مرضى السرطان في غزة يواجهون الموت مرتين

مرضى السرطان في غزة يواجهون الموت مرتين

06 نوفمبر 2023
ضغوط كبيرة تشهدها كل مستشفيات غزة (أشرف عمرة/الأناضول)
+ الخط -

تعمّد الاحتلال الإسرائيلي إغلاق مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني، وهو المستشفى الوحيد الذي يقدّم العلاج لمرضى السرطان في قطاع غزة، وذلك عبر تكرار القصف ومنع وصول الوقود والمستلزمات الطبية إليه، قبل أن يبدأ التوغل البري في القطاع، ما دفع وزارة الصحة الفلسطينية إلى إخلاء المستشفى من المرضى، ونقلهم إلى منازلهم أو إلى مراكز الإيواء بلا خدمات طبية، في ظل انشغال مستشفيات القطاع في علاج جرحى القصف الإسرائيلي المستمرّ منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وكشفت المصادر الطبية الفلسطينية لـ"العربي الجديد" عن وفاة 4 مرضى بالسرطان في إحصائية أولى، فيما تفاقم الوضع الصحي لعدد آخر من المرضى، ما يستدعي تحركاً دولياً عاجلاً لإنقاذ مرضى السرطان بغزة، إما عبر إعادة تشغيل المستشفى وإما البحث عن حلول لعلاجهم في الخارج.
وقالت نور أبو عودة، من سكان مدينة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، إنها كانت تتلقى العلاج في المستشفى التركي، وعانت من ظروف صحية سيئة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي عن المستشفى، ومن ثم قصفه أكثر من مرة، عدا عن القصف المستمر في محيط المستشفى، ما اضطرها إلى الانتقال إلى مستشفى آخر جنوبي قطاع غزة، لكنه كان غير مجهز لعلاج مرضى السرطان.
تضيف أبو عودة لـ"العربي الجديد": "لا أعرف شيئاً عن مصير أهلي في شمال غزة، في ظل عدم وجود اتصالات، وأنا الآن في مدينة خانيونس بلا مرافق، والعلاج غير متوفر، والطواقم الطبية مشغولة في علاج المصابين نتيجة القصف، وأرجو أن يتم إيجاد حل لأزمات مرضى السرطان، فيكفينا ما نعانيه نتيجة المرض وعدم توفر العلاج".
ويقول مدير مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني، صبحي سكيك، إنه كان المستشفى الرئيسي لعلاج مرضى السرطان في غزة، وقد توقف عن تقديم الخدمات في بداية العدوان، نتيجة نفاد الوقود اللازم لتشغيل الأقسام والأجهزة، وقد بقي المرضى فيه بلا علاج، إلى أن قصف الاحتلال أجزاء من المستشفى، وبدأت العملية البرية التي هددت بإمكانية وصول قوات الاحتلال إلى المستشفى، ما يعرض حياة المرضى لخطر محتوم، ما دفعنا إلى إخلائه بشكل كامل.
وأضاف سكيك لـ"العربي الجديد": "نرسل مناشدة عاجلة وطارئة إلى كلّ المؤسسات الأممية والصحية والقانونية في العالم، لا يمكن ترك مرضى السرطان في غزة يموتون مرتين، مرة نتيجة عدم وجود العلاج، ومرة أخرى بالقصف الإسرائيلي الذي يصيب المراكز الصحية من دون أي حرمة للمرضى، أو من يقدمون الخدمة الطبية لهم".

الصورة
أوضاع المرضى في غزة كارثية (أشرف عمرة/الأناضول)
أوضاع المرضى في غزة كارثية (أشرف عمرة/ الأناضول)

من جانبها، أكدت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، في تصريحات صحافية، أن سبب توقف المستشفى كان قصفه من قبل قوات الاحتلال خلال الأيام الماضية، ونفاد الوقود فيه بشكل كامل، مضيفة أن ذلك يرفع إجمالي عدد المستشفيات المتوقفة عن العمل بالقطاع إلى 16 من أصل 35، بينما عدد مرضى السرطان في القطاع يبلغ نحو ألفي مريض، وجميعهم يعيشون في ظروف صحية كارثية من جراء العدوان الإسرائيلي المستمر ونزوح أعداد كبيرة.
وفي وقت سابق، قال وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة، خلال مؤتمر صحافي بالعاصمة أنقرة، إن استهداف العاملين بمجال الرعاية الصحية ومرضى السرطان وتركهم ليموتوا "يعدّ جريمة حرب". وأوضح أن هذا المستشفى الذي أنشأته الوكالة التركية للتعاون والتنسيق "تيكا"، وأهدته لفلسطين، كان يضم 80 مريضاً يتلقون العلاج من السرطان، لكن نقص إمدادات الأدوية والوقود عطّل علاجهم.
من جهتها، أعلنت منظمة الصحة العالمية دقّ ناقوس الخطر، محذّرة من تدهور أكبر للأحوال الصحية في القطاع، ومؤكدة أن الآلاف لا يزالون بحاجة إلى الحصول على الخدمات الصحية العاجلة والأساسية، في ظل نقص الأدوية والإمدادات الصحية، ونقص الوقود والمياه والغذاء، مع وجود أكثر من ألف مريض بحاجة لغسل الكلى للبقاء على قيد الحياة، وأكثر من ألفي مريض يعالجون من السرطان، و45 ألفاً من مرضى القلب والأوعية الدموية، وأكثر من 60 ألف مريض بالسكري.

وقبل السابع من أكتوبر، كان نحو 100 مريض يحتاجون إلى الخروج من القطاع يومياً باتجاه مستشفيات فلسطينية في الضفة الغربية أو مستشفيات إسرائيلية، وكذلك العلاج في مصر والأردن في حال رفض الاحتلال سفرهم عبر حاجز بيت حانون/ إيرز، وذلك للحصول على خدمات صحية متخصصة بسبب نقص الخدمات الصحية في القطاع.
وتعاني المنظومة الصحية في قطاع غزة من ضعف كبير نتيجة الحصار الإسرائيلي المستمر منذ عام 2007، والذي بات كارثياً منذ بدء العدوان الحالي الذي أدى إلى استشهاد نحو 10 آلاف فلسطيني وإصابة 22 ألفاً آخرين.