"الحقّ عليها"

"الحقّ عليها"

17 ابريل 2015
العنف ضد المرأة منتشر عالمياً (فرانس برس)
+ الخط -
"تحمّل ضرب زوجي لي أرحم من تحمل كلام الناس". هذا ما قالته إحدى النساء في الأردن حول سبب عدم ترك زوجها وطلبها الطلاق. يضربها زوجها بشكل مستمر. يتعرض لها بالإهانة والحرمان الاقتصادي. وتتحمل كل ذلك بصمت.

تخشى هذه السيدة العادات والتقاليد الاجتماعية. تعطيها الأولوية على كرامتها. الثقافة المجتمعية هي أحد العوائق التي تمنع النساء من المباشرة بترك علاقة عنفية والتبليغ لدى القضاء عن تعرضهن للعنف الأسري. الأولاد قد يكونون سببا آخر لعدم قدرة النساء على طلب الطلاق. ثمة أسباب أخرى أكثر تعقيداً تحول دون اتخاذ النساء قرار ترك أزواجهن العنيفين. تجد هذه الأسباب جذورها في الأبعاد النفسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كمتلقين لخبر تعرّض النساء للعنف الأسري، قد يكون رد فعلنا على سذاجته هو "لماذا لا تترك النساء أزواجهن؟".

تشير الدراسات إلى أن أكثر الأوقات خطورة على حياة النساء هي الأسابيع الأولى التي تلي تركها للعلاقة العنفية. فبحسب "هافينغتون بوست" فإن تعرض النساء لجريمة قتل من قبل الزوج بعد الأسابيع الثلاثة الأولى من ترك العلاقة هي أكبر بـ 70 مرة أكثر من أي وقت آخر في العلاقة. ولعلّ حالة نسرين روحانا خير مثال على ذلك.

لا تبعد هذه الوقائع كثيراً عن نتائج الاستطلاع الذي نشر في العام الماضي حول مدى تقبّل النساء في الأردن لضرب أزواجهن لهن. تشير الدراسة إلى أن 87 في المائة من النساء يؤيدين ضرب أزواجهن لهن، على اعتبار أن هذا حق له. وتشير نفس الدراسة إلى أن 60 في المائة من النساء يؤيدن ضرب الزوج لهن في حال "أحرقن الطبخة".

تطرح نتائج هذه الدراسة الكثير من الأسئلة. ما هي الفئة العمرية للنساء اللواتي شاركن في الاستطلاع؟ ما هي الأسباب غير المعلنة التي ربما لم تستطع النساء البوح بها؟ ترى ما الذي ستكون عليه ردة فعل الرجال لدى قراءة هذه الأرقام عن قبول النساء للعنف؟ هل يمكن أن تشكل هذه الأرقام تطبيعاً للعنف الأسري؟ أو حافزاً ربما للرجل للاستمرار بممارسته؟

ما لا تنقله الدراسات والإعلام ربما هو أنه مع كل ما يتم تأمينه للنساء الناجيات من العنف من دور آمنة وقرارات حماية قضائية وتدخل قانوني، إلا أن النساء المعنّفات غالباً ما يشعرن بأنهن وحيدات. القانون وحده لا يضمن حماية النساء من العنف الأسري. وقرارات الحماية القضائية يمكن أن تحمي فقط إذا تم تطبيقها وتفعيلها، مع التأكيد على أن تغيير العقلية السائدة في المجتمعات، والتي تكرس دونية المرأة أمام الرجل، أمر أكثر من ضروري إذ لا يزال هناك من يسأل مقابل القانون والقضاء "ترى ما الذي فعلته المرأة لتستحق تعنيف زوجها لها؟".

(ناشطة نسوية)

المساهمون