المرأة على ارتدائه وتحمل آلامه وربما المجازفة بصحتها. كان هذا خيارها لتكون أكثر جاذبية أو أكثر أناقة، كما تظنّ وتؤكد بعض الدراسات.
ماذا عن النساء اللواتي لا يرتدين الكعب العالي؟ هل يُصنّفن خارج دائرة النساء؟ ثم إن الرجال هم من كانوا يرتدون الكعب العالي في القرون الوسطى لأغراض معينة، وقد بدأت نساء بتقليدهم تأكيداً على قوتهن، على غرارهم.

يختلف تبادل الأدوار أو تكاملها عن تبادل الملابس. كما أن ارتداء الحفاضات على سبيل المثال، لن يجعل المرء متضامناً مع حقوق الأطفال، كما غرّدت إحداهن.


المساهمون