مسؤولة أم ضحية؟

مسؤولة أم ضحية؟

06 نوفمبر 2015
التحرّش الجنسي بات أداة منهجية بيد السطلة المصرية (الأناضول)
+ الخط -

"صبايا الخير" هو عنوان برنامج المذيعة المصرية، ريهام سعيد، والذي تم تعليقه على قناة "النهار" المصرية بعد الحادثة التي تعرضت لها السيدة سمية عبيد. قيل كثير على مواقع التواصل الاجتماعي عن الحادثة وعن المذيعة والطريقة المبتذلة التي تعاطت فيها مع قضية تعرّض عبيد للتحرش الجنسي. ولا يزال هناك كثير يقال، والبداية من عنوان البرنامج. "صبايا الخير"، يوحي في إشارة ضمنية إلى أن هناك "صبايا الشر". مفهوم الخير والشر في بعده الديني يوحي إلى أن النساء عليهن التصرف واللبس بطريقة معينة ليكنّ "خيرات". لم تقصّر المذيعة في ترجمة مفهومها تجاه أدوار النساء وتصرفاتهن المفترض أن تكون "خيّرة" في معالجتها قضية التحرّش الجنسي، الذي تعرضت له عبيد. كما هو متوقع طبعاً، ألقت اللوم على عبيد لأنها تعرضت للتحرّش الجنسي في أحد المراكز التجارية في مصر.

معالجة قضية التحرّش الجنسي وكأنها حادثة فردية هو أبرز قصور في تناول القضية. التحرّش الجنسي بات في مصر أداة منهجية بيد السلطة لإقصاء النساء عن الأماكن العامة. لتفادي مثل هذه الحوادث، "على النساء البقاء في منازلهن" وإلا!

لم يقتصر الأمر عند هذا الحد. تمّ تحميل عبيد كامل المسؤولية. هي المذنبة لأنها كانت ترتدي ملابس "غير لائقة" وبالتالي "استحقت" ما حصل لها. هذا ما قالته ريهام، وهذا ما يترجمه المجتمع الذكوري وأدواته. النساء "الخيّرات" إذاً لا يتعرّضن للاغتصاب. هكذا يحاول منطق ريهام وبرنامجها والمجتمع الذكوري الراعي لهما أن يروّج له. وإذا ما خذلت النساء هذه الصورة المرسومة لهن، فإنهن المسؤولات، ويصبح المجتمع ضحيتهن.

في سياق غير متصل، برزت، أخيراً، حملة في لبنان عن عاملات الجنس، بوصفهن ضحايا يُثرن العنف والتحرّش الجنسي. هذا الموضوع شائك ومثير للجدل عمّا إذا كانت عاملات الجنس ضحايا أم لا. بين النساء اللواتي يتعرّضن للتحرّش الجنسي في الأماكن العامة أو في أماكن العمل واللواتي يحملهن المجتمع مسؤولية كاملة عن الحادثة، وبين أولئك النساء اللواتي لا ينفك المجتمع يصفهن ضحايا، يستوقفنا السعي الدائم واللاواعي للمجتمع بوضع النساء في خانات ووصفهن وإطلاق الأحكام عليهن وعلى تصرفاتهن وأدوارهن.

يستوقفنا مفهوم الضحية وعن أيّ مواقف تصبح فيها النساء ضحية في نظر المجتمع. بشكل عام، الضحية دائماً محقة أخلاقياً. هي غير مسؤولة وغير مساءلة، وتستحق الدعم والشفقة بشكل مستمر. إذا حصلت النساء على صفة "الضحية" يصبح لديهن تفوق أخلاقي ولا يتحملن عندها مسؤولية التصرف ونتائجه.

*ناشطة نسوية

اقرأ أيضاً: إعلان هام

دلالات

المساهمون