مخلفات الحرب تهدد حياة أهالي بنغازي

مخلفات الحرب تهدد حياة أهالي بنغازي

21 مايو 2021
تهدّد الألغام المنتشرة في أحياء المدينة سكانها يومياً (عبد الله دومة/فرانس برس)
+ الخط -

 

لا يملك سكان الأحياء المدمرة في مدينة بنغازي، ثاني أكبر مدن ليبيا، سوى التعايش مع الألغام ومخلفات الحرب المنتشرة في مناطقهم، في ظل مواصلة الجهات المسؤولة والأجهزة الأمنية تجاهل الاستجابة لنداءاتهم المتكررة بضرورة تخليص الأحياء من تلك المخاطر التي حصدت أرواح العشرات من أبنائهم. وتهدّد الألغام المنتشرة في أحياء المدينة سكانها يومياً، منذ أن اضطروا للعودة إلى مناطقهم بعد انتهاء الصراع العسكري الذي عاشته المدينة على مدار ثلاث سنوات، ولا يعرف على وجه التحديد عدد ضحايا الألغام، إذ صدر آخر إحصاء للهندسة العسكرية في البلاد المكلفة بتمشيط الأحياء المهدمة في عام 2017، وكشف عن وقوع 197 قتيلاً، بين مدني وعسكري، وكان أكثرهم في أحياء الهواري، والصابري، وسوق الحوت، وسيدي خريبيش.

وخلت مواقع التواصل الاجتماعي من أي إشارة إلى مقتل الشاب مصطفى الفايدي بانفجار لغم، السبت الماضي، وقد سبقه الشاب هارون القطعاني، في منتصف مارس/ آذار الماضي، والشاب يوسف الرملي، في فبراير/ شباط الماضي.

ويؤكد الناطق باسم مديرية أمن بنغازي طارق الخراز أن مقتل هؤلاء الشبان وغيرهم، جاء بسبب مخالفتهم للتحذيرات المتكررة بعدم الاقتراب من المناطق الخطرة. يقول لـ"العربي الجديد"، إن "السلطات الأمنية والهندسة العسكرية أحاطت المساكن والعمارات التي توجد فيها مخلفات الحرب بأشرطة حمراء، ووضعت لافتات خاصة لتحذير المدنيين من الاقتراب منها، لكن الضحايا لم يلتزموا بالتعليمات، وتجاوزوا التعليمات والتحذيرات".

في المقابل، يعتبر الناشط المدني في بنغازي عقيلة الأطرش أن أشرطة ولافتات التحذير غير كافية، ويقول إن "غالبية السكان لم تكن لديهم حلول بديلة للرجوع إلى مساكنهم، إذ لا يمكنهم البقاء من دون مأوى، والبعض منهم كان يعيش في المدارس، أو المقار العامة كنازح، وبعضهم اضطر إلى استئجار بيت على حسابه الشخصي". يتابع الأطرش: "سلطات المدينة لم توفر أي بديل للنازحين، كما أنها لم تستجب لنداءاتهم ومناشداتهم المطالبة بتنظيف الأحياء من مخلفات الحرب، وبدلاً من إعادة إعمار المدينة، التهت السلطات بالمزيد من الحروب في مناطق أخرى من البلاد".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويقدر عدد سكان الأحياء المتضررة بنحو 47 ألف أسرة، وعاد كثير من أفرادها إلى منازلهم في الأحياء الخطرة بعد انتظار طويل لتنفيذ السلطات وعودها المتكررة بالعمل على تهيئتها قبل عودتهم إلى السكن فيها.

ويطالب الناطق باسم مديرية أمن بنغازي بالفصل بين قدرات السلطات الأمنية وبين وعود المجلس البلدي، مضيفاً أنه "ليست لدى الهندسة العسكرية الإمكانيات اللازمة للعمل تحت ركام المباني، وليس لدينا الوقت لتوفير بديل للسكان"، مؤكداً أن تجاوزات السكان تخطت السكن في تلك المناطق إلى إقامة محال ومقاه. يضيف: "يلتف بعض السكان حول طاولات المقاهي التي لا تفصلها عن ركام المباني سوى أمتار، بل تجد أطفالاً يلعبون بالقرب منها من دون أي حذر"، ويتابع معدداً أشكالاً من التجاوزات، منها "مخاطرة الشبان في البحث بين الركام. فرق الأمن ضبطت أشخاصاً داخل المباني المهدمة يبحثون عن بقايا النحاس والحديد لبيعها لتجار الخردة، وبعضهم يتجولون من مبنى إلى آخر"، مشيراً إلى أن مقتل الشابين الفايدي والرملي خلال الأشهر الماضية، حصل خلال بحثهما عن الخردة في تلك الأماكن الخطرة.

قضايا وناس
التحديثات الحية

في المقابل، يقول عقيلة الأطرش إن استمرار التنبيه من المخاطر لم يعد مجدياً في ظل حاجة السكان إلى منازلهم، مؤكداً أن "هذه الأحياء وسكانها يعانون من إهمال متعمد، والمجلس البلدي ينفق الأموال على صيانة مبان جديدة، والفساد ينتهك كل مفاصل المجلس دون أن يصرف فلساً واحداً على تخليص هذه الأحياء من الموت المحدق في كل لحظة". ويؤكد الأطرش أن الأهالي عندما سئموا من وعود الجهات الحكومية بادر بعضهم إلى تأليف مجموعات تطوعية لتنظيف الأجزاء التي يمكن السكن فيها داخل هذه الأحياء. يتابع: "تعرف كل المدينة الشاب لؤي فوناس، وهو أيقونة العمل التطوعي، الذي كون فريقاً وخاطر بحياته من أجل أن ترجع أسرته وأسر الآخرين إلى منازلهم. لم تعد تبريرات المسؤولين الحكوميين لهذا الإهمال المتعمد مقبولة، حتى أن الشباب المتطوع تبرع بأخذ دورات على يد رجال فرق الهندسة العسكرية لمعرفة كيفية التعامل مع الألغام ونقلها". ومنذ العام 2018، لم ينشر الموقع الرسمي للمركز الليبي لإزالة الألغام ومخلفات الحرب (حكومي)، أي أخبار عن جهوده بشأن إزالة الألغام في بنغازي.

المساهمون