قلق من "ضوء أخضر" لترحيل مكثف لمهاجرين تونسيين من أوروبا

قلق من "ضوء أخضر" لترحيل مكثف لمهاجرين تونسيين من أوروبا

17 يوليو 2023
مهاجرون تونسيون غير نظاميين تحت أنظار الشرطة الإيطالية (لورنزو باليتسولو/ Getty)
+ الخط -

يواجه المهاجرون التونسيون غير النظاميين المستقرّون على الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط مخاطر ترحيل من أوروبا، بعد توقيع تونس مذكّرة تفاهم من أجل "شراكة استراتيجية" مع الاتحاد الأوروبي، شملت كذلك موضوع الهجرة، فيما تعيش البلاد على وقع أزمة تدفّق المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء بهدف العبور نحو إيطاليا.

وقد وُقّعت، أمس الأحد، مذكّرة تفاهم حول الشراكة الاستراتيجية الشاملة ما بين تونس والاتحاد الأوروبي، تضمّنت بنوداً تتعلّق بمكافحة الهجرة غير النظامية التي تُخاض في قوارب بالبحر الأبيض المتوسط. وشمل ذلك اتفاقيات لتعطيل عمل مهرّبي البشر والمتّجرين بهم، وتعزيز مراقبة الحدود، وتحسين إجراءات التسجيل والعودة، وكلّ التدابير الأساسية لتعزيز جهود وقف هذا النوع من الهجرة.

كذلك تضمّنت مذكّرة التفاهم، التي نُشرت على الصفحة الرسمية لوزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، بنوداً حول تعاون بين الطرفَين (تونس والاتحاد الأوروبي) على ترحيل المهاجرين غير النظاميين نحو بلدانهم الأصلية، مع احترام معاهدات حقوق الإنسان والحفاظ على كرامة المرحَّلين. وعرضت المذكّرة مشروع تعاون من أجل تحفيز مسالك الهجرة النظامية والعمل الموسمي، بحسب احتياجات الدول الأوروبية.

في هذا الإطار، ترى منظمات مدنية تُعنى بشؤون المهاجرين أنّ الاتفاقية تمهيد لبدء ترحيل مكثّف للمهاجرين التونسيين الواصلين إلى دول الاتحاد الأوروبي بطرق غير نظامية، الأمر الذي يضع حداً للجهود التي يبذلونها من أجل تسوية أوضاع إقاماتهم.

يقول المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر لـ"العربي الجديد"، إنّ "بنود مذكّرة التفاهم المتعلقة بالهجرة تعكس انعدام مبدأ التكافؤ في الحقّ في التنقّل، وكذلك ما يحرص الاتحاد الأوروبي على فرضه في ملف الهجرة". يضيف أنّ "تونس قبلت بمذكّرة تشمل مصادرة حقوق التنقّل والعودة القسرية لمهاجريها في مقابل فتات من الأموال".

ويشير بن عمر إلى أنّ "العناوين الكبرى لمذكّرة التفاهم تبنّت العناصر الخاصة بالهجرة في اتفاقية أليكا (اتفاقية التبادل الحرّ الشامل والمعمّق) التي أسقطتها القوى المدنية والشبابية"، مرجّحاً أن "يكون الطرد المكثّف مصيراً للمهاجرين غير النظاميين من الفضاء الأوروبي الموحّد".

ويوضح بن عمر أنّ "الطرد سوف يكون مصير المهاجرين التونسيين ممّن هم في وضع غير نظامي في كلّ منطقة شنغن، وبالتالي سوف تتحطّم أحلام آلاف الشباب الواصلين إلى أوروبا على خلفية مذكّرة التفاهم التي قبلت تونس بمقتضاها إعادة قبول المهاجرين والطرد الجماعي على الهوية وتكريس التفاوت بين الفئات والطبقات في ما يتعلق بالحقّ في التنقّل".

وينتقد بن عمر "عدم دفاع سلطات تونس عن حقّ مواطنيها في حرية التنقّل وتسهيل الحصول على تأشيرات السفر نحو منطقة اليورو"، مشيراً إلى أنّ "سياسات الهجرة الأوروبية تدعم سياسة إذلال التونسيين على أعتاب سفاراتها".

وفي العام 2018، وقفت قوى مدنية تونسية في وجه مفاوضات جديدة لاتفاقية التبادل الحرّ الشامل والمعمّق "أليكا" التي سعت الدول الأوروبية إلى تمريرها. وحينها، سعى المجتمع المدني إلى فرض مفاوضات متكافئة تعتمد على مبدأ التبادل بين الدول والأطراف التي من المفترض أن تتفاوض من منطلق المساواة. وطالب المجتمع المدني، في العام نفسه، بفرض حرية التنقّل بين تونس والاتحاد الأوروبي وتسهيل إجراءات الحصول على تأشيرة كشرط لتقدّم المفاوضات.

من جهته، يقول الناشط السياسي التونسي وعضو البرلمان السابق مجدي الكرباعي إنّ "قادة الاتحاد الأوروبي حصلوا على موافقة رسمية من تونس لترحيل مكثّف للمهاجرين التونسيين القابعين في مراكز احتجاز أوروبية". ويلفت الكرباعي لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "تفاصيل الترحيل وكلفتها سوف تُناقَش في الاتفاقيات اللاحقة لمذكّرة التفاهم التي وُقّعت أمس الأحد".

ويرى الكرباعي أنّه "من غير الممكن الحديث عن أنسنة الهجرة، في وقت تثبت تقارير لدى البرلمان الإيطالي أنّ السلطات الإيطالية تجبر المهاجرين على تناول مهدّئات وأدوية مخدّرة من أجل السيطرة عليهم داخل مراكز الاحتجاز والترحيل، الأمر الذي تسبّب في وفيات في صفوف مهاجرين تونسيين".

المساهمون