هدى.. طفلة سورية لاجئة تنتظر رؤية وليدها الميت

هدى.. طفلة سورية لاجئة تنتظر رؤية وليدها الميت

14 مارس 2015
هدى في المستشفى الأردني (العربي الجديد)
+ الخط -


على سرير في إحدى غرف مستشفى خاص، شرق العاصمة الأردنية عمّان، جلست اللاجئة السورية هدى حوران (17 عاماً)، تنتظر رؤية مولودها، من دون أن تعلم أنها لن تراه أبداً وهو الذي دفن مباشرة بعد أن ولد ميتاً.

أخبرها الأطباء أن حالة المولود حرجة وتتطلّب رعاية حثيثة، وأنها ستراه لو قدّر الله له النجاة، فيما جلست قريباتها حولها ليجرعنها الفاجعة على دفعات.

كان ذلك مولودها الثاني الذي تضعه في الأردن التي وصلتها لاجئة قبل سنتين ونصف السنة، وكان ذكراً، قالت لـ "العربي الجديد"، رغم توترها: "إن شاء الله راح أسميه سعيد. زوجي بده (يريد) يسميه حيدر، لكن أنا بدي سعيد".

ويبرر الفريق الطبي المشرف على حالتها، إخفاء خبر وفاة مولودها عنها، بالخوف عليها من التعرض لانهيار عصبي، وهي التي عانت كل آثار الحمل على مدى تسعة أشهر مضت، وأنجبت بعد ذلك بجراحة قيصرية، وبحسب التقرير الطبي فإن المولود توفى في بطنها قبل الولادة.

وتحرص اللاجئة ذات الملامح الطفولية على حياة مولودها، رغم إدراك ظروفها الاقتصادية الصعبة، وهي التي تعيش مع عائلتها، والتي ينفق عليها أشقاؤها الصغار، لعدم قدرة والدها وزوجها على العمل، نتيجة لمرض الأول وإصابة الآخر إصابة بالغة في ساقه على يد قوات النظام السوري.

وتروي هدى لـ "العربي الجديد" قصة لجوئها، وذلك بالتزامن مع الذكرى الخامسة لثورة بلادها، قائلة إنها هربت من مدينة حمص مع عائلتها، منتصف عام 2012، في رحلة استغرقت 11 ساعة انتهت بهم على الحدود الأردنية - السورية، حيث أصبحوا لاجئين، في مخيم الزعتري للاجئين السوريين، الواقع في مدينة المفرق (80 كيلومتراً شمال شرقي عمّان).

كانت خلال رحلة اللجوء حاملاً في شهرها السادس بطفلتها الأولى التي أنجبتها في الأردن وسمتها "ملاك".



تقول: "بعد أيام من وجودنا في الزعتري خرجنا من المخيم، كان خروجاً غير شرعياً، فالحياة داخل المخيم لا تطاق، وبعد الهروب من الزعتري أقمنا في منزل مستأجر في أحد أحياء عمّان الشرقية، مكون من غرفتين بأجرة شهرية تبلغ 125 ديناراً أردنياً، نحو ( 176 دولاراً).

بعد عام من وصولها إلى الأردن، لحق بها زوجها الذي تزوجته وهي ابنة 14 عاماً، بعقد زواج غير موثق في السجلات السورية.


تقرّ هدى بأن الزواج المبكر جزء من ثقافة المجتمع السوري، لكنها تؤكد أنه زاد بعد الثورة، بسبب خوف العائلات على بناتها من الاعتداء عليهن من قبل عناصر الجيش النظامي أو المسلحين المتطرفين.

نقل زوجها بعد وصوله إلى الأردن، إلى مخيم الأزرق للاجئين السوريين (75 كيلومتراً شمال شرقي عمّان)، والذي خرج منه بعد أيام من وصوله من دون أن يعود، ليقيم مع زوجته وابنته في منزل عائلتها المستأجر.

المنزل الذي يعيش فيه ثمانية أفراد، يعيله شقيقاها التوأمان (15 عاماً)، واللذان يعملان في ورشة للنجارة، فوالدها رجل مريض، وزوجها مصاب في ساقه برصاص قوات النظام، ولا يكاد يستطيع المشي، وتقدم لهم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مخصصات قسائم شراء شهرية (كوبونات) بواقع 13 ديناراً شهرياً للفرد، نحو (18 دولاراً)، لا تكفي لتلبية الحد الأدنى من الحاجات المعيشية، بحسب قولها.

من دون أن تعلم أن "سعيد" مولودها الذي لم ولن تراه، مات، تؤكد هدى أنها لن تنجب المزيد من الأبناء في اللجوء. "خلص ما راح خلف لحد ما أرجع بلدي"، وتبرر ذلك بخوفها من عدم حصول أبنائها على الرعاية الصحية والتعليم، في ظل ظروف اللجوء الصعبة التي تعتقد أنها ستطول.

المساهمون