مصر: 4 سنوات كاملة من الحبس الانفرادي لـ"وزير الغلابة"

مصر: باسم عودة "وزير الغلابة" محروم من الزيارات منذ 4 سنوات

10 نوفمبر 2020
يستخدم الحبس الانفرادي في السجون المصرية بشكل تعسفي (Getty)
+ الخط -

في 9 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2016، كانت آخر زيارة سمحت بها السلطات المصرية، لباسم عودة، وزير التموين المصري في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، ليغلق عليه باب الزنزانة من يومها في الحبس الانفرادي في سجن ملحق مزرعة طرة جنوبي القاهرة.

ومنذ أربع سنوات كاملة، لم تيأس حنان توفيق، زوجة باسم عودة الملقب بـ"وزير الغلابة" لاهتمامه بفئات الشعب المهمشة والفقيرة، من التدوين عنه بشكل شبه يومي، عبر وسوم "الحرية لباسم عودة"، و"من حق باسم عودة يشوف ولاده"، و"افتحوا الزيارة".

وطوال تلك السنوات الأربع، لم تر توفيق زوجها إلا مرة واحدة، قبل حوالي عام ونصف، خلال جلسة محاكمته. 

وكان دفاع عودة قد نفى التهم الموجهة إليه في القضية المعروفة إعلامياً باسم "أحداث البحر الأعظم"، مؤكدا أنه لم يشترك في الأحداث نهائيا، وإنما تم الزج به في القضية والتنكيل به للانتقام منه سياسيا لرفضه المشاركة في أول حكومة عقب الانقلاب العسكري الذي حدث في 3 يوليو/ تموز 2013.
كما دفع ببطلان اتهام موكله كذلك بإمداد المتظاهرين بالأموال وتحريضهم على التظاهر في القضية لعدم وجود أي دليل مادي أو فيديو يثبت وجوده.
وبالمخالفة للدستور والقانون المصريين، والمعاهدات والمواثيق الدولية، يستخدم الحبس الانفرادي في السجون المصرية بشكل تعسفي في حالة تأديب المسجونين الجنائيين، ويستخدم بشكل منهجي للانتقام من الخصوم والمعارضين السياسيين والتنكيل بهم وعقابهم، فالعديد من المحتجزين والمسجونين لأسباب سياسية يستمر حبسهم الانفرادي لمدد غير محددة ولشهور طويلة، بل أحيانا ما يمتد لسنوات دون الالتفات إلى ما نص عليه الدستور والقانون بشأن تنظيم مدد الحبس الانفرادي.

وينص قانون تنظيم السجون المصري، رقم 396 لسنة 1956 في المادة (43) منه على أن " الجزاءات التي يجوز توقيعها على المسجون هي: الإنذار والحرمان من كل أو بعض الامتيازات المقررة لدرجة المسجون أو فئته لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً، وتأخير نقله إلى درجة أعلى من درجته في السجن لمدة لا تزيد على ستة أشهر إن كان محكوماً عليه بالحبس أو بالسجن، ولمدة لا تزيد على سنة إن كان محكوماً عليه بالسجن المؤبد أو بالسجن المشدد، وتنزيله إلى درجة أقل من درجته في السجن لمدة لا تزيد على ستة أشهر، إن كان محكوماً عليه بالحبس أو بالسجن، ولمدة لا تزيد على سنة إن كان محكوماً عليه بالسجن المؤبد أو بالسجن المشدد، والحبس الانفرادي لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً، ووضع المحكوم عليه بغرفة خاصة شديدة الحراسة لمدة لا تزيد على ستة أشهر، وذلك على النحو الذي تبينه اللائحة الداخلية".

وجرّم القانون الدولي لحقوق الإنسان، باعتباره مرجعية في المسائل القانونية المتعلقة بتلك الأزمات الإنسانية، التعذيب في شكل الحبس الانفرادي المطول والإهمال الطبي المتعمد، وجرمته كذلك الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لسنة 1984 وقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا).

كما عرفت قواعد الأمم المتحدة النموذجية لمعاملة السجناء، أن الحبس الانفرادي هو "حبس السجناء لمدة 22 ساعة أو أكثر في اليوم دون أي سبيل لإجراء اتصال ذي معنى مع الغير". وعرفت مفهوم الحبس الانفرادي المطول بأنه "الحبس الانفرادي لمدة تزيد عن 15 يومًا"، ونصت على أنه "لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تصل القيود أو الجزاءات التأديبية إلى حد التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو العقوبة اللاإنسانية"، كما نصت على "حظر مجموعة من الممارسات منها الحبس الانفرادي إلى أجل غير مسمى والحبس الانفرادي المطول. وبألا يستخدم الحبس الانفرادي إلا في حالات استثنائية أو كملاذ أخير ولأقصر فترة ممكنة، وبمتقضي تصريح من سلطة مختصة"، وأفادت بـ"عدم جواز أن تتضمن الجزاءات التأديبية أو تدابير التقييد منع السجناء من الاتصال بأسرهم".

لذا تعتبر المواثيق والمعاهدات الدولية أن الحبس الانفرادي، واحد من أقسى الجزاءات التي يمكن تطبيقها على السجناء، وتعتبر شكلًا من أشكال التعذيب أو المعاملة القاسية واللا إنسانية في حالة الحبس الانفرادي المطول والحبس الانفرادي غير محدد الأجل لما يسببه العزل الكامل في آثار نفسية خطيرة، كما جاء في بيان إسطنبول بشأن استخدام الحبس الانفرادي وآثاره عام 2007 أن "العزل الكامل للحواس بالاقتران مع العزل الجسدي الكامل، يمكن أن يحطم الشخصية ويشكل شكلا من أشكال المعاملة اللاإنسانية التي لا يمكن تبريرها بمقتضيات الأمن أو بأية أسباب أخرى".

وقد وثَّقت منظمة العفو الدولية 36 حالة لسجناء احتُجزوا رهن الحبس الانفرادي المطوَّل وإلى أجل غير مُسمَّى، وبينهم ستة عُزلوا بشكل غير مشروع عن العالم الخارجي منذ عام 2013. وخلصت المنظمة من خلال بحوثها إلى أن استخدام الحبس الانفرادي ضد السجناء يُطبَّق في كثير من الأحيان بشكل تعسفي ودون إشراف قضائي، ويُعدُّ على الدوام بمثابة نوع من المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، بل ويشكِّل أحياناً ضرباً من التعذيب. ويُحتجز بعض السجناء رهن الحبس الانفرادي المطوَّل أو إلى أجل غير مُسمَّى، أو يُوضعون في زنازين تتسم الظروف فيها بأنها غير إنسانية، أو يتعرضون لعقاب جماعي. وفي بعض الحالات، يتعرض السجناء لتعذيب بدني أيضاً.

المساهمون