مخلفات الحرب تهدد أرواح الليبيين

مخلفات الحرب تهدد أرواح الليبيين

22 مارس 2022
نقل مخلفات حرب أزيلت من موقع في طرابلس (حازم تركية/ الأناضول)
+ الخط -

وضعت الحرب أوزارها في ليبيا، لكن مخلفات أسلحتها غير المنفجرة لا تزال تهدد حياة المواطنين في مناطق عدة، شكلت مسرحاً للقتال بين أطراف النزاع في السنوات الماضية. أما السلطات فلا تزال عاجزة عن حصر مواقع هذه المخلفات تمهيداً لتفكيكها وإزالتها. وقتل طفلان شقيقان في انفجار لغم أرضي بمنطقة الطلحية في مدينة بنغازي، الخميس الماضي.
وأعلنت منظمة رصد الجرائم غير الحكومية أن الطفلين الأخوين يوسف الجازوي (10 سنوات) وعبد الرحمن الجازوي (7 سنوات) تُوفيا بتأثير جروح أصيبا بها إثر انفجار لغم أرضي من مخلفات الحرب. وأعقب ذلك مطالبة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، في بيان أصدرته السلطات المختصة، بتنبيه جميع المواطنين الذين هجروا بيوتهم أو مزارعهم أو مرافقهم التي تقع في مناطق كانت تحوّلت إلى ساحات قتال سابقاً، بعدم العودة إليها إلا بعد إنجاز الجهات الأمنية المتخصصة إجراءات المسح الفني الكامل لها، وحصولهم على إذن مكتوب بالعودة من وزارة الداخلية، من أجل الحفاظ على أرواحهم وسلامتهم.

وفيما تؤكد اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أن الألغام والمفخخات ومخلفات الحرب غير المنفجرة لا تزال موجودة بشكل كبير في مدن ومناطق بنغازي وسرت ودرنة وتاورغاء وورشفانة وبني وليد وجنوب وجنوب غربي العاصمة طرابلس، وجميعها شهدت حروباً متتالية، يقول الناشط السياسي والحقوقي عقيلة الأطرش لـ"العربي الجديد" إن "طول مدة هجرة المواطنين لبيوتهم في بنغازي أو مدن أخرى اضطرهم إلى العودة إليها، بعدما سئموا انتظار إيفاء السلطات بوعودها الخاصة بنقل مخلفات الحرب من داخل الأحياء السكنية".
ولا يُعرف تحديداً عدد ضحايا مخلفات الحرب في بنغازي، علماً أن الإحصاء الأخير الذي أصدرته وحدة الهندسة العسكرية عام 2017 حين نفذت مهمة تمشيط الأحياء المدمرة في بنغازي، كشف سقوط 197 قتيلاً من العسكريين والمدنيين، أكثرهم في أحياء الهواري والصابري وسوق الحوت وسيدي خريبيش.

جهود للأهالي 
ويخبر الأطرش أن "مخلفات الحرب لا تزال تنتشر في بعض الأحياء ووسط المدينة، ما دفع قسما من الأهالي إلى التطوع لوضع علامات أمام أماكن ومبانٍ لتحذير الأطفال من الاقتراب منها، كونها لم تخضع لتصنيف وحدة الهندسة العسكرية التي لم تمشّطها بعد. لكن ذلك لم يكفِ لمنع أشخاص من الاقتراب منها بمرور الوقت، علماً أنه يرجح وجود ألغام غير ظاهرة في محيط هذه المواقع تشكل تهديداً حقيقياً لحياة الناس".

الصورة
معرض في طرابلس لمخلفات حرب غير منفجرة (حازم تركية/ الأناضول)
معرض في طرابلس لمخلفات حرب غير منفجرة (حازم تركية/ الأناضول)

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية مقتل 8 أطفال وجرح 3 بانفجار جسم من مخلفات الحرب، في منطقة الجفارة غربي العاصمة طرابلس. ويعلّق الأطرش على الحادثة بالقول "بدلاً من أن تعمل الحكومة بسرعة لإنقاذ حياة الناس، اكتفت بمطالبتهم بضرورة الابتعاد عن المنطقة، كما حمّلتهم مسؤولية رصد أماكن الألغام وتحديدها، بعدما طالبتهم بالإبلاغ عنها لمنع تكرر حدوث هذه المآسي". ويتحدث الأطرش عن مآسٍ أخرى وقع ضحيتها أطفال، ويقول: "قتل وجرح أربعة بانفجار لغم في منطقة عين زاره بطرابلس العام الماضي. كما جرح ثمانية أطفال بسقوط قذيفة في بنغازي، ما يعني أن مخلفات الحرب ليست وحدها مصدر الخطر على حياة المواطن، بل السلاح أيضاً".

ضعف إمكانات الحكومة
من جهته، يجزم الضابط في وحدة الهندسة العسكرية، عبد العاطي الجطلاوي، بأن اتساع رقعة الحرب وطول مدتها يجعلان أحياناً كثيرة السلطات عاجزة عن تنفيذ واجباتها تجاه المواطنين، في ظل ضعف إمكاناتها. ويقول لـ"العربي الجديد": "قد لا يشعر المواطنون بالجهود التي تبذلها الجهات المختصة، باعتبارها تنفذ بعيداً عن الإعلام، لكنها موجودة على أرض الواقع ومستمرة". ويعرض لبعض الجهود التي بذلتها وزارة الداخلية، وبينها الإشراف على نزع عدد من القذائف ومخلفات الحروب غير المنفجرة من مدرسة تقع جنوبي طرابلس في يناير/كانون الثاني الماضي، و"حصل ذلك بالتنسيق بينها وبين دائرة الأمم المتحدة لنزع الألغام، بعد مسح مئات من الكيلومترات، مهّدت لنزع أكثر من 13 ألف قطعة من مخلفات الحرب من مناطق عدة قبل تدميرها".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ورغم الجهود التي يصفها الجطلاوي بأنها "مضنية للحد من مخلفات الحرب غير المنفجرة التي تهدد حياة المواطنين، وتفادي عقبات ضعف الإمكانات"، لكنه يقرّ أيضاً بوجود تقصير في التوعية بالمخاطر وطرق التعامل معها، وقال: "يجب أن تتضمن أعمال الحكومة أنشطة لتوعية المواطنين بخطر الألغام ومخلفات الحرب، وكيفية التعامل معها في حال اكتشافها. وهذه الخطوة على أهميتها لا تزال غائبة عن جهود نزع فتيل مخلفات الحرب والألغام غير المنفجرة في ليبيا".

المساهمون