خريف موريتانيا.. موسم الهجرة إلى البادية

خريف موريتانيا.. موسم الهجرة إلى البادية

04 سبتمبر 2014
الخروج إلى البادية في الخريف، عرف سائد (فرانس برس/Getty)
+ الخط -

لكلّ موسم مكانه الخاص في موريتانيا، يشدّ أهلها الرحال إليه، وينعتقون فيه من رتابة حياتهم. والخروج إلى البادية (الريف) في موسم الخريف، عُرف راسخ، لا يغادر هذه القاعدة. تمضي العائلات إليها مع بدء هطول الأمطار، على معظم المناطق، فتبدأ حركة واسعة من العاصمة نواكشوط، والمدن الكبرى، باتجاه البادية، الممتدة على مساحات واسعة من البلاد، بما تتميز به من ماء وخضرة، ومواشٍ تشكل بألبانها ولحومها، العنصر الرئيس في غذاء الموريتانيين، ومعهم باقي شعوب الصحراء.

يبدأ الموسم في منتصف يوليو/تموز حتى أواسط سبتمبر/أيلول. ويستغل الموريتانيون هذه الفترة للهروب من صخب حياة المدينة، إلى نمط مختلف يجدون فيه الهدوء والراحة. ويقع اختيار العائلات على مناطق الداخل الموريتاني، خاصة المطيرة منها، في الولايات الشرقية والوسطى. وهي المناطق الأكثر ملاءمة لرعي المواشي، وحلبها.

التجهيزات تتطلب طقوساً خاصة ألفها الموريتانيون. فالمسكن خيمة، والمأكل لحوم ضأن متنوعة، مشوية على الرمل، ومعها لحوم أرانب، وحيوانات أخرى يصطادونها في الصحراء، والمشرب حليب نوق، ترعى في المكان.

ويزعم الموريتانيون، الذين يمضون إجازة الخريف، في البادية، أنّها تمدّ أجسادهم بالصحة، وتحميهم من مخاطر التلوث البيئي، في العاصمة نواكشوط وسواها، بعيداً عن المنشآت والمشاريع والمصانع الضخمة. ومن هؤلاء المدرّس، محمد ولد غالي، الذي يقول لـ"العربي الجديد" إنّه يفضل، مع أسرته، مغادرة العاصمة في الخريف، لقضاء الإجازة في ضواحي مقطع الحجار، وهي مدينة تقع في ولاية البراكنة، جنوبي موريتانيا.

وفي البادية يزور محمد، مع زوجته وأطفاله الأربعة، الأقارب، ويقصدون مسقط رأسهم، عدا عن متعة تنزّههم في أجواء الخريف الصحيّة الجميلة هناك. وبذلك، فإنّ الوضع السياحي في المدن الكبرى لموريتانيا، يشهد مفارقة. فمع انتعاش السياحة هناك، وازدياد المرافق المخصّصة، ما زال معظم الموريتانيين يفضّلون البادية، على المدينة، وحياة الخيمة على غرفة الفندق، وشرب حليب الإبل على الوجبات السّريعة.

وعن ذلك يقول الباحث سيدي ولد المبروك لـ"العربي الجديد" إنّ "العادات الاجتماعية الأصيلة لدى الموريتانيين ما زالت راسخة. فمعظمهم تجد علاقته بالبادية متينة، في مقابل تهميشه حياة المدينة". لكنّ ولد المبروك يؤكد، في المقابل، أنّ هذه العادات "في طريقها إلى التغير ولو بشكل بطيء ومحدود، بسبب الأسر الأرستقراطية، التي تفضّل إمضاء إجازاتها في إسبانيا والمغرب وفرنسا".