خوف الاندثار يخيّم على منتجات العراق الوطنية

خوف الاندثار يخيّم على منتجات العراق الوطنية

31 مارس 2015
تواجه المنتجات العراقية منافسة "غير شريفة" (فرانس برس)
+ الخط -
تبحث أم عماد (54 عاماً) في الأسواق القديمة والحديثة للعاصمة العراقية عن سجادة مشغولة بأيدٍ عراقية. وبعد محاولات عديدة في أكثر من مكان، تجد من يعرضها للبيع. تقول المرأة لـ "العربي الجديد": "رغم سعرها المرتفع الذي يتجاوز 700 دولار أميركي، بالمقارنة مع السجاد المستورد (الإيراني والسوري والتركي) الذي لا يتعدى 200 دولار، إلا أنّ نوعها جيد يدوم مدة أطول بكثير من غيره".

من جهته، اعتاد عزيز قاسم التسوق من منطقة "السوق العربي" وسط بغداد. هناك تعرض الجلود العراقية الأصيلة، والبطانيات، والملابس بمختلف أنواعها، ومنتجات شركة الزيوت النباتية. يقول لـ "العربي الجديد": "أفرح كثيراً عندما أرى بطانية بغداد، وزيت البنت، والصابون والشامبو والزاهي العراقي القديم، لكننا في المرة الأخيرة لم نجد أيّ شيء منها. وقال لنا الباعة إنّهم لم يعودوا يجلبون منها لأنّها لا تلبي حاجة الجميع".

وفي هذا الإطار، يقول حميد نعمة (38 عاماً) لـ "العربي الجديد"، إنّ بعض المنتجات العراقية باتت لا توازي المستورد إن بالجودة أو بالتطور. كما أنّ أسعارها أضعاف أسعار البضائع التجارية الحديثة.

في المقابل، يقول مدير عام "شركة النسيج العراقي" التابعة لوزارة الصناعة العراقية خليل الجبوري لـ "العربي الجديد": "غياب منتجاتنا في السوق العراقية يعود إلى أنّ الشركة تتعاقد فقط مع دوائر الدولة كالجيش والشرطة ووزارة الهجرة والمهجرين ووزارة الصحة، بسبب تصريفها كل الكميات التي ننتجها. وإذا ما طرحناها في السوق فإنّ العملية تتطلب وقتاً طويلاً كي تباع بسبب المنافسة غير الشريفة من جانب البضائع المستوردة". ويلفت الجبوري: "نثمّن زيادة الطلب على منتجاتنا العراقية من جانب المواطن، كالسجاد والبطانيات والشراشف وغيرها. فنحن نعلم أنّ معاملنا تصنعها وفق المواصفات العالمية العالية الجودة. وبذلك فإنّ البضائع المستوردة غالباً ما تكون أرخص بكثير من بضائعنا، فهي مصنوعة بمواد معاد تدويرها. وهذا الرخص بالإضافة إلى غياب الضريبة الجمركية على البضائع المستوردة، جعله ينافس إنتاجنا".

من جهته، يؤكد مدير عام الشركة العامة للزيوت النباتية رحيم السليطي لـ "العربي الجديد"، أنّ السبب في ضعف انتشارها في الأسواق، ابتعاد التجار عنها، وابتعاد الدولة نفسها متمثلة بوزارة التجارة، التي تتعاقد مع شركات عربية وأجنبية لاستيراد أنواع من الزيوت من أجل البطاقات التموينية للمواطنين. ويضيف: "ناشدنا مجلس الوزراء أكثر من مرة، لكنّه لا يبدي اهتماماً. أما التاجر فهو يبحث عن الربح السريع. فبوجود بضاعة مستوردة زهيدة الثمن وسريعة النقل والتصريف يتأمن له ربح أكبر، ما يبعده عن منتجاتنا". ويشير السليطي إلى أنّ هذا الوضع أدى إلى "إتلاف قسم كبير من الزيوت والمنظفات التي تنتجها الشركة، والتي بقيت فترة طويلة في المخازن من دون تصريف".

من جهته، يقول رئيس الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق المستهلك بيادر الدليمي لـ "العربي الجديد": "تواجه البضائع المحلية رغم جودتها، منافسة حادة وغير متكافئة من المنتجات الأجنبية المماثلة في الأسواق المحلية والدولية. وغياب التشريعات الخاصة بالمنافسة ومنع الاحتكار أو عدم تنفيذها يؤثر سلباً على مستقبل النشاط الصناعي الخاص وعلى السوق العراقية".

ويضيف أنّ الإغراق الذي شهده السوق العراقي بعد عام 2003 دمر ما تم تشييده من صناعات وطنية، وضرب القطاع الزراعي، وزاد من عدد العاطلين عن العمل. كما أدى إلى استيراد سلع رديئة جدا وضارة بالصحة ومغشوشة، بالترافق مع غياب القوانين التي تحمي الصناعة الوطنية والمستهلك، حتى يكاد المواطن العراقي ينسى منتجه الوطني المتجه إلى الاندثار.

دلالات