قطريون يدعون مشجعي المونديال للتعرف إلى "الصقارة": تراث الأجداد

قطريون يدعون مشجعي المونديال للتعرف إلى "الصقارة": تراث الأجداد

16 نوفمبر 2022
+ الخط -

قبل انطلاق صفارة كأس العالم في كرة القدم وتدفّق أكثر من مليون مشجّع على قطر، تنظّم دولة قطر فعاليات عديدة لتعريف زوّارها بـ"الصقارة"، الرياضة التراثية في عموم الخليج التي أدرجتها اليونسكو في 2010 في قائمتها للتراث الثقافي غير المادّي للبشرية.

وداخل خيمة غير بعيدة عن مجمّع راس لفان الضخم لتسييل الغاز، ينهمك عشرات الأطفال القطريين مع آبائهم في تحضير أنفسهم لخوض مسابقتي "الصقّار الصغير" و"الصقّار الواعد" اللتين تجريان سنوياً، واللتين انطلقتا في الأسبوع الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

الصورة
مسابقة الصقارة للناشئين في الدوحة (كريم جعفر/ فرانس برس)
مسابقة الصقارة للناشئين في الدوحة (كريم جعفر/ فرانس برس)

يُدخل برَيْك المرّي (11 عاماً) كفّه اليسرى الصغيرة في قفّاز جلديّ بنّي اللون، يحمل بيمناه صقره "قشّام" ويضعه فوق القفّاز. يعدّل الطفل شماغه الأحمر، منتصباً بجسمه النحيل وقامته الطويلة، قائلاً: "هذه مشاركتي الأولى في هذه المسابقة. أنا أحبّ قشّام وأعتني به".

عزيمة يتوارثها الأجيال

ويضيف بصوته الخافت: "تعلّمت هذه الرياضة من أجدادي وأعمامي ووالدي، تعلّمت منهم شدّة العزيمة وكيف أعتني بالصقر. حين يحين موعد طعامه أطعمه، وإذا جاء مثلاً ولد صغير ليمسكه أقول له: لا تمسكه، لأنّ من الممكن أن يعضّك".

وبينما ينظر إلى شقيقه التوأم علي، يشرح بريك أنّ البرقع سرّ هدوء الصقر، فما إن يستعيد الطير بصره حتّى يتغيّر سلوكه، بدليل أنّ قشّام عضّ يوماً شقيق بريك، لأنّ الأخير لمس صدر الصقر حين كان "مفرّعاً" أي بلا البرقع.

ويتذكّر قائلاً: "أتى أخي، وكان الصقر مفرّعاً، مسح يده عليه فعضّه. الصقر يخاف!".

الصورة
مسابقة الصقارة للناشئين في الدوحة (كريم جعفر/ فرانس برس)
مسابقة الصقارة للناشئين في الدوحة (كريم جعفر/ فرانس برس)

ويقول بثقة بينما يمرّر سبابته الصغيرة فوق منقار طيره الكاسر: "هل إذا مسحتُ الآن على الصقر عادي؟ نعم، عادي، لكن لو كان مفرّعاً، لرأيته يعضّني لأّنّه جائع".

وشارك بريك مع 12 متبارياً آخرين في مسابقة "الصقّار الواعد" (11-15 عاماً)، وتعيّن على كلّ منهم أن يطلق العنان لصقره في اللحظة التي يراها مناسبةً لكي ينقضّ الطير بأسرع وقت على طريدة يلوّح بها معاون للطفل يسمّى "الداعي" يقف على بُعد أكثر من 200 متر.

وتقوم مسابقة "الدعو" هذه على قياس الوقت الذي يستغرقه الطير لاجتياز مسافة المئتي متر، وتُحتسَب الثواني القليلة بواسطة أجهزة استشعار تصل دقّتها، بحسب صالح سالمين، الخبير في التوقيت الرياضي، إلى عشرة آلاف جزء من الثانية.

يقول سعد المهندي الهدف من المسابقة "الحفاظ على موروثنا وتراث آبائنا واجدادنا. نحن ننقل هذا التراث للجيل الحالي"

ويقول سالمين إنّ الصيد بالجوارح كان هدفه في العصور الغابرة، كسائر أنواع الصيد، توفير المأكل، لكنّه اليوم صار هواية، و"نحن حوّلنا هذه الهواية من نظام المقناص الحرّ، عندما كان الصيّاد يذهب إلى البرّية ويعسكر أسبوعين أو ثلاثة أو شهراً، إلى سباق محدود زمنياً".

الصقر "هيّا"

من بين المشاركين في المسابقة سعيد الجميلة (15 عاماً) الذي أطلق على صقره اسم "هيّا" تيمّناً باسم بطاقة إلكترونية هي بمثابة تأشيرة دخول استحدثتها الدوحة للراغبين في السفر إلى قطر خلال فترة المونديال.

يبدأ الصقر بتحريك جناحيه، فيقرّب سعيد من منقاره ساق حمامة ذبحت لتوّها فينهش منها "هيّا" قطعة ويستعيد هدوءه.

ويقول الفتى: "أعتني بصقري وأؤمّن له كلّ ما يلزمه. أطعمه وأمرّنه يومياً على مسابقة الدعو، صبحاً وعصراً، وأوفّر له كل ما يحتاج إليه".

ويبدي سعيد فرحته بقدوم مئات الآلاف من مشجّعي كرة القدم من العالم أجمع إلى بلده لحضور المونديال، ويدعوهم إلى التعرّف إلى هذه الرياضة، "فليجرّبوا ولن يخسروا شيئاً. إنّها رياضة جميلة وأجمل ما فيها هذه السباقات".

الصورة
مسابقة الصقارة للناشئين في الدوحة (كريم جعفر/ فرانس برس)
مسابقة الصقارة للناشئين في الدوحة (كريم جعفر/ فرانس برس)

وإذا كانت الحماسة سمة مسابقة "الصقّار الواعد"، فإنّ نجوم الحدث كانوا بلا منازع ستّة أطفال تباروا في مسابقة "الصقّار الصغير" (من 6 إلى 10 سنوات) وخطفوا الأضواء حين تقدّم واحدهم تلو الآخر أمام لجنة التحكيم ومخلاة الصيد تتدلّى من كتفه وعلى يسراه ينتصب صقر مخالبه أكبر من يد حامله.

يتقدّم الطفل حمد النعيمي (8 سنوات) من اللجنة، يستعرض على الطاولة أمامها مجموعة من أدوات الصيد فيطرح عليه الحكّام أسئلة تتعلّق بأسماء هذه الأدوات وطرق استخدامها وأسئلة أخرى عن الطيور وبعض خصائصها.

الجَلَد والمثابرة والاعتماد على النفس

يعجز الطفل عن الردّ على أحد الأسئلة، فيعاجله صاحب السؤال بالإجابة، مرفقة بشرح وافٍ، لأنّ الهدف من المسابقة في النهاية هو "الحفاظ على موروثنا وتراث آبائنا وأجدادنا. نحن ننقل هذا التراث للجيل الحالي"، كما يقول عضو اللجنة سعد المهنّدي.

بعد مرحلة الأسئلة الشفهية، يأتي الامتحان العملي، فتطلب اللجنة من الطفل أن يزيل البرقع عن عيني طيره، فيفعل ذلك ممسكاً أحد طرفي الربطة بيمناه والطرف الآخر بأسنانه.

بعدها، يأتي امتحان إنزال الطير من اليد ووضعه على منصة مخصّصة له وإحكام وثاقه بربطة لا تخلو من التعقيد.

ويؤكّد المهنّدي أنّ "رياضة المقناص أو الصيد تعلّم الجَلَد والمثابرة والاعتماد على النفس".

ويدعو الرجل الخمسيني إلى اغتنام فرصة استضافة بلاده بطولة كأس العالم في كرة القدم "لنشر ثقافتنا وهويتنا الوطنية"، مشدّداً على أنّ الصيد بالجوارح "رياضة عريقة، سواء في قطر أو في دول مجلس التعاون الخليجي، إنّها رياضة أصيلة".

(فرانس برس)

ذات صلة

الصورة
قطر نجحت في تنظيم نسخة استثنائية لكأس آسيا (العربي الجديد/Getty)

رياضة

اختتمت السبت بطولة كأس آسيا 2023 لكرة القدم، وشهدت تتويج منتخب قطر باللقب بعد الفوز في النهائي الذي أقيم على استاد لوسيل أمام شقيقه الأردني بنتيجة 3-1.

الصورة
كأس آسيا تنطلق يوم 12 يناير بحضور إعلامي كبير (العربي الجديد/Getty)

رياضة

كشف مدير الإعلام باللجنة المنظمة لبطولة كأس آسيا 2023 الشيخ حمد بن عبد العزيز آل ثاني، عن إقامة المركز الإعلامي الموحد للبطولة التي تستضيفها قطر الشهر المقبل.

الصورة
GettyImages-1247564655.jpg

رياضة

فاجأ مدافع منتخب تونس لكرة القدم، ياسين مرياح، زميله في نادي الترجي التونسي، اللاعب الجزائري محمد أمين توغاي، برسالة خاصة، تزامناً مع مشاركة الأخير كأساسي مع "محاربي الصحراء" ضد الصومال، الخميس، في التصفيات المؤهلة إلى بطولة كأس العالم 2026.

الصورة
Mauro Camoranesi

رياضة

سجّل المدير الفني الإيطالي والنجم السابق لنادي يوفنتوس، ماورو كامورانيزي، حضوره في تونس لمدة 5 أيام، وذلك ضمن المعسكر التدريبي لفريقه الجديد، إف سي فلوريانا المالطي، في مدينة المنستير، استعداداً لانطلاق الموسم الجديد.

المساهمون