المغرب قد يُنصف الأشخاص المعوّقين

المغرب قد يُنصف الأشخاص المعوّقين

14 ابريل 2015
من اعتصام للأشخاص المعوقين في المغرب (العربي الجديد)
+ الخط -

أكثر ما يُزعج بعض الأشخاص المعوّقين في المغرب، التمييز الذي يتعرّضون له في المجتمع. يقول شاب كفيف رفض الكشف عن اسمه "إننا نعاني من الإقصاء والتهميش". مع ذلك، ليست الصورة قاتمة إلى هذا الحد. كثيرون رفضوا الاستسلام للواقع، وحققوا إنجازات عدة.
ويشكو الأشخاص المعوقون في المغرب من مشاكل عدّة، منها غياب ممرات خاصة لدخول المؤسسات والمرافق العامة والمنشآت الخاصة، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على وظائف، عدا عن نظرة المجتمع. وليس هناك أرقام رسمية حول عدد الأشخاص المعوقين في البلاد. إلا أن منظمة الصحة العالمية كانت قد تحدثت عن وجود نحو 230 ألف معوّق في البلاد، فيما تُشير إحصائيات أخرى إلى وجود أكثر من مليون ونصف المليون معوّق.

لا للتمييز

في السياق، يقول محمد هرديكو، وهو كفيف، إن "أكثر ما يؤلمه في حياته هو عدم وجود ممرات خاصة للأشخاص المعوقين في المؤسسات أو الإدارات العامة، ما يضطرهم إلى طلب المساعدة من أي شخص لصعود الأدراج". يضيف لـ "العربي الجديد" أن "أبسط مطلب للأشخاص المعوقين هو تجهيز المرافق العامة"، لافتاً إلى "أنه أمر مهم للغاية ولا يتطلب ميزانية كبيرة أو يحتاج إلى قرار سياسي".

أما أيوب مرضي، وهو كفيف أيضاً، فيلفت إلى أن أكثر ما يضايقه هو عدم حصوله على وظيفة على الرغم من حيازته على شهادة جامعية. يريد فقط تأمين وظيفة تحفظ له كرامته، حتى يتمكن من تكوين أسرة. يضيف أنه "يشعر بالتمييز في المجتمع. فلو لم يكن كفيفاً، لما عانى للحصول على وظيفة"، لافتاً إلى أن "قلة فقط من الأشخاص المعوقين يبتسم لهم الحظ ويعثرون على وظيفة". يضيف أن "بعض الشركات ترفض استقبال الأشخاص المعوقين وإعطاءهم فرصة لإثبات قدراتهم، على الرغم من كفاءة كثيرين".
هذا الشعور بالتمييز دفع عدداً من الأشخاص المعوقين إلى الاعتصام في شوارع العاصمة الرباط، ومطالبة الحكومة برفع الظلم عنهم، في ما يتعلق بتجهيز البنى التحتية والحصول على وظائف وغيرها. ودعوا الحكومة إلى تطبيق بنود الدستور الجديد، الذي يقضي بحظر كل أشكال التمييز، وتوفير فرص عمل لهذه الفئة، وتحديد نسبة معينة لتوظيفهم في الإدارات العامة.

الصورة ليست قاتمة

من جهتها، تقول وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية بسيمة الحقاوي لـ "العربي الجديد" إن "الحكومة جادة في التعاطي مع مطالب الأشخاص المعوقين في البلاد"، مشيرة إلى أن "القانون يشترط تخصيص 7 في المائة الوظائف للأشخاص المعوقين في الإدارات العامة"، لافتة في الوقت نفسه إلى صعوبة تطبيقه.
وتوضح أن الحكومة الحالية واكبت ملف الأشخاص المعوقين منذ يناير/كانون الثاني عام 2012، من خلال إنجاز البحث الوطني الذي أحصى عدد هؤلاء، وحدد مشاكلهم واحتياجاتهم بشكل دقيق. "هذه المعلومات ستساعدنا على مساعدة الأشخاص المعوقين".

تفاؤلُ الحقاوي أعرب عنه أيضاً محمد بنافع، الذي لم تمنعه إعاقته من ممارسة الرياضة، وتحديداً ألعاب القوى. يقول إن "الإعاقة لا ينبغي أن تكون إعلان نهاية الشخص المعوق على الإطلاق"، لافتاً إلى أهمية عدم الاستسلام والعمل على تحقيق الأهداف. "يجب ألّا يغلق على نفسه الباب ويستجدي العطف والشفقة".

يتابع البطل، الذي سبق أن شارك في مسابقات عدة في ألعاب القوى الخاصة بالأشخاص المعوقين، إنه على الرغم من إعاقته الجسدية، لم يجلس في بيته ويستسلم لواقعه. تحدى الظروف والمجتمع، وقرر التدرب على رمي الجلة، والتي حقق فيها نتائج جيدة.
بنافع ليس الوحيد الذي نجح في إظهار قدراته. هناك آخرون نجحوا بدورهم في تحقيق نتائج جيدة على المستوى الدولي، منهم عدد من أفراد أسرة الكرعة في الرباط، الذين حققوا أرقاماً قياسية عالمية في الألعاب "البار أولمبية". في هذا الإطار، تقول سميرة مجبود، وهي كفيفة، لـ "العربي الجديد"، إنها أصرّت على إثبات ذاتها في المجتمع. تابعت دراستها الجامعية واقتحمت مجال العمل ونجحت في الحصول على وظيفة في إحدى الشركات الخاصة. أيضاً، تلعب "التيكواندو"، وقد حصلت على الحزام البني، وأصدرت ديواناً شعرياً.

تجدر الإشارة إلى أن الحكومة قدمت مشروعاً جديداً لحماية الأشخاص المعوقين، بهدف إنصافهم ورفع الظلم الاجتماعي والاقتصادي عنهم. ويمنح المشروع الأشخاص المعوقين الحق في امتلاك سكن، والحصول على طبابة مجانية، بالإضافة إلى الأجهزة الطبية، وغيرها.

دلالات