تونس..جدل واسع بعد سجن 6 تلاميذ مثليين

تونس..جدل واسع بعد سجن 6 تلاميذ مثليين

19 ديسمبر 2015
جدل حقوقي مجتمعي حول المثلية الجنسية (GETTY)
+ الخط -
أثار الحكم على ستة تلاميذ في محافظة القيروان، وسط تونس، بالسجن ثلاثة أعوام، ومنعهم من الإقامة في المدينة، لخمسة أعوام بتهمة "المثلية الجنسية"، جدلاً واسعاً في البلاد.


وبينما لا تعد تلك المرة الأولى التي يحاكم فيها تونسيون بتهمة المثلية؛ يرى البعض أن الحكم الصادر مؤخرا جاء مشددا، إذ نال التلاميذ الستة أشد عقوبة نصت عليها المادة 230 من القانون التونسي، كما أن اللجوء إلى نص تكميلي يقضي بالإبعاد عن المنطقة، يعتبر بحسب منظمات حقوقية "تعدّياً على الحريات الشخصية، ومخالفاً لروح الدستور التونسي".

وترى نائبة رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بلقيس المشري، أنّ القضية أثارت ضجة لأنها تتعلق بالحريات الشخصية للأفراد، وقالت لـ"العربي الجديد" إنه "في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من جرائم الإرهاب، وتعج فيه المحاكم بقضايا اغتصاب الأطفال، التي تستغرق مدة طويلة للبت فيها، فإنه يتم التسريع بمحاكمة التلاميذ الستة".

وأشارت إلى أنّ عرض التلاميذ جميعاً على الفحص الشرجي، بحسب الفصل 230 من المجلة الجزائية، يعتبر فضيحة وخرقا للدستور، الذي يكفل الحريات الخاصة والعامة، بما فيها الحريات الجنسية، وحرية الضمير والتدين.


وطالبت نائبة رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بضرورة مراجعة المجلة الجزائية لأنها تتضمن "نصوصا قديمة، إذ تبين أن النص الذي اعتمد كسند قانوني يعود إلى عام 1913، أي زمن الحماية الفرنسية في تونس، وبالتالي لا يمكن محاكمة الأشخاص بحسبه، وإلا فإن هذا الأمر سيعيد التونسيين إلى الدكتاتورية".

كما أكدت أن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان تندد بمثل هذه الأحكام وبأي انتهاك ضد حقوق الإنسان، وأن نحو 80 جمعية ومكونات من المجتمع المدني، وقعت أمس الخميس، بيانا للمطالبة بتنقيح مجلة الإجراءات الجزائية.

وترى الباحثة والحقوقية، رجاء بن سلامة، أنّ الحياة الجنسية للأفراد تندرج ضمن الحريات الشخصية، طالما أنه لا يوجد عنف أو اعتداء على قاصرين، وقالت لـ"العربي الجديد" إن "هذه الأحكام لا تليق بحقوق الإنسان، ولا بالدستور التونسي، ولا يمكن أن تحدث في بلد عاش ثورة. عقوبة الإبعاد غريبة جدا، ولم تطبق في عهد الرئيس المخلوع، بن علي، ضد معارضيه. يجب تعليق العمل بهذا الفصل في القانون".

في المقابل، اعتبر المختص في علم الاجتماع، شهاب اليحياوي، أن "الضجة المثارة لم تكن على مستوى العامة، ولم تكن على صعيد مجتمعي بارز، بل إن استنكار الأحكام الصادرة كان في نطاق ضيق يكاد لا يشكل حدثا لولا التناول الإعلامي المكثف، وهو الذي خلق جدلا نخبويا بعيداً عن القضايا الحقيقية، وانشغالات الحياة اليومية المتعلقة بالمعاناة اليومية للمواطنين".

وقال اليحياوي، لـ"العربي الجديد"، إن "ما يسمى قضية الحريات الفردية المنتهكة بفعل أحكام سالبة للحرية، أو لحقوق دستورية أو قانونية، هي مسألة متعلقة بتوجهات نخبوية فكرية، أو قانونية دستورية، من الطبيعي أن يخوضوا فيها وأن يدافعوا عن قناعاتهم بضرورة الخضوع للحقوق الدستورية والقانونية، بعيدا عن التأثر بالقيم الاجتماعية والدينية".

كما لفت إلى أن "المجتمع يحتفظ بموقف رافض للمثلية، ويساند إخضاع هؤلاء إلى العقوبة التي قد لا تعنيه صلتها بمفاهيم ومبادئ حقوقيين أو سياسيين، بقدر ما يعنيه أن مقاومتها واجب مطلوب".


اقرأ أيضاً تونس: فصل جديد من الصراع مع القضاء