"رايتس ووتش": آلاف المعتقلين لاستهانة السيسي بـ"حقوق الإنسان"

"رايتس ووتش": آلاف المعتقلين لاستهانة السيسي بـ"حقوق الإنسان"

10 مارس 2015
الاعتقالات طالت الجميع
+ الخط -


أكدت منظمة هيومان رايتس ووتش، في تقرير لها، تصاعد عمليات الاعتقال التعسفية وذات الدوافع السياسية، منذ "استيلاء" الرئيس المصري الحالي عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع آنذاك، على السلطة في يوليو/تموز 2013، بعزل أول رئيس مصري ينتخب ديمقراطياً، محمد مرسي.

واعترف أحد مسؤولي وزارة الداخلية في يوليو/تموز 2014 بأن السلطات اعتقلت 22 ألف شخص على مدار العام السابق.

ولا يمكن لأحد أن يزعم بأن الرئيس المصري يُخفي رؤيته المستهينة بحقوق الإنسان، فقد حذر المتظاهرين المحتملين، في خطاب له أمام جمهور من ضباط الشرطة في يناير/كانون الثاني، قائلا: "احذروا وأنتم تطالبون بحقوقكم، احذروا ألا تضيعونا معكم".

ومضي السيسي في الخطاب نفسه يقول: "لا أقول إن التظاهر مرفوض، لكن ماذا عن التسعين مليوناً الذين يريدون أن يأكلوا ويشربوا ويعيشوا ويشعروا بالأمن في مستقبلهم". وفي سياق نفس الملاحظات، في إشارة إلى العديد من الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان من جانب قوات الأمن، أضاف السيسي: "نحن لا نقرها، لكننا في مرحلة استثنائية من تاريخ مصر".

وقال المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الذي يقوم برصد مستقل للاعتقالات السياسية، إن العدد أقرب إلى 41 ألف معتقل أو متهم بتهم جنائية حتى مايو/أيار الماضي. ولا شك أن الإخوان المسلمين ومؤيدي مرسي المفترضين يشكلون القسم الأكبر.

وقال قادة الإخوان إن 29 ألفاً من صفوفهم رهن الاحتجاز. لكن حملة الاعتقالات شملت العديد من النشطاء العلمانيين واليساريين أيضاً.

اقرأ أيضا:
"رايتس ووتش": النظام الجنائي ينتهك حقوق الطفل في مصر

وأضافت هيومان رايتس ووتش في تقريرها: "المحتجزون يخضعون، بطبيعة الحال، فور تعرضهم للاحتجاز، لنفس الإساءات والاكتظاظ الشديد". فبحسب تحقيق منشور في صحيفة مصرية موالية للنظام الحاكم، حول تحقيق استمد إحصاءاته من مصلحة الطب الشرعي التابعة لوزارة العدل، توفي ما لا يقل عن 90 محتجزاً في عهدة الشرطة في محافظتي القاهرة والجيزة في أول 11 شهراً من 2014، بسبب الظروف اللاإنسانية ونقص الرعاية الصحية، والتعذيب في بعض الحالات.

وكانت الاعتقالات في أغلب الأحيان لخرق مرسوم بقانون صدر في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، يخول وزارة الداخلية سلطة حظر أية تجمع "ذي طابع عام" لأسباب غامضة من قبيل "التأثير في سير العدالة"، كما يبيح استخدام القوة لتفريق المظاهرات.

التقرير ضرب المثل بالناشط السياسي، علاء عبدالفتاح، الذي اعتقلته السلطات المصرية بموجب قانون التظاهر، مؤكدة أن عبدالفتاح "لم ينفرد، ضمن النشطاء العلمانيين البارزين، بمواجهة السجن لخرق قانون التظاهر الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني، ففي 21 ديسمبر/كانون الأول 2013، حكمت إحدى المحاكم على أحمد ماهر ومحمد عادل، مؤسسي حركة شباب 6 أبريل التي ساعدت في إشعال شرارة انتفاضة 2011، وعلى رفيقهما الناشط أحمد دومة، بالسجن لمدة 3 سنوات، وغرامات تزيد على 7 آلاف دولار لكل منهم. وتضمنت التهم خرق القانون 107". 

اقرأ أيضا:
"رايتس ووتش" تدين التعذيب.. ومعتقلون يواجهون الموت في مصر

وكما في معظم الحالات، أضافت السلطات أيضاَ تهم "البلطجة" والاعتداء على رجال الشرطة، رغم أن الأدلة الوحيدة على تلك الادعاءات في الوقائع التي أمكن لـ"هيومان رايتس ووتش" رصدها وتوثيقها، كانت فيما يبدو شهادات مسؤولي الشرطة.

ومن الضحايا البارزين الآخرين لعودة القمع على أشده في مصر، بحسب التقرير، يارا سلّام الناشطة الحقوقية، التي تبلغ من العمر 28 عاماً، وتعمل في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إذ كانت بدورها ضحية لقانون التظاهر القمعي. وفي حالتها، لم يتضح حتى ما إذا كانت تشارك في مظاهرة، فقد قبض عليها رجال بثياب مدنية وهي تشتري الماء من متجر صغير في الشارع.

وفي حالتها أيضاً، لا يبدو أن ثمة أساسا لمزاعم الشرطة بأنها هي والمقبوض عليهم معها في نفس الواقعة في 21 يونيو/حزيران 2014 كان بحوزتهم أسلحة، أو أي نية لارتكاب العنف.

قالت يارا، لـ"هيومان رايتس ووتش"، إن "العمل في منظمات حقوق الإنسان ليس قانونياً كما يظن الجميع في مصر، فالجميع في هذا المجال يعملون عالِمين بإمكانية الاعتقال لأي سبب عشوائي"، وتقضي يارا الآن عقوبة السجن لمدة عامين.

والصحافيون أيضاً ضمن صفوف المعتقلين بتهم ملفقة في أحسن حالاتها، فالكثيرون على دراية بمحنة صحافيي "الجزيرة إنجليش" الثلاثة- بيتر غريست، ومحمد فهمي، وباهر محمد- الذين غادروا السجن أخيراً (رغم أن فهمي ومحمد ما زالا يواجهان محاكمة جديدة بنفس التهمة العجيبة، وهي تأييد تنظيم الإخوان المسلمين "الإرهابي").

لكن الحظ نفسه لم يحالف المصور الصحافي المستقل، محمد أبوزيد، المعروف باسم محمد شوكان. تم احتجاز شوكان، الذي نشرت أعماله في "التايم"، و"دي تسايت" وغيرها من المنافذ الإعلامية، منذ 14 أغسطس/آب 2013، حين كان يغطي الفض العنيف للاعتصام المؤيد لمرسي في ميدان رابعة العدوية. قال شوكان: "أنا لا أنتمي إلى أي شيء سوى مهنتي، فأنا مجرد مصور صحافي".

والأرجح أن يتسع نطاق الزج بالمصريين في السجون لمجرد ممارسة حقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي، في ظل مرسوم "الكيانات الإرهابية" الجديد الصادر في 26 نوفمبر/تشرين الثاني، حيث إنه يعرّف "الإرهابي" بعبارات فضفاضة لدرجة استثنائية. فبالإضافة إلى ذكر العنف والتهديد به، يغطي القانون أية جريمة تشكل في نظر السلطات "مساساً بالوحدة الوطنية" أو البيئة أو الموارد الطبيعية، أو تعرقل عمل السلطات العامة أو تطبيق الدستور والقوانين.

"لقد أقام الرئيس السيسي وحاشيته نظاماً شديد التقييد يعمل، بإحيائه للاعتقال التعسفي والتعذيب أثناء الاحتجاز والاستهانة بالحقوق المدنية والسياسية، وضيقه الشديد بالنقد العلني، على الإساءة إلى سمعة مصر أكثر من أي شيء غيره"، هكذا أنهت المنظمة تقريرها.