مناطق النظام السوري "مرهقة" تدريسياً

مناطق النظام السوري "مرهقة" تدريسياً

02 سبتمبر 2022
واقع جديد للتعليم وسط الأزمات في سورية (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -

حددت وزارة التربية في مناطق النظام السوري 4 سبتمبر/  أيلول الجاري أول أيام العام الدراسي الجديد، بينما استهلت الكوادر الإدارية الدوام في 28 أغسطس / آب الماضي. وشكل ذلك إعلاناً مفرحاً لانطلاقة جديدة لمستقبل التلاميذ عموماً، لكنّه ترافق مع قلق لدى الأهالي والكوادر التعليمية.
يقول سلمان موسى، وهو أب لثلاثة أطفال ويسكن في محافظة السويداء، لـ"العربي الجديد": "لم يعد الأمر يتوقّف على الضغوط المادية التي يعاني منها أهالي الطلاب في تجهيز أبنائهم للعودة المدرسية، في ظل الاضطرار إلى تخصيص مبالغ ضخمة لشراء الكتب والقرطاسية واللباس ومستلزمات أخرى، فالواقع أن أهالي محافظة السويداء يعانون أيضاً من هموم تأمين وسائل نقل أبنائهم من قراهم إلى المدارس الثانوية خارجها، بعدما رفض أصحاب وسائل النقل التعاقد مع الأهالي بنفس أسعار السنوات السابقة. ويضاف إلى ذلك تكاليف المصاريف اليومية المخصصة للطلاب التي يحرص أولياء الأمور على تأمينها لأبنائهم لتجنيبهم أي حرج أمام زملائهم".

 وعن الصعوبات المرتبطة بعمل المدارس، يرى موسى أن "أبرزها استقالة عدد لا بأس به من المعلمين، بسبب تدني الأجور، وتوسّع الفجوة بينها وبين المصاريف الشهرية، وكذلك عدم إيجاد بدائل لشواغر قديمة، خصوصاً في مواد الرياضيات والفيزياء والكيمياء". كما يتحدث عن التأثيرات السلبية لآفة المخدرات التي غزت السويداء والمدارس، بعدما عمل تجار على إيجاد زبائن جدد في صفوف الطلاب، ما يشكل حالياً الهاجس الأكبر للرأي العام.
ويقول فادي اليوسف، المعلم والأب لطالب وطالبة في ريف السويداء، لـ"العربي الجديد": "أكثر من نصف طلاب الثانوية العامة من أبناء الريف الذين يفتقرون إلى وجود مدارس ثانوية عامة في بلداتهم، ومعاهد مهنية وصناعية وتجارية. وهذه المعاناة ترهق المدرسين أيضاً، حيث يضطر الطلاب والمدرسون إلى استخدام وسيلتي نقل ذهاباً وإياباً إلى المدارس".
أيضاً، يخبر علي سليمان من ريف حمص الشمالي، "العربي الجديد" أن "أهالي التلاميذ وخاصة من هم في المرحلة الابتدائية، يخافون على أبنائهم من رعونة سائقي السيارات غير المسجلة والدراجات النارية، ما يمنعهم من إرسال أبنائهم إلى المدارس في حال انشغل أحد الوالدين، فهم يعلمون جيداً أن لا محاسبة ولا احترام للقانون".

الصورة
استقالات في كوادر التعليم مع بدء العام الدراسي (لؤي بشارة/ فرانس برس)
استقالات في كوادر التعليم مع بدء العام الدراسي (لؤي بشارة/ فرانس برس)

ويتطرّق سليمان أيضاً إلى مشكلة تراجع ثقة الأهالي بقدرات المعلمين على إيصال المعلومات بدقة، باعتبار أن كثيرين من أصحاب الكفاءات والخبرات الكبيرة تركوا التدريس بحثاً عن مجالات تؤمن لهم مداخيل تكفيهم.
ويلفت إلى أن "سوء الخدمات العامة والتراجع الكبير في الوضع المعيشي جعل الطلاب والأهالي والمدارس يقبلون بالحد الأدنى من التعليم، وتراجع الدور التربوي للمدرسة، وانعدم التواصل بين إدارييها والأهالي، خاصة في المراحل الإعدادية والثانوية. وأصبح شائعاً ألا يحضر أي من أولياء الأمور اجتماعاً يدعو إليه مسؤولو مدرسة". 
ويؤكّد سليمان "افتقار المدارس إلى القدرات والتجهيزات المناسبة لشرح المناهج وتوضيحها، مثل الكومبيوترات ومعدات التجارب العلمية إلى جانب الأدوات الرياضية والموسيقية وغيرها، والاعتماد بالكامل على جهود المدرسين وبعض التبرعات".
وفي مناطق النظام بالرقة، يضاف إلى سلسلة الصعوبات إقامة معظم المعلمين في مناطق نفوذ "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، ما يكبّدهم مشقات إضافية لعبور حواجز ونقاط تفتيش عسكرية للجهتين، حيث قد يتعرضون لخطر. 
وقد دفع ذلك معلمين كثيرين إلى الاستقالة، وطلاباً إلى ترك مقاعد الدراسة، أو الهروب من المنطقة خوفاً من سوقهم إلى التجنيد الإجباري من الجهتين أيضاً، وفق ما يقول حميد الخالد الذي يشير أيضاً، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن "معظم مدارس الرقة تضررت خلال سنوات الحرب، ما حتم تكديس مديرية تربية النظام الطلاب في صفوف صغيرة، والذي أثر سلباً على نوعية التعليم. يضاف إلى ذلك المعاناة في تأمين المناهج والكتب المدرسية والأدوات التعليمية المستخدمة لتوضيح المناهج، حيث لا يصل إلى مدارس الريف النائي إلا القليل منها".

وكان بيان مشترك أصدره عام 2021 المنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية مهند هادي، والمدير الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تيد شيبان، أورد أن "نظام التعليم في سورية يعاني من إرهاق كبير، ونقص في التمويل، ما يعني أنه غير قادر على توفير خدمات آمنة وعادلة ومستدامة لملايين الأطفال".
أضاف: "يوجد أكثر من 2.4 مليون طفل خارج المدرسة، نحو 40 في المائة منهم من الفتيات، كما خرجت مدرسة من كل ثلاث عن الخدمة بسبب تدميرها أو تعرضها لأضرار أو استخدامها لأغراض عسكرية".

المساهمون