منظمات تشارك مخاوف لجنة أممية إزاء حقوق الإنسان في مصر

منظمات تشارك مخاوف لجنة أممية إزاء حقوق الإنسان في مصر وتتبنّى مطالبها

28 مارس 2023
ثمّة قلق كبير يُسجَّل بشأن أوضاع حقوق الإنسان في مصر (محمد الشاهد/ فرانس برس)
+ الخط -

تبنّت منظمات حقوقية مصرية ما جاء في التقرير الصادر عن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة بشأن الوضع في مصر، بعد استعراض سجلّ الحكومة المصرية في مجال الحقوق المدنية والسياسية للمرّة الأولى منذ 21 عاماً، والذي أعربت فيه عن مخاوفها العميقة إزاء الأوضاع في مصر، مطالبة بإصلاحات هيكلية واسعة بناءً على توصيات.

وكانت اللجنة الأممية المشكّلة لمراقبة تنفيذ مواد العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي انضمّت إليه مصر في عام 1982، قد استعرضت الوضع في مصر يومَي 28 فبراير/ شباط الماضي والأوّل من مارس/ آذار الجاري، في اجتماعات عُقدت بمقرّ الأمم المتحدة في جنيف شارك فيها وفد حكومي مصري رفيع المستوى برئاسة وزير العدل المستشار عمر مروان وعضوية ممثلين عن النيابة العامة ووزارة الخارجية والمجالس القومية وغيرها من الجهات الرسمية.

وقد أشار التقرير إلى قلق اللجنة الأممية العميق بشأن انتشار ممارسات الاعتقال التعسفي واستخدام الحبس الاحتياطي المطوّل كعقوبة، خصوصاً في حقّ المعارضين والصحافيين والحقوقيين وغيرهم من منتقدي الحكومة، ولمدد تتجاوز الحدّ الأقصى للحبس الاحتياطي المقرّر قانوناً.

واستخدمت اللجنة تحديداً، للمرّة الأولى، مصطلح "التدوير" الذي عرّفته اللجنة بأنّه إضافة المحتجزين إلى قضايا جديدة بالتهم نفسها من أجل إبقائهم رهن الاحتجاز، فضلاً عن تدخّل أجهزة الأمن في منع الإفراج عن السجناء حتى بعد أن تقضي المحاكم بتبرئتهم أو إخلاء سبيلهم.

ورحّبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بتقرير اللجنة الذي جاء في 15 صفحة بعد استعراض التقرير الحكومي المصري والتقارير الموازية المقدّمة من المجتمع المدني، والذي تضمّن انتقادات لمجموعة واسعة من الانتهاكات المنهجية في مصر ومطالب تفصيلية للحكومة المصرية بتنفيذ عدد من الإجراءات لوقفها ومعالجة تلك الانتهاكات.

من جهتها، رأت منظمة "كوميتي فور جستس" أنّ "تقرير لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة حول مراجعة ملفّ مصر ومدى قيامها بتطبيق الحقوق المدنية والسياسية، أظهر مدى العوار الذي عليه الوضع الحقوقي في مصر، وفشل السلطات المصرية في إخفاء الحقائق التي أضحت واضحة للجميع الآن". ورحّبت بالتقرير واصفة إياه بأنّه "نقطة ارتكاز" يمكن البناء عليها لوقف الانتهاكات الحقوقية الممنهجة في مصر.

وشدّدت "كوميتي فور جستس" على أهمية تفاعل السلطات المصرية مع توصيات اللجنة الواردة في التقرير وعدم إهمالها، كما العادة، مع ضرورة إيجاد بدائل للتعامل الأممي مع الحالة المصرية في حال استمرار تلك الانتهاكات، وعدم الاكتفاء بإصدار التوصيات أو الإدانات من دون إيجاد ضغوط لتنفيذها على أرض الواقع.

وكانت اللجنة الأممية قد أعربت كذلك في تقريرها الختامي عن قلقها العميق بشأن "ممارسة التعذيب بشكل منهجي وواسع النطاق" في مصر، على يد قوات الأمن في أماكن الاحتجاز ومقار الأمن الوطني، بما في ذلك الاعتداءات الجنسية.

وأشارت اللجنة إلى غياب إجراءات التحقيق والمعاقبة في حقّ مرتكبي الانتهاكات، وعدم وجود رقابة حقيقية على أماكن الاحتجاز من قبل النيابة العامة والقضاء. وأوصت اللجنة تحديداً، في هذا المجال، بتسجيل كلّ جلسات الاستجواب بكاميرات فيديو.

وفي ما يخصّ عقوبة الإعدام، سجّلت اللجنة الأممية قلقها العميق بشأن ارتفاع عدد أحكام الإعدام الصادرة في مصر ومعدّلات تنفيذها، والعدد الكبير من الجرائم المعاقب عليها بالإعدام، وتوقيع عقوبة الإعدام وجوبياً في بعض الحالات، والحكم بالإعدام على أساس اعترافات منتزعة بواسطة التعذيب والإكراه أو في أعقاب محاكمات غير عادلة بما فيها المحاكمات الجماعية أو بواسطة محاكم عسكرية أو محاكم أمن الدولة طوارئ التي يسمح لها القانون بالحكم بإعدام المتهمين من دون السماح بالطعن أو الاستئناف. كذلك انتقدت اللجنة تنفيذ أحكام الإعدام بشكل سري، ومن دون إخطار مسبق لأفراد العائلة أو السماح لهم بزيارة ذويهم قبل إعدامهم. ودعت السلطات المصرية إلى وقف تنفيذ أحكام الإعدام تمهيداً للنظر في إلغائها.

وفي موضوع الإخفاء القسري، أشارت اللجنة إلى الاستعمال واسع النطاق للاحتجاز السري غير القانوني بمعزل عن العالم الخارجي، وتعرّض المحتجزين لفترات من الإخفاء القسري على الرغم من صدور أحكام قضائية بإخلاء سبيلهم.

وانتهت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة إلى أنّ القواعد التي تحكم استخدام قوات الأمن القوة، بما في ذلك قانون الشرطة رقم 109 لسنة 1971 والقرار رقم 165 لسنة 1964 بشأن استخدام الشرطة الأسلحة النارية، تُعَدّ مخالفة للمعايير الدولية. وانتقدت اللجنة استخدام الذخيرة الحيّة في مواجهة التظاهرات المناهضة للحكومة. وانتقدت اللجنة القيود والعقوبات المشدّدة المفروضة في قانون التظاهر رقم 103 لسنة 2013.

ولفتت اللجنة تحديداً إلى الحصانة وعدم محاسبة المسؤولين والقائمين على القتل الجماعي للمتظاهرين، بخاصة سقوط ما لا يقلّ عن 900 متظاهر في أثناء فض اعتصامَي رابعة العدوية والنهضة في 14 أغسطس/ آب 2013، ومقتل 281 متظاهراً على أقلّ تقدير في يومَي الخامس والثامن من يوليو/ تموز 2013 في خارج مقرّ الحرس الجمهوري ويوم 27 يوليو 2013 على طريق النصر (المنصة) ويوم 16 أغسطس 2013 في العباسية.

وتناولت اللجنة كذلك قائمة طويلة من الانتهاكات في ما يخصّ أوضاع السجون وأماكن الاحتجاز. فانتقدت غياب المعلومات والبيانات المقدّمة من الحكومة بشأن أعداد السجناء وتوزيعهم. كذلك سجّلت قلقها إزاء الاكتظاظ الشديد، وسوء التهوية، ونقص المياه النظيفة ومنتجات الصحة والنظافة الشخصية، والاعتداءات الجسدية على السجناء، وعدم توفّر الرعاية الطبية الملائمة في أماكن الاحتجاز. وانتقدت اللجنة وقف زيارات السجون بالكامل كجزء من الإجراءات الخاصة بأزمة كورونا من دون توفير أيّ بدائل للسجناء للتواصل مع ذويهم ومحاميهم.

وفي التقرير الختامي، تحدّثت اللجنة الأممية عن كلّ مظاهر تقييد الحريات العامة، بما في ذلك حرية الرأي والتعبير، مع انتقادات محدّدة للقيود التي فرضها القانون 180 لسنة 2018 بشأن تنظيم الصحافة والإعلام والصلاحيات الواسعة الممنوحة للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، واستمرار حجب المواقع الإعلامية، وحبس الصحافيين، واستخدام قانون الجريمة الإلكترونية رقم 175 لسنة 2018 في ملاحقة وتجريم وحبس مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً من النساء والفتيات بتهم فضفاضة مثل "مخالفة الآداب العامة" أو "قيم الأسرة".

ودعت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان الحكومة المصرية إلى تعديل قانون الجمعيات رقم 149 لسنة 2019، وأشارت إلى القيود التي يفرضها هذا القانون على تسجيل وعمل منظمات المجتمع المدني وقدرته على تدبير الموارد. كذلك طالبت بتعديل قانون الأحزاب السياسية رقم 12 لسنة 2011 والمادة 74 من الدستور لضمان حرية تشكيل الأحزاب السياسية وتسجيلها وعملها، والنصّ على ضمانات حياد واستقلالية لجنة الأحزاب كضامن للتعددية الديمقراطية.

وفي سياق متصل، انتقدت اللجنة التعريف الواسع والغامض للجريمة الإرهابية في كلّ من قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 وقانون قوائم الإرهابيين والكيانات الإرهابية رقم 8 لسنة 2015، وطالبت الحكومة بتعديلهما.

المساهمون