مصر تناقش مشروع قانون حبس الأطباء احتياطياً

مصر تناقش مشروع قانون حبس الأطباء احتياطياً

06 نوفمبر 2021
في غرفة العمليات (يحيى دوير/ فرانس برس)
+ الخط -

يستعدّ مجلس النواب المصري لمناقشة مشروع قانون المسؤولية الطبية، في جلساته المقرّرة منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، المقدم من رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية ووكيل لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، أيمن أبو العلا، و60 نائباً آخرين، ويقضي بتوقيع عقوبة الحبس الاحتياطي بحق الطبيب في حال ارتكاب جنايات، بدعوى حماية المريض من أي أضرار قد يتعرض لها أثناء حصوله على الخدمة الصحية.
وسجلت النقابة العامة للأطباء في مصر، والمجلس الأعلى للجامعات، اعتراضهما على مشروع القانون، الذي انتهت لجنة الشؤون الصحية في المجلس من مناقشته، تمهيداً لإعداد تقرير عنه للعرض في الجلسة العامة للبرلمان، كونه يجيز سجن الطبيب احتياطياً في حال تعرّض المريض لمضاعفات بسبب إجراء علاجي، بدلاً عن العقوبات التأديبية من قبل نقابة الأطباء.
وتجاهلت اللجنة الصحية في مجلس النوب مناقشة مسودة نقابة الأطباء عن القانون، والتي تقدمت بها رسمياً إلى رئيس اللجنة أشرف حاتم، وعدت نتاجاً للعديد من جلسات المناقشة التي عقدتها النقابة، بمشاركة أعضاء سابقين وحاليين في البرلمان، وممثلين عن نقابات الأطباء الفرعية في المحافظات، بهدف تدارك الملاحظات الدستورية التي أبداها قسم التشريع في وزارة العدل على ثلاثة مشاريع بشأن القانون، سبق وتقدم بها أعضاء في مجلس النواب السابق.

ورفض قسم التشريع ما ورد في المشاريع المقترحة من إنشاء كيان لتقرير المسؤولية الطبية، واختصاصه- من دون غيره- بإعداد التقرير الفني عن توافر المسؤولية الطبية، مع إلزام جهات التحقيق والمحاكم بما انتهى إليه هذا التقرير، وهو ما ينطوي على مخالفة لنص المادة 97 من الدستور، التي حظرت تحصين أي عمل أو قرار من رقابة القضاء.
وأفاد القسم في ملاحظاته بأن إلزام القاضي بالاستعانة بخبير فني بعينه، والالتزام بما انتهى إليه تقرير الخبير، من شأنه الإخلال بالمبادئ القانونية، موضحاً أن المشاريع الثلاثة أوردت عقوبات سالبة للحرية حال ثبوت الخطأ الموجب للمسؤولية الطبية، وهو ما يعد إخلالاً بمبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة 53 من الدستور، وكذلك خلطاً بين الغرامة كعقوبة جنائية والتعويض المدني.
من جهته، يقول نقيب الأطباء حسين خيري، في خطاب موجه للجنة، إن إصدار قانون المسؤولية الطبية هو أمر ضروري وهام لحماية الطبيب والمريض معاً، مبدياً اعتراضه على حبس الأطباء احتياطياً، أو توقيع عقوبة سالبة للحرية بسبب مهام الوظيفة، ويترك للجنة العليا للمسؤولية الطبية، المشكّلة بموجب القانون، مهام تحديد الخطأ الطبي، وما إذا كان يستدعي المساءلة الجنائية للطبيب من عدمه.
من جهته، يقول رئيس لجنة القطاع الطبي في المجلس الأعلى للجامعات التابع لوزارة التعليم العالي، حسين خالد، إن رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي اعترض سابقاً على قانون التجارب السريرية، الذي أصر البرلمان على تمريره عام 2018 من دون حوار مجتمعي، مطالباً بعقد جلسات نقاشية موسعة حول قانون المسؤولية الطبية قبل إقراره بصفة نهائية، وحذف عقوبة الحبس الاحتياطي للطبيب في حال وقوع خطأ طبي، والتدرج في الغرامة المالية عوضاً عن ذلك.
وبحسب المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون، فإنه يهدف إلى حماية المريض من أي أضرار يتعرض إليها، خلال تلقيه الخدمة الطبية أو الصحية، لا سيما مع ما يشهده العالم من اكتشاف لوسائل حديثة للعلاج، وتدخلات جراحية غاية في التعقيد، قد تحدث عنها مضاعفات يصعب على الطبيب أو أجهزة القضاء التمييز بين كونها مضاعفات محتملة لممارسات طبية أو أخطاء مهنية.

الصورة
في أحد مستشفيات مصر (أحمد حسن/ فرانس برس)
في أحد مستشفيات مصر (أحمد حسن/ فرانس برس)

وتشير المذكرة إلى أن مشروع القانون تضمن العديد من الضوابط التي تحقق التوازن بين حقوق المريض والطبيب، وتنظم أمور التأمين والتعويض، لتحقيق عنصر الأمان لمؤدي الخدمة الطبية، وكذلك تعويض المتضرر عن الضرر الذي يتعرض له، مع تحريك الدعوى الجنائية ضد مقدمي الخدمة الصحية بموجب قرار من النائب العام، وتوقيع عقوبة الحبس الاحتياطي في حالات الجنايات.
وتخضع جريمة الإهمال الطبي لأحكام المادة 244 من قانون العقوبات المصري، التي عاقبت بالحبس مدة لا تزيد على سنة، وبغرامة لا تتجاوز الـ 200 جنيه (نحو 13 دولاراً)، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا ما تسبب خطأ في جرح شخص أو إيذائه، بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله، أو رعونته، أو عدم احترازه، أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح المنظمة.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين، وبغرامة لا تتجاوز 300 جنيه (نحو 19 دولاراً)، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا نشأ عن الإصابة عاهة مستديمة، أو إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالاً جسيماً بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته، أو كان متعاطياً مسكراً أو مخدراً عند ارتكابه الخطأ الذي نجم عنه الحادث.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى انخفاض عدد الأطباء في مصر عن المعدل العالمي لعددهم مقارنة بالسكان، إذ يوجد 10 أطباء لكل 10 آلاف مواطن، بينما المعدل العالمي هو 32 طبيباً لكل 10 آلاف مواطن. ويبلغ إجمالي عدد الأطباء المصريين العاملين في الخارج نحو 100 ألف طبيب، من جراء تردي أوضاع المنظومة الصحية في مصر، في مقابل قرابة 103 آلاف طبيب في الداخل يعالجون أكثر من 100 مليون مواطن.

وتتمثل أبرز العوامل التي تدفع الأطباء إلى مغادرة مصر في تدني الأجور، وعدم وجود حماية للطبيب أثناء العمل، وسوء بيئة العمل من نقص في المستلزمات وبعض الأدوية، التي تؤدي إلى اعتداء المواطنين على الأطباء، وسط غياب لإجراءات الحماية من الأجهزة التنفيذية المعنية، في مقابل التسهيلات التي تقدمها دول أجنبية لهم.

المساهمون