الإحتلال الإسرائيلي يفرج عن أصغر أسيرة في العالم

الإحتلال الإسرائيلي يفرج عن أصغر أسيرة في العالم

13 فبراير 2015
ملاك الخطيب بعد الإفراج عنها (فرانس برس/GETTY)
+ الخط -

أخيرا عانقت الطفلة ملاك الخطيب الحرية بعد شهرين من اعتقال تعسفي، عكست ملامحها الحزينة والهادئة كل ما قاسته على يد أعتى إحتلال في العالم، لم يتوان عن تلفيق تهمة للطفلة وضربها والتحقيق معها واعتقالها لمدة شهرين.

بخطوات فراشة كانت ملاك تشد الخطى من مركبة الإحتلال العسكرية التي أحضرتها من سجن "هشارون"الإحتلالي المخصص للأطفال والنساء، إلى حاجز عسكري على مشارف مدينة طولكرم تحمل كيسا صغيرا فيه حاجياتها، حيث تنتظرها عائلتها وعشرات من المحبين والمتعاطفين مع الطفلة التي حازت الآن لقب أصغر أسيرة محررة في فلسطين والعالم أجمع و تبلغ من العمر أربعة عشر عاما.

الطفلة التي ركضت لحضن والدها وأمها، وكأنها لا تصدق أنها أصبحت طليقة، تحت تحت الأمطار التي كانت تنهمر بغزارة لتختلط بدموع الطفلة والعائلة والحضور، وأمام سؤال مرتبك، في محاولة للخروج من جو مشحون بالدموع والفرح والتعاطف مع الطفلة النحيلة التي لم تكن ترتدي ملابس دافئة تصد عنها برد الجو، ماذا تريدين أن تفعلي الآن؟  أجابت: "أريد أن أعود للمدرسة، وأرى صديقاتي".

[إقرأ أيضا: سلاسل السجن أثقل من الطفلة الفلسطينية ملاك]

وكأي أسير فلسطيني محرر وقفت ملاك كرسول جاء من خلف الزنازين، محملا برسائل المعتقلين، فتوصيل الرسائل من ظلوا خلف القضبان أول طقوس الحرية لكل أسير، قالت ملاك أمام المسؤولين الذين انتظروها وأمام عشرات الكاميرات: "الأسيرات بخير، بسلموا عليكم، الرسالة الثانية: الأشبال أي الأسرى الأطفال وضعهم صعب ويجب الإهتمام بهم أكثر وفضح ممارسات الإحتلال ضدهم، الرسالة الثالثة: الإحتلال قوي لكن إرادتنا أقوى منهم"، ثم سكتت ملاك.

وعند سؤالها إن كانت قد تعرضت للتعذيب بالتحقيق، قالت:"لقد ضربوني منذ لحظة إعتقالي".

واعتقلت قوات الإحتلال الطفلة الخطيب يوم 31 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بعد أن أنهت آخر امتحاناتها في الصف الثامن الأساسي وكان مادة اللغة الإنجليزية، حيث غادرت المدرسة وكانت تمشي على مقربة من شارع إلتفافي يستخدمه المستوطنون وجنود الإحتلال.

وتقول أمها خولة الخطيب لـ"العربي الجديد" في آخر إمتحان لها، أرادت ملاك أن تتنزه قليلا، فمشت بإتجاه الشارع الذي لا يبعد عن المدرسة أكثر من 200 متر، وهناك تم إعتقالها من قبل جنود الإحتلال الإسرائيلي".

بعد رميها على وجهها على الأرض وتقييد يديها، تم اقتياد الطفلة إلى مستوطنة إسرائيلية قريبة للتحقيق معها، وبعد ساعات حضرت أمها لمركز الشرطة، لم يسمحوا للأم والطفلة بالحديث، وعندما سألتها أمها ماذا فعلت؟، نظر إليها المحقق بحقد وتوعد فسكتت الطفلة.

لاحقا، في 21 كانون الثاني/يناير، تم الحكم على الطفلة بالسجن لمدة شهرين ودفع غرامة مالية، مع حكم ثلاث سنوات مع وقف التنفيذ، في حال قامت الخطيب بأي نشاط مقاوم ضد الإحتلال الإسرائيلي.

محكمة الإحتلال الإسرائيلي وجهت للطفلة ثلاث تهم، الأولى إغلاق طريق التفافي، وثانيا رمي الحجارة على الجنود، والثالثة: محاولة طعن جندي إسرائيلي.

في المحكمة حضر أربعة جنود إسرائيليين للشهادة ضد الطفلة ملاك، من دون أي إثبات حتى السكين التي أدعو أنها حاولت طعن أحدهم بها. لم يتم تقديمها للمحكمة، لكن في محاكم الإحتلال الإسرائيلي لا أحد يبحث عن العدل فكانت كلمتهم الأربعة مقابل كلمتها .. فتم إدانتها والحكم عليها بالسجن شهرين ودفع غرامة مالية قدرها (2000 دولار).

عقدت محكمة الإحتلال للطفلة الخطيب أربع جلسات محكمة، في كل مرة كان يتم إحضارها مقيدة اليدين والقدمين، وترتدي بنطالا وقميصا خفيفين كانت ترتديهما تحت زيها المدرسي الذي تخلص المحققون منه، ولم يجدوا في كل سجونهم ومراكز تعذيبهم زيا للسجن على مقاس الطفلة الصغيرة ابنة الأربعة عشر عاما.

تقول الأم بمرارة: "أربع مرات حضرت للمحكمة، وفي كل مرة أجلب معي "سترة شتوية" حتى ترتديها ملاك، مرة  أضع السترة على رقبتي مثل وشاح، ومرة على ظهري، لأنه لا يسمح لنا بحمل أي شيء داخل المحكمة، وفي كل مرة يرفض قاضي الإحتلال أن أعطي السترة لأبنتي رغم أنه يراها أمامه وهي مقيدة اليدين والقدمين وترتجف من البرد!". "أنه قاضي الإحتلال فكيف أنتظر منه رحمة لطفلة  ترتجف من البرد"، تقول الأم التي تحتفي بالدموع بإطلاق سراح أصغر أطفالها من معتقل الإحتلال الإسرائيلي.

ممارسات الإحتلال الظالمة واللاإنسانية لم تتوقف عند اعتقال طفلة وتوجيه تهم غير منطقية لها، بل تعداه إلى الإمعان في إذلال العائلة عبر إطلاق سراحها على حاجز عسكري شمال الضفة الغربية، وليس من أحد المعسكرات الإحتلالية القريبة من رام الله، فكان وصول العائلة من قرية"بيتين"قرب رام الله وسط الضفة الغربية إلى مدينة طولكرم شمالا، رحلة تعب أخرى في جو ممطر وشديد البرودة.

وتقول الأسيرة المحررة والناشطة في إتحاد المرأة الفلسطينية ميسر عطياني:"لقد تم إطلاق سراح الطفلة ملاك على حاجز طولكرم، لأن شركة "جي فور اس" التي تعمل مع مصلحة السجون الإسرائيلية وتتعهد نقل المعتقلين الفلسطينيين أرادت تقليص نفقاتها عبر الإفراج عن الطفلة عند أقرب حاجز عسكري للمعتقل، وليس في المدينة التي تعيش فيها".

وتابعت عطياني التي حضرت منذ الصباح لإستقبال الطفلة الخطيب: "إرهاب الطفلة وأهلها وكل من هو فلسطيني هو سياسة الإحتلال، الذي جعل العائلة وعشرات الفلسطينيين ينتظرون الطفلة ملاك في العراء تحت المطر الشديد منذ ساعات الصباح الباكر، وأصروا على إطلاق سراح الطفلة لتمشي وحدها تحت أعينهم نحو 200 متر وكأنهم يقولون لها "سنرهبك حتى آخر لحظة".

دلالات