الحلوة تهزم الخبيث

الحلوة تهزم الخبيث

28 ديسمبر 2015
كثرٌ يحبونها وينتظرون عودتها (Getty)
+ الخط -

(إلى س..)

كانت فتاةً جميلة، ذات ابتسامة حلوة وجاذبية في العينين الملونتين وخجلٍ لطيف لا يفارقها. ما إن بكرت أنوثتها في الاستيقاظ، حتى انتبه إليها الشبان. كانت تلميذة مدرسة حين اختارت واحداً من بينهم، لم يستحقّها يوماً. وقد راحت بخيارها نحو الزواج، قبل أوانه، وكانت بعد مراهقةً. لم تكن قد خبرت الحياة وتفاصيلها، بسبب عمرها اليافع، كي تتمكّن من قرار مماثل، وأهلها كانوا محافظين فلم تتمكن من مراكمة أي تجارب حقيقية تفيد منها عند الامتحانات.

يقولون إن "الخبيث" يأتي بسبب الحزن، وقد يكون هذا صحيحاً. ويقولون إنه يأتي بسبب الحياة الممتلئة بالأنماط غير الصحية، وقد يكون ذلك أيضاً صحيحا.

نسمّيه "الخبيث" لأننا بالعادة نخاف من ذكر اسم المرض، من بين أشياء كثيرة نخافها. الخوف شعور إنساني طبيعي يرافقنا فور خروجنا إلى الدنيا. نخاف ما إن نصل إلى هذا العالم الجديد، فنبكي. نخاف حين يحين أوان مغادرته، فنبكي أيضاً. نخاف عند الزواج، وعند الفراق، وعند الهجرة. نخاف عند كل محطة جديدة. ويرافقنا هذا الخوف عند كل امتحان نظنّه مهماً في الحياة. أما الحياة فمجموعة من الامتحانات المتتالية، وقد تختلف نتائجها. فنفوز بما نريد أو نخسر.

كان يوماً حزيناً ذاك الذي عرفت فيه إصابتها بالخبيث. لم تكن أول من أصيب به في العائلة. مع ذلك فقد واجهت بشجاعة. وهذه شجاعة يخفيها بالعادة أصحاب الشخصيات الهادئة، وهي كانت واحدة منهم. كانت تتفرّج كيف كان العلاج يقضم جسدها ونشاطها ويُسقط شعرها خصلة من بعد خصلة في يديها. مرّت أيام صعبة كثيرة. وخيّل إليها في أوقات كثيرة أنها وحدها. لكنها واجهت وصبرت وربحت.

لكن هذا الربح لم يدم طويلاً. ففي امتحان آخر من تلك الامتحانات التي تخضعنا لها المستشفيات، في وقت لاحق، تبيّن أن الخبيث لم يُطرد بالكامل، فلم يكن قد خرج من عضو حتى كان قد اختبأ في عضوٍ آخر. لذلك، لم يكن من بدٍّ من العودة إلى رحلة العلاج من البدء.

لم تعبّر يوماً عن تبرّمها لا من المرض ولا من العلاج. هذا طبعُها. تحبُّ اليد التي تُمسك بيدها، لكنها لا تطلبها. لا ترتبط قوّتها هذه بتديّن. هي مؤمنة غير ممارسة، لكنها تعرف في تلك المساحة الحلوة من قلبها أنها تستحق أن تعيش الحياة وتستمتع بها، لأنها تليق بها. لذلك ستصبر وتنتصر مرة أخرى. هذا حتميّ. وهناك كثرٌ يحبونها وينتظرون عودتها، حتى لو ظنّت العكس، وحتى لو تأخرت قليلاً.

سيدةٌ جميلة. هذا ما يقوله اسمها. هكذا كانت، وهكذا تظلّ.

اقرأ أيضاً: متى يرجع إفتي؟

دلالات

المساهمون