أطفال فلسطين: "ادعم احتلالك"

أطفال فلسطين: "ادعم احتلالك"

16 أكتوبر 2014
مشاركة الأطفال في حملات المقاطعة كانت لافتة (نور حميدان)
+ الخط -
وقف أمجد (12 عاماً) أمام ثلاجة لبيع منتجات الألبان في إحدى المتاجر الكبيرة في مدينة نابلس. راح يراقب والده وهو يبحث عن حليب إسرائيلي الصنع. لفَتَ نظر والده إلى لافتة عُلّقت على الثلاجة كُتب عليها "ادعم احتلالك".

لم يجد الوالد ما كان يبحث عنه. هذا المتجر أعلن مسبقاً مقاطعته البضائع الإسرائيلية بعد العدوان الأخير على قطاع غزة. مع ذلك، بدا الأب مقتنعاً بخياره. أخبر ابنه عن جودة المنتج، بينما كان أمجد يدافع عن المنتج الفلسطيني، وقال لوالده: "جرّب قبل أن تحكم".
كثيرون هم الأطفال الذين انضموا إلى حملات مقاطعة البضائع الإسرائيلية، التي ازدادت بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة. راحوا يجوبون الشوارع ويدعون الناس إلى مقاطعة بضائع الاحتلال، مذكرين إياهم بأن أي "سلعة إسرائيلية يتم شراؤها، تُساهم في دعم موازنة جيش الاحتلال بنسبة 16 في المائة من قيمتها".

كانت الطفلة وعد تحمل في يدها مئات الملصقات التي تدعو إلى مقاطعة الاحتلال ومنتجاته. تعبر من محل تجاري إلى آخر، وتوزع ملصقاتها التي حملت عبارة: "لا تساهم في ثمن الرصاصة التي تقتل أطفالنا". تؤكد أنها "ستستمرّ في دعوات المقاطعة. يشجعها على ذلك استجابة الناس". تقول "دماء أطفال غزة ليست رخيصة حتى تسيل بأموالنا بسبب استهلاكنا لمنتجات الاحتلال".

تُساهم مشاركة الأطفال في هذه الحملات بتحقيق نتائج فعّالة. ويجدُ الكثيرون أنفسهم في موقف محرج حين يدعوهم أطفال من جيل أولادهم وربما أحفادهم، إلى مقاطعة منتجات الاحتلال. سالم محمد (35 عاماً) هو أحد هؤلاء الذين استجابوا لدعوات المقاطعة، بعدما أعطاه طفل منشوراً يدعوه لمقاطعة البضائع الإسرائيلية، ويحمل عنوان "ادعم احتلالك". يقول: "أجد نفسي صغيراً عندما يطالبني طفل بعمر ابني بمقاطعة البضائع الإسرائيلية بينما يفترض أن أكون أنا من أقوم بحملات توعية الأطفال حول أهمية المقاطعة. اتخذت قراري فوراً ولن أشتري البضائع الإسرائيلية أو أدخلها إلى بيتي بعد اليوم. وإذا لم يتوفر بديل فلسطيني، فسأشتري البديل الأجنبي".

وتُشير إحصاءات غير رسمية صادرة عن جميعات عدة إلى أن مبيعات الاحتلال الإسرائيلي في الأسواق الفلسطينية انخفضت بنسبة 50 في المائة منذ بدء حملات المقاطعة وازديادها، إلا أن هذه الإحصائيات تبقى في حاجة إلى توثيق رسمي من وزارة الإقتصاد الوطني التي لم تؤكد هذه الأرقام بعد.
بدوره، يؤكد رئيس جمعية حماية المستهلك في نابلس إياد عنبتاوي أن "حملات المقاطعة أعطت نتائج كبيرة"، مشيراً إلى أن "مشاركة الأطفال كانت لافتة جداً، وقد استغرب كثيرون الأمر". ويلفت إلى أن "الأطفال باتوا ينبهون زملاءهم إلى عدم شراء الحقائب المدرسية الإسرائيلية الصنع"، موضحاً أن "المقاطعة يجب أن تشمل كل نواحي الحياة ومتطلباتها". يُضيف: "يجب ألا ننسى الحقائب المدرسية الإسرائيلية التي تملأ الأسواق الفلسطينية. فالأطفال لا يريدون حملها ويجب أن نساعدهم على ذلك".

اشترى براء حقيبة تحمل شعار "غزة تنتصر". أصر على والده أن يشتريها له بعدما رأى أحد أصدقائه يحملها. هكذا عبّر عن تضامنه مع الأطفال في قطاع غزة. يقول: "أقل ما يمكن القيام به هو حمل حقيبة فلسطينية الصنع، تحمل شعاراً رافضاً للاحتلال".
في السياق، يقول الناشط في لجان مقاطعة منتجات الاحتلال خالد منصور، أن "المقاطعة سلاح فعال في وجه إسرائيل، ويمكن تكبيدها الكثير من الخسائر إذا حققت الحملات النجاح المطلوب". يُضيف أن "السوق الفلسطيني هو ثاني أكبر سوق للمنتجات الإسرائيلية، ويزيد حجـم الواردات السنوية الفلسطينية من المنتجات الإسرائيلية عن 3 مليارات دولار". ويشير إلى أن "الأطفال باتوا يعطون دروساً للكبار في المقاطعة"، داعياً كل مواطن إلى "الخجل من نفسه والتوقف فوراً عن شراء البضائع الإسرائيلية".

ويحذّر منصور من سعي بعض التجار إلى استغلال حملات المقاطعة هذه لرفع أسعار المنتجات الفلسطينية، داعياً الجهات الحكومية وجمعيات حماية المستهلك إلى "فرض رقابة مشددة على الأسعار، ومنع أي تلاعب يؤدي إلى استنزاف المستهلك وإحباطه". ويلفت إلى "ضرورة ألا تكون حملات المقاطعة مثل سحابة صيف عابرة ما تلبث أن تنقشع"، مطالباً "بالعمل على توطين المقاطعة في وعي ووجدان الناس". وفي ظل تنامي الاستجابة لحملات المقاطعة، ومشاركة الأطفال بفاعلية كبيرة، يأملُ الكثيرون ألا ينتهي الأمر سريعاً.