تصاعد الانتهاكات ضد المصريين.. والحكومة تقتل العدالة بالقانون

تصاعد الانتهاكات ضد المصريين.. والحكومة تقتل العدالة بالقانون

22 فبراير 2015
الحكومة المصرية تقر قانوناً بتجاوز سماع الشهود (Getty)
+ الخط -

تواصلت انتهاكات السلطات الحاكمة في مصر بحق المصريين بصورة مهينة، والتي تنوعت أشكالها بين الإخفاء القسري والتعذيب والقتل خارج إطار القانون، وتوقيع أحكام قضائية قاسية بحق معاقين أقرت النيابة بإعاقتهم، فضلا عن إقرار الحكومة المصرية قانونا يتيح تجاوز سماع الشهود.

وفي بادرة غير مسبوقة، أوقفت قوات الأمن، أمس السبت، القطار المتجه من الإسكندرية إلى القاهرة بالقوة في محطة طنطا، واعتقلت الدكتور صلاح جلال وزوجته تسنيم عبدالسميع-مريضة وحامل- من داخل القطار بصورة وحشية، وبدون سبب واضح.

انتهاكات بالجملة
وفي ظل التصعيد الأمني ضد المعارضين، قتلت قوات الأمن في بني سويف الشاب "محمود سيد" خريج كلية العلوم، إثر تعطل سيارته على كورنيش النيل في مدينة بني سويف أمام نادي القضاة، وأطلقت القوات المكلفة بحراسة النادي الرصاص الحي عليه، مما أودى بحياته، وحتى الآن لم يتم استخراج تصريح دفن له.

على صعيد آخر، دشن عدد من النشطاء حملة حقوقية، تحت شعار "أنقذوا العباسي وعثمان من الموت في سلخانة مركز أبوالنمرس"، ووجه أهالي المعتقلين ياسر العباسي وياسر عثمان، استغاثة إلى منظمات المجتمع المدني والمهتمين بحقوق الإنسان، قالوا في ندائهم: "أنقذوا العباسي وعثمان من الموت البطيء في سلخانات التعذيب بمركز شرطة أبوالنمرس، حيث تم اختطافهما منذ 5 أيام وتقييد حريتهما واحتجازهما من دون سند قانوني بالمخالفة للدستور والقانون، مما يشكل اعتداءً صارخًا على حرية الإنسان المصري وإهدارًا لكرامته".

وأكدت أسرتا العباسي وعثمان أنهما "يتعرضان لأبشع أنواع التعذيب المتواصل والسحل والضرب والصعق بالكهرباء ورش المياه في الجو البارد، على يد محمد العليان رئيس مباحث أبوالنمرس والضابط إبراهيم حامد معاون المباحث، مما أسفر عن إصابتهما بكسور في الأيدي والأرجل وكدمات في الوجه وجروح قطعية في باقي أجزاء الجسم، وذلك لإجبارهما على الاعتراف بتحريض بعض الشباب من أولتراس الزمالك بافتعال العنف في مذبحة الدفاع الجوي".

ومحمد شحات العباسي، وشهرته ياسر العباسي، 35 عاما، محاسب ومتزوج وله 4 أبناء، وياسر عثمان دويدار، 36 عاما، محاسب، ومتزوج وله ثلاثة من الأبناء، ويقيمان في قرية شبرامنت بمركز أبوالنمرس في محافظة الجيزة.

إلى ذلك، دخل أحمد ربيع عبدالفتاح- المعتقل بسجن الفيوم العمومي "دمو" منذ 14 شهرا- في إضراب كامل عن الطعام، احتجاجا على الحكم عليه بالسجن 15 سنة، رغم كونه معاقا ومصابا بشلل أطفال في قدميه، كما يعاني من آلام في الظهر وضعف في القدمين وعدم توفر العلاج الطبيعي المناسب له طوال فترة اعتقاله.

وقالت أسرة المعتقل أحمد– في تصريحات إعلامية- إن "الحكم قاسٍ للغاية في حق معاق لا يستطيع التظاهر ولا الوقوف على قدميه، مع إقرار النيابة بذلك في محضرها الذي أمرت فيه بحبسه احتياطيا لمدة تجاوزت الـ14 شهرا، ثم الحكم عليه بـ15 سنة".

في غضون ذلك، اشتكت أسر 6 من معتقلي مدينة بركة السبع في محافظة المنوفية، شمال مصر- بينهم 3 طلاب في المرحلة الثانوية- من إخفاء قوات الأمن مكان احتجاز ذويهم بشكل قسري منذ 7 أيام، ولا تسمح لهم ولا لأعضاء هيئة الدفاع عنهم بالتعرف على مكان احتجازهم أو لقائهم.

واختطفت قوات الأمن، يوم الأحد الماضي، كلا من: "محمد عبدالناصر- 15 سنة، وشقيقه معتصم- 17 سنة، ومحمد العدل- 15 سنة، ومعاذ أيمن البرقي -21 سنة، وهيثم بسيوني، وإبراهيم الحلفاوي".

وفي سياق متصل، أعلنت المفوضية المصرية للحقوق والحريات تضامنها مع إضراب الصحافي، حسن القباني، مؤسس حركة "صحافيون ضد الانقلاب" عن الطعام، والذي بدأه يوم الأربعاء 18 فبراير، بسبب عدم السماح له بالتريض وسوء معاملته داخل السجن، بالإضافة إلى وجود حاجز زجاجي أثناء الزيارة يحول دون التواصل مع ذويه.

وكانت قوات الأمن اعتقلته يوم 22 يناير 2015، من منزله في مدينة السادس من أكتوبر، ثم تم التحقيق معه في نيابة أمن الدولة العليا والتي وجهت له تهم: التخابر، والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جريمة محاولة تغيير دستور الدولة ونظامها الجمهوري بالقوة، وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة.

تجاوز سماع الشهود
وفي سياق ذي صلة، دان عدد من النشطاء والحقوقيين مشروع قانون "إلغاء سماع الشهود" الذي أصدرته الحكومة المصرية، الأربعاء الماضي، لكونه "يهدر أهم شروط وقواعد المحاكمة العادلة، ويغل أيدي المحاكم في الدرجة الأعلى، ويمنع حق المدانين في الطعن عليه".

ويتيح القانون الجديد للقاضي تجاوز سماع الشهود، سواء شهود الإثبات الذين تقدمهم النيابة، أو شهود النفي الذين يقدمهم دفاع المتهمين.

واعتبر مراقبون القانون استكمالا لترسانة القوانين المكبِّلة للحقوق والحريات، مثل "قانون التظاهر، والضبطية القضائية، وتمديد فترات الحبس الاحتياطي، وقانون ترحيل المتهمين الأجانب" وغيرها، محذرين من أن مثل هذه القوانين تزيد العنف، نتيجة لعدم ثقة المواطنين بأحكام القضاء.

كما انتقدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، قرارات الحكومة المصرية التي اعتبرتها معادية للحقوق والحريات الأساسية للمواطنين، مشيرة إلى أن هذا القانون يسمح للقاضي بالتغاضي عن سماع الشهود والحكم طبقًا لما يراه.

من جانبه، وصف عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، ناصر أمين، القانون بـ"الخطير"، مناشدًا الرئيس عبدالفتاح السيسي- في تصريحات إعلامية- عدم التصديق عليه؛ لأنه يقتل العدالة في مصر ويشل يد محكمة النقض المصرية عن مراقبة الأحكام القضائية الخاطئة التي قد تصدر من أي قاضٍ في مصر.

وكان مجلس الوزراء المصري قد وافق، الأربعاء الماضي، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية المتعلقة بسماع الشهود، مع إحالته إلى مجلس الدولة للمراجعة، وهي المواد التي كان تجاوزها أو مخالفتها سببًا في الطعن أمام الدرجة الأعلى أو أمام محكمة النقض.