قنابل عقاريّة موقوتة في الإسكندريّة

قنابل عقاريّة موقوتة في الإسكندريّة

04 نوفمبر 2015
دمار وضحايا... (العربي الجديد)
+ الخط -

يتواصل مسلسل انهيار العقارات في مصر، في حين أنّ عدداً كبيراً من الأهالي مهدّد بالموت تحت الأنقاض. وقد كشفت موجة الأحوال الجوية السيئة لا سيّما الأمطار الغزيرة التي سقطت على عدد من المحافظات مخلّفة دماراً في مناطق عشوائية كثيرة، عدم قدرة الدولة على بناء مساكن بديلة وإخلاء تلك العقارات من سكانها قبل أن تنهار على رؤوسهم. وبحسب ما يبدو، من المتوقع أن يشهد فصل الشتاء انهيارات عديدة في عقارات قديمة أو عشوائية.

يتوقّع أستاذ التخطيط العمراني في جامعة القاهرة الدكتور رضا حجاج، "مزيداً من الانهيارات في العقارات في عدد من المحافظات المصرية خلال الفترة المقبلة، حتى تلك الجديدة التي انتهى عمرها الافتراضي بسبب الغش في البناء. وقد وصل الأمر إلى استخدام أسمنت مغشوش في بعض المدن، في غياب الرقابة".

من جهته، يقول المهندس إبراهيم بسيوني إن أزمة العقارات المخالفة والآيلة للسقوط تتفاقم في الإسكندرية بسبب استمرار البناء المخالف من دون تراخيص وعدم تفعيل أي إجراءات رقابية من قبل الأجهزة الحكومية التي تتواطأ في كثير من الأحيان وتعمل على تطويع كل الثغرات القانونية بشأن قرارات ترميم العقارات وإزالتها بصورة تجعل القانون ينفّذ على الورق فقط. وهو الأمر الذي يهدد حياة الأبرياء في تلك المباني أو الأخرى المجاورة لها".

أما المهندس هيثم أبو خليل مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان، فيرى أنّ "انهيار العقارات فوق رؤوس سكانها خلال الفترة الماضية يرجع إلى التهاون في تطبيق القوانين. وهو دليل بسيط على الفساد المنتشر في قطاعات الدولة، الذي يستفيد منه عديد من المسؤولين، وفي الوقت نفسه يعكس ضعف الأجهزة في التعامل مع المشكلة باستخدام سياسية ردّ الفعل وليس التكاتف لعلاج الخلل ومنع الكوارث سواء في العقارات القديمة نتيجة انتهاء عمرها الافتراضي أو في المباني الجديدة نتيجة مخالفات البناء".

ويشير أبو خليل إلى "تضارب في الإحصائيات والأرقام التي تقدّر حجم الظاهرة، بين محافظة الإسكندرية ووزارة الإسكان وكذلك بين محافظ وآخر. وذلك إلى جانب تعدّد قرارات الإزالة والترميم الصادرة من دون أن تنفذ، لعدم وجود سلطة تنفيذية تجبر المواطنين على الاستجابة لهذه القرارات". يُضاف إلى ذلك توقف أكثرية الملاك عن صيانة عقاراتهم وإهمالها.

ويصف الدكتور طارق القيعي رئيس المجلس الشعبي الأسبق مشكلة انهيارات العقارات في الإسكندرية بالمزمنة والمعقدة، مركّزاً على "البناء من دون تراخيص في غياب القانون وعلى غفلة من المسؤولين". ويطالب بالبدء في "اتخاذ إجراءات عاجلة للقضاء على مشكلة المباني المخالفة وغير الآمنة، وإصدار قرارات تتعلق بمصادرة أو نزع ملكية هذه المباني ومعاقبة المخالفين ومثول أي متسبب أمام المحكمة بتهمة قتل الأبرياء".

اقرأ أيضاً: عمارات مصر تتهالك

أما محمود مخيمر وهو عضو شعبة مواد البناء في الإسكندرية، فيشدد على أن "انهيار العقارات ظاهرة تحتاج إلى توقف المسؤولين أمامها"، معيداً استمرار ذلك إلى "اتجاه البعض إلى استخدام أصناف غير مطابقة للمواصفات في البناء، كأن يقوم أحد المقاولين مثلاً باستخدام قواعد خراسانية لا تتحمل مواصفاتها الارتفاع". ويشير إلى أن "أزمة استخراج التراخيص التي يعاني منها المقاولون، تسهم بشكل أو بآخر في بناء العقارات المخالفة، بالتالي لا بدّ من تقديم تسهيلات للراغبين في الحصول على تراخيص".

إلى ذلك، تقول نقيبة المهندسين في الإسكندرية سمر شلبي إنّ "كوارث انهيار العقارات خلال الفترة الماضية لم تعد مقتصرة على المساكن القديمة، بل امتدت لتشمل المساكن الحديثة أيضاً نتيجة البناء العشوائي المخالف أو من دون ترخيص. لذا نتوقع استمرار تلك الحوادث، في حال استمر هذا التجاهل والتعامل الضعيف من قبل الدولة مع المشكلة وعدم مواجهة فوضى البناء". وتوضح أنه "للأسف، ما من حصر للمباني الآيلة للسقوط من أجل التحرك لإزالتها"، محملة "إدارات الأحياء مسؤولية الأزمات التي تشهدها المدينة، بسبب عدم تنفيذ قرارات الإزالة بحسم ومنع ظاهرة البناء المخالف".

وتشدد شلبي على "ضرورة إصدار تشريعات جديدة للتصدي لهذه الظاهرة، تكون نصوصها ملزمة، إلى جانب فرض عقوبات مشددة ورادعة في حالات مخالفة الارتفاعات أو الرسوم الهندسية، إلى جانب توفر إرادة سياسية جادة لتنفيذ قرارات الإزالة".

في هذا السياق، تشدد الدكتورة سعاد الخولي المكلفة بمهام محافظ الإسكندرية، على ضرورة "إصدار تشريعات جديدة للتصدي لأزمة مواجهة المباني المخالفة التي تؤثر بشكل مباشر على شبكات المرافق العامة والبنية الأساسية، عن طريق مجلس الوزراء، تجرّم البناء المخالف بعقوبات رادعة تصل إلى الحبس مع التحفظ على العقارات المخالفة". وتوضح أن "المحافظة ممثلة في الأحياء التابعة لها، معنيّة بإصدار وتنفيذ قرارات الإزالة للعقارات المخالفة مع الجهات ذات الصلة، لكن الأزمة تتمثل في عدم وجود إمكانات لتنفيذ قرارات الهدم وقيام ملاك العقارات القديمة بالتسويف والمماطلة".

اقرأ أيضاً: سيول الإسكندريّة تغرق المدينة وتقتل أهلها