استشهاد أربعيني فلسطيني دفاعاً عن ابنه الصغير

استشهاد أربعيني فلسطيني دفاعاً عن ابنه الصغير

16 أكتوبر 2015
صورة الشهيد (العربي الجديد)
+ الخط -
كان رياض يوسف (46 عاما) من قرية الجانية، غرب مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة، في طريق العودة من أرضه التي تعود أن يجني الزيتون منها، عندما اعترضته وعائلته قوات الاحتلال الإسرائيلي، قبل يومين، استفزوه بأساليبهم القمعية ليصاب بسكتة قلبية استشهد على إثرها صباح اليوم.

الطريق التي تعود أن يمر منها رياض دار يوسف، رفقة عائلته، في كل صباح، لجني الزيتون، هي ذاتها طريق العودة، لكن جنود الاحتلال الإسرائيلي تربصوا بالعائلة، لتنتهي حياة رياض على قارعة الطريق.

يقول شادي يوسف (21 عاما) نجل الشهيد لـ"العربي الجديد": "اندلعت مواجهات على المدخل الشرقي للقرية بين جنود الاحتلال وشبان فلسطينيين، فأوقف جنود الاحتلال عائلتنا التي كانت تضم أطفالا ونساءً".

وتابع قائلا: "طلب جنود الاحتلال من أخي إبراهيم (13 عاما) أن يقف جانبا، في محاولة لاستفزاز العائلة، ومن ثم بدأ الجنود بالتحقيق معه وسألوه إن كان ألقى الحجارة على الجنود. وهو التصرف الذي أغضب أبي، ومن ثم بدأت المناوشات، وحصل تدافع بين الجنود ووالدي ليبدؤوا في إطلاق قنابل الصوت والغاز الذي استنشقه والدي، وشعر على إثره بالتعب، ثم جلس في أرضه".

احتجز جنود الاحتلال عائلة يوسف لأكثر من ساعتين، ورغم حالة الشهيد الصحية بعد استنشاقه للغاز، إلا أنه أصرّ على عدم ترك الجنود يقتربون من ابنه إبراهيم خوفا من أن يتعرض إلى الأذى.

ومع استفزازات الجنود، أصيب الشهيد بنوبة قلبية، فنقلته سيارة إسعاف إلى مجمع فلسطين الطبي في مدينة رام الله، في حالة صحية حرجة، مكث حتى الصباح إلى أن أعلنت المصادر الطبية الفلسطينية، صباح أمس الخميس، نبأ استشهاده متأثرا باستنشاقه الغاز السام الذي أطلقه جنود الاحتلال.

وقال أقارب الشهيد إنه كان قد أجرى عملية قسطرة قبل خمسة شهور، وإنه لم يُصب بأي وعكة صحية إلى أن أصابه جنود الاحتلال بأسلحتهم.


اقرأ أيضا:استشهاد فلسطيني طعن جندياً إسرائيلياً في الخليل

وعرف رياض، في قريته بتدينه وورعه كإنسان خلوق، واشتهر بعلاقاته الاجتماعية الجيدة مع كل أهل قريته، وعمل سابقا موظفا حكوميا في وزارة التربية والتعليم.

والشهيد له خمسة أبناء، أكبرهم شادي (21 عاما) ويدرس الخدمة الاجتماعية في جامعة القدس المفتوحة، ويدرس محمد الذي يصغره بسنتين الشريعة الإسلامية، أما إبراهيم الذي حماه والده من الجنود قبل استشهاده، فهو طالب نشيط بالمدرسة، ويتميز بفن الخطابة والارتجال في المناسبات الوطنية في المدرسة والقرية.

ويقول شادي الذي كان صوته مليئا بالألم على فراق والده، لـ"العربي الجديد": "علاقتنا بالوالد ليست مجرد علاقة أب بأبنائه، كان صديقا لنا، يمازحنا ونضحك معه، كان يحلم أن نتخرج من الجامعة ليفتخر بنا أمام الناس، عمل من أجل تأمين مستقبلنا ولكي يرانا بأفضل حال".

ويضيف محمد يوسف، ابن خالة الشهيد: "الشهيد إنسان وطني يعشق أرضه ومتمسك بها، حتى إنه في آخر أيام حياته اقترح على شباب القرية تشكيل لجان حراسة ليلية، تحمي القرية المحاصرة من مستعمرات الاحتلال الإسرائيلية، وكان يحرص على حماية أمن قريته مثلما حرص على حماية ابنه من جنود الاحتلال".

وذكر أنه كان شجاعا لا يخشى اعتداء المستوطنين، متحديا إياهم، فلم تكن تخيفه حركات المستوطنين في أطراف القرية، إذ يحيط بقرية الجانية مجمع مستوطنات تلمون؛ والذي يُعرف عن مستوطنيه التطرف.

وكان الشهيد محبا وعطوفا على أبنائه وعلى أهل قريته، وكان يكتب الأشعار والخواطر ويشدوها أطفال وأشبال القرية في المدارس والمخيمات.

من جهته، أكدّ منسق الحملة الوطنية لمقاومة الجدار والاستيطان، صلاح الخواجا لـ"العربي الجديد" أن جنود الاحتلال والمستوطنين، ومع بداية موسم قطاف الزيتون في الأراضي الفلسطينية، ومنذ حوالي عشرة أيام، بدؤوا تحركاتهم الاستفزازية والمعيقة للمزارعين الفلسطينيين.

وأشار إلى أن عدة اعتداءات ممنهجة حدثت منذ بداية الموسم، ففي مدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية، منع الاحتلال الإسرائيلي المواطنين من الوصول إلى أراضيهم، وقاموا بإغلاق البوابات العسكرية الزراعية التي يحق للمزارعين الدخول منها، حيث يفصل المواطنين عن أراضيهم جدار الفصل العنصري.

وأحرق المستوطنون مئات الأشجار في قرية بورين جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، واعتدوا على أحد المزارعين هناك.

وفي مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، منع الاحتلال المزارعين من استصدار تصاريح خاصة للوصول إلى أراضيهم.

وأوضح الخواجا أن الاعتداءات تكون دائما عن طريق التنكيل بالشعب الفلسطيني، أوالتنغيص عليه في حياته اليومية، فليس دائما يموت الفلسطيني برصاصة صهيونية حاقدة، لكن طالما أن الاحتلال الصهيوني جاثم فوق الأرض وكل الوسائل متاحة أمامه، فبإمكانه منع الناس عن العمل ومصادرة حريتهم في أبسط الحقوق.