مفاوضات في الكواليس بين منظمات إنسانية و"طالبان"

مفاوضات في الكواليس بين منظمات إنسانية و"طالبان"

03 سبتمبر 2021
ثمّة قلق حيال مستقبل المساعدات الإنسانية (وكيل كوهسار/ فرانس برس)
+ الخط -

تتفاوض منظمات إنسانية في الكواليس مع نظام طالبان الجديد في أفغانستان، بهدف مواصلة أنشطتها في البلاد التي باتت على شفير "كارثة إنسانية" محتملة، فيما تخيّم الضبابية على الوضع الاقتصادي، وكذلك المالي.

وتعاني أفغانستان، التي تُعَدّ من بين أكثر دول العالم فقراً، من انهيار شامل، إذ ترزح تحت وطأة الجفاف ووباء كورونا وتدفّق الجرحى إلى المستشفيات، ونزوح مئات آلاف السكان، فيما يعتمد الاقتصاد على المساعدات الدولية المعلّقة تقريباً في الوقت الحالي.

ويعيش 18 مليوناً من بين السكان، المقدّر عددهم بنحو 35 إلى 40 مليون شخص، في أوضاع إنسانية كارثية، وقد حذّرت الأمم المتحدة أخيراً من أنّ عدداً مماثلاً قد يُضاف إلى هؤلاء، داعية إلى تقديم مساعدات دولية.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد حذّر، يوم الثلاثاء الماضي، من "كارثة إنسانية" وشيكة في أفغانستان، وحضّ دول العالم على تقديم مساعدات مالية عاجلة في أعقاب انسحاب القوات الأميركية.

وميدانياً، تعيش المنظمات غير الحكومية حالة عدم يقين، فيما تحاول الحصول على ضمانات بشأن استمرارية برامجها.

وتقول المتحدثة الرسمية باسم المجلس النروجي للاجئين ميشيل ديلاني إنّ "فرقنا على الأرض بدأت تنخرط في مناقشات مع حركة طالبان في ولايات عدّة. وقد طلبت منّا في كلّ مرّة أن نواصل عملنا".

وتؤكّد منظمات غير حكومية أخرى أنّها تجري محادثات مع حركة طالبان بغية مواصلة عملياتها على الأرض، أو أنّها تبلّغت ضمانات أمنية لمواصلة البرامج القائمة.

ويأتي ذلك في حين علّقت حركة طالبان تصاريح العمل الممنوحة لمنظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر في المناطق التي كانت تسيطر عليها، قبل أن تضع يدها على البلاد كاملة، لتعيدها في وقت لاحق.

وكانت هذه العقوبة قد فُرضت على اللجنة الدولية للصليب الأحمر طيلة أشهر في عام 2018، وقد طلبت طالبان حينها تغييرات في حملة التحصين ضدّ شلل الأطفال التي نُظر إليها كمؤامرة غربيّة لتعقيم الأطفال المسلمين أو تقويض إيمانهم. وبالتالي، فإنّ أفغانستان وباكستان هما البلدان الوحيدان حيث شلل الأطفال ما زال متفشّياً.

ويذكّر عناصر إغاثة بأنّ حركة طالبان طلبت، في وقت سابق من هذا العام، وقف المشاريع التي تساعد النساء على الحصول على استقلالية، ومُنع العاملات في المجال الإغاثي من الوصول إلى الأراضي التي تسيطر عليها الحركة.

وتقول نائبة مدير منظمة "كير" الدولية في أفغانستان ماريان أوغرادي إنّ "الجميع يسأل عمّا سيحصل"، مضيفة أنّ كلّ أعمال المنظمة المروّجة لحقوق المرأة ما زالت قائمة.

ويشكّل الحفاظ على أمن المهمات مسألة حساسة كذلك في واحدة من أكثر المناطق خطورة لأعمال الإغاثة.

وكانت طائرة أميركية قد قصفت مستشفى "أطباء بلا حدود" في قندوز (شمال) في الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2015، خلال قتال بين إسلاميين والجيش الأفغاني، الأمر الذي أسفر عن سقوط 42 قتيلاً، منهم 24 مريضاً و14 عاملاً في المنظمة غير الحكومية.

وفي يونيو/ حزيران الماضي، قُتل عشرة أفغان من العاملين في إزالة الألغام مع المؤسسة الخيرية البريطانية "هالو ترست" في ولاية بغلان (شمال) على أيدي عناصر من تنظيم "داعش".

لكنّ المنظمات غير الحكومية تؤكّد أنّ لا نية لديها في أن تخفّف وجودها ونشاطها، خصوصاً تلك التي كانت تعمل أصلاً في مناطق سيطرة حركة طالبان.

ويقول المتحدّث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر فلوريان سيريكس إنّ "التحوّلات في أفغانستان لم تؤثّر على علاقتنا بطالبان، والوضع الحالي لا يبدّل من طريقة تصرّفنا".

كذلك، عبّر عناصر إغاثة أجانب آخرون كانوا قد غادروا البلاد في نهاية أغسطس/ آب المنصرم، عن رغبتهم في العودة. ويحذّر ممثّل أطباء بلا حدود في أفغانستان فيليبي ريبيرو من أنّ "الوقت ينفد"، وقد تواجه البلاد نقصاً في الإمدادات الطبية في الأشهر المقبلة.

تجدر الإشارة إلى أنّ نحو واحد في المائة فقط من سكان أفغانستان تحصّنوا بالكامل ضدّ كوفيد-19 في الشهر الماضي، وفقاً للبيانات التي جمعتها وكالة "فرانس برس".

ويهدّد تجميد الاحتياطيات الوطنية الأفغانية في الخارج وتجميد المساعدات الدولية استمرار العمليات الإنسانية على المدى القصير أو أكثر بقليل. وفي هذا الإطار، لم تخفِ أوغرادي قلقها حيال "مستقبل المساعدات الإنسانية" في البلاد.

(فرانس برس)

المساهمون