ليبيا: انقسام في تحديد يوم عيد الفطر

ليبيا: انقسام في تحديد يوم عيد الفطر

21 ابريل 2023
شرق ليبيا أعلن اليوم الجمعة أول أيام العيد (محمود تركيا/فرانس برس)
+ الخط -

تعارضَ إعلان حكومتي ليبيا بشأن أول أيام عيد الفطر بين اليوم الجمعة ويوم غد السبت، تبعاً لاختلاف آراء مكتب هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية في شرق البلاد، ودار الإفتاء في العاصمة طرابلس. 

وفيما هنأ رئيس الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب فتحي باشاغا، الذي يتخذ من بنغازي مقراً لحكومته، الليبيين بمناسبة عيد الفطر الجمعة، وذلك استناداً لرأي فرع هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالبيضاء، أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس عبد الحميد الدبيبة أن يوم غد السبت هو أول أيام عيد الفطر.

ودعا باشاغا الليبيين، في تغريدة على "تويتر"، إلى "تناسي خلافاتهم" بالقول: "كل عام وأنتم بألف خير بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك، أعاده الله علينا وعليكم وعلى الأمة الإسلامية بالخير واليُمن والبركات، علينا أن نستغل هذه الأيام المباركة لتناسي الخلافات، وإعلاء مبادئ العفو والصفح والتسامح، والالتفاف لبناء وطننا والوصول به إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية".

وكان مكتب هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية في مدينة البيضاء، شرقي البلاد، قد أعلن، مساء الخميس، أن "لجنة تقصي الأهلة التابعة للجنة العليا للإفتاء أفادت بأنه قد تمت رؤية الهلال هذه الليلة، وعليه فإن غداً (اليوم) الجمعة هو يوم عيد الفطر أول أيام شهر شوال لهذا العام أربعة وأربعين وأربعمائة وألف هجري". 

وأعقبَ إعلان هيئة الأوقاف في البيضاء بيانٌ من دار الإفتاء الليبية يؤكد "أن غداً (اليوم) الجمعة هو المتممُ لشهرِ رمضانَ، وأن يومَ السبتِ هو أولُ أيامِ عيدِ الفطرِ المباركِ، لعام 1444هـ، الموافق للثاني والعشرينَ من الشهر الرابعِ، لعام 2023". 

وأوضحت دار الإفتاء أنها اطلعت "على التقارير المقدمة إليه، من اللجان المكلفة برصد الأهلة، ودخول الشهور القمرية، ومتابعة المحاكم المختصة باستقبال شهود الرؤية (..) وحيث إنه لم يثبت حكم برؤية الهلال هذه الليلة داخل المدن الليبية، فقد قرر المجلس أن غداً الجمعة (اليوم) هو المتمم لشهر رمضان، ويوم السبت هو أول أيام عيد الفطر". 

كذلك، أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، عبد الحميد الدبيبة، أن يوم غد السبت هو أول أيام عيد الفطر.

وقال الدبيبة، في تغريدة على "تويتر"، مساء الخيمس: "غداً (اليوم) الجمعة متمم لرمضان"، موضحاً أنه "بعد تعذر رؤية هلال العيد، فإن غداً (اليوم) الجمعة متمم لرمضان؛ لنستقبل بعدها عيد الفطر، ونودع الشهر الفضيل وكلنا رجاء بأن نكون من المرحومين المقبولين".

وختم تغريدته مهنئاً الليبيين بالقول: "كل عام وأنتم بخير، وتقبل الله صيامكم". 

وبعد إعلان حكومة الدبيبة، عادت حكومة باشاغا للتأكيد على ثبوت رؤية هلال شهر شوال مساء الخميس، تأكيداً على بيان فرع هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالبيضاء.

وقالت الحكومة، في بيان لها ليل الخميس، إنها تؤكد "على ما جاء في بيان اللجنة العليا للإفتاء (لجنة تابعة لهيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية)، والذي أكدت فيه صحة رؤية هلال شهر شوال، وأن يوم الخميس الموافق 20 إبريل 2023 ميلادية هو المتمم لشهر رمضان، وأن يوم الجمعة 21 إبريل 2023 ميلادية هو أول أيام عيد الفطر".

وانقسم الليبيون بين موقفي الحكومتين. ففيما ذكّر بعضهم بكتاب وجّهه الدبيبة إلى الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية قبل أيام، يشدد فيه على ضرورة التزام هيئة الأوقاف وتقيّدها بما أسند لدار الإفتاء في طرابلس "من اختصاصات"، و"عدم اتخاذ أي إجراءات من شأنها مخالفة" قرار الحكومة وآراء دار الإفتاء، رد قسم آخر من المتابعين والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن عدم تقيد دار الإفتاء في طرابلس بتحديد أول أيام عيد الفطر بواسطة "اتحاد المطالع". 

وذكر منتقدو دار الإفتاء في طرابلس بشأن إعلانها يوم السبت أول أيام عيد الفطر أن الدار اعتمدت "اتحاد المطالع"، الذي يقضي بالتقيد بثبوت رؤية الهلال في الدول المجاورة خلال السنوات الماضية، متسائلين عن تجاهل دار الإفتاء "اتحاد المطالع" لهذا العام، خصوصا مع ثبوت رؤيته في دول مجاورة. 

من جانبه، نشر مكتب هيئة الأوقاف في البيضاء نص مراسلة وجهها مكتب رئاسة مجلس النواب إلى حكومة الوحدة الوطنية، مطلع يونيو 2021، أكد فيها أن مجلس النواب "حلّ دار الإفتاء" في طرابلس، وأن "مهام الدار قد أسندت للجنة العليا للإفتاء التابعة" لهيئة الأوقاف. 

وجاءت مراسلة مجلس النواب للحكومة بعدما نشرت على صفحتها الرسمية إعلانا بشأن أول أيام عيد الفطر في تلك الآونة، استنادا لإعلان من دار الإفتاء في طرابلس.

ولا تزال الإدارة الرئيسية للهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية في طرابلس تلزم الصمت، ولم يصدر عنها أي تعليق بشأن الخلاف الدائر بين دار الإفتاء ومكتبها في البيضاء شرق البلاد، وترتب عليه انقسام كبير في الأوساط الليبية. 

وألقت الاصطفافات، إثر الانقسام السياسي في البلاد عام 2014، بظلالها على الهيئات المعنية بالشأن الديني.

وفيما أعلن مجلس النواب، بعد عقد جلساته في طبرق، أقصى الشرق الليبي، عن حل دار الإفتاء، استناداً لانحيازها لقرار المحكمة العليا الذي قضى بعدم دستورية انعقاد جلسات مجلس النواب في طرابلس في ذات العام، أصرّت دار الإفتاء على الاستمرار في ممارسة أعمالها من طرابلس، وعدم اعترافها بقرار مجلس النواب استنادا لعدم شرعيته. وأدى ذلك إلى تكليف الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب آنذاك هيئة الأوقاف التابعة لها بتشكيل لجنة عليا للإفتاء ونقل اختصاصات دار الافتاء إليها بناء على قرار من مجلس النواب. 

وعاد الانقسام في المؤسسات المعنية بالشأن الديني للواجهة بعد تشكيل مجلس النواب حكومة جديدة في فبراير/شباط من العام الماضي، وسط تجاذبات سياسية كبيرة، بالإضافة لسيطرة تيارات دينية مختلفة على دار الإفتاء وهيئة الأوقاف في البيضاء.

المساهمون