عيد الأم... والدات وجدّات في السجون المصرية

عيد الأم... والدات وجدّات في السجون المصرية

21 مارس 2021
سجينات سياسيات يقضين عيدهن خلف قضبان الزنازين والسجون (إبراهيم رمضان/الأناضول)
+ الخط -

بينما تحتفل الأمهات في الحادي والعشرين من مارس/ آذار بعيد الأم، هناك آلاف السجينات السياسيات في مصر، اللواتي يقضين عيدهنّ داخل الزنازين، وهنّ يتعرّضن للتنكيل.

بالتزامن مع احتفال العديد من دول العالم بعيد الأم، في الحادي والعشرين من مارس/ آذار من كل عام، آلاف المسجونات السياسيات في مصر قضين ويقضين عيدهن خلف قضبان الزنازين والسجون على خلفية قضايا سياسية، هدفها الأول التنكيل بالمعارضين. في المقابل، هناك أبناء وأحفاد يتربّون في غياب الأمهات والجدّات، ويتجرّعون مرارة الحرمان واليتم بينما أمهاتهم على قيد الحياة خلف القضبان أو في عداد المختفين قسرياً.

ورغم عدم وجود تقديرات لعدد السجينات والأمهات في السجون المصرية على خلفية قضايا سياسية، لكن العدد الإجمالي للسجناء السياسيين في مصر يقدّر بنحو ستين ألف سجين سياسي، بينهم عدد من النساء، مثل علا يوسف القرضاوي، وهي المثال الأوضح والأبرز للتنكيل السياسي. وتبلغ علا 58 عاماً من العمر، وهي أم لثلاثة أبناء، وجدة لثلاث حفيدات، وليس لها أي انتماءات سياسية سوى أنها ابنة الشيخ يوسف القرضاوي.
تعرّضت علا القرضاوي، التي تمّ حبسها بتاريخ الأول من يوليو/ تموز 2017، على ذمة القضية 316 لسنة 2017، حصر أمن دولة عليا، بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية، وظلّت في الحبس الاحتياطي الانفرادي الانعزالي حتى صدر قرار من محكمة الجنايات الدائرة 28 برئاسة المستشار حسن فريد، باستبدال الحبس الاحتياطي بأحد التدابير الاحترازية في 3 يوليو 2019. وبدلاً من أن يتم تنفيذ قرار إخلاء السبيل وإطلاق سراحها، فوجئت في اليوم التالي، 4 يوليو 2019، بإحضارها لنيابة أمن الدولة والتحقيق معها في القضية رقم 800 لسنة 2019، حصر أمن دولة، ووجهت لها تهمتا الانضمام لجماعة إرهابية، وهي التهمة نفسها في القضية التي سجنت فيها عامين وحصلت على قرار إخلاء سبيل، والتهمة الثانية تمويل جماعة إرهابية، وكان التمويل أثناء فترة سجنها باستغلال علاقتها داخل السجن، رغم أنها كانت محبوسة انفرادياً بسجن النساء بالقناطر من اليوم الأول لحبسها، ولم يُسمح لها بالزيارات طوال مدة حبسها، بل كان ممنوعاً عنها دخول الحمام، عدا مرة واحدة في اليوم لمدة خمس دقائق. كما أنه تمّ التحفظ على أموالها من أول يوم حبست فيه بالقضية الأولى.
إلى جانب علا، هناك أيضاً عائشة خيرت الشاطر، وهي أم لثلاثة أبناء، ألقي القبض عليها في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، في منزلها، وتمّ إخفاؤها قسراً لمدة 22 يوماً، حتى ظهرت في نيابة "أمن الدولة العليا" بتهمة التمويل والانضمام لجماعة محظورة، وتمّ إيداعها بالحبس الانفرادي في سجن القناطر للنساء ومنعها من الزيارة حتى الآن، فقط لأنها ابنة القيادي بجماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر.
التفاصيل تختلف قليلًا مع المحامية الحقوقية هدى عبد المنعم، وهي أم وجدة، فقد ألقي القبض على عبد المنعم في اليوم نفسه الذي اعتقلت فيه ابنة الشاطر، في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، بعد اقتحام منزلها بقوة من الشرطة والأمن الوطني، ومن ثم جرى اقتيادها معصوبة العينين إلى منزل والدتها، حيث قامت القوة بتفتيشه، ثم أعادتها مرة أخرى للبناية التي تسكن فيها. لكن التنكيل بهدى عبد المنعم هو لعقابها على نشاطها الحقوقي والقانوني في الدفاع عن السجناء والسجينات السياسيين في مصر على مدار سنوات ما بعد الانقلاب العسكري، في الثالث من يوليو/ تموز 2013.
وتعاني عبد المنعم من إهمال طبي جسيم في حقها منذ توقف الكلية اليسرى لديها عن العمل تماماً، مع ارتجاع في الكلية اليمنى، ما يزيد من آلامها.
وهناك أيضاً سامية شنن، التي تبلغ من العمر 60 عاماً، وتقول عنها منظمات حقوقية مصرية إنها "أقدم معتقلة في مصر". ألقي القبض عليها في 19 سبتمبر/ أيلول 2013، وتمّ إدراجها في قضية أحداث كرداسة، وحُكم عليها بالإعدام حضورياً، وتمّ نقض الحكم في 3 فبراير/ شباط 2016، وتمّت إعادة محاكمتها والحكم عليها بالسجن المؤبد.

الصورة
سجون مصر (Getty)
يزداد القمع في سجون مصر (محمد محمود/ Getty)

بخلاف السجينات اللواتي يحظين بقدر من الشهرة تجعلهن في صدارة الذاكرة الحقوقية المحلية والدولية، هناك غيرهنّ المئات وربما الآلاف من السجينات لا يعلم أحد عنهنّ شيئاً. ومنهن بسمة رفعت، التي ألقي القبض عليها في 6 مارس/ آذار 2016، أثناء توجهها لتقديم بلاغ باختفاء زوجها قسراً، وتمّ الزج باسمها في قضية "اغتيال النائب العام هشام بركات"، والحكم عليها بالحبس المشدّد 15 عاماً. وبسمة رفعت أم لطفلين صغيرين، هما سلمى ويوسف، محرومين من الأب المحكوم عليه بالمؤبد والأم المحكوم عليها بالسجن 15 عاماً.
وألقي القبض على علا حسين محمد من منزلها في القاهرة، في 11 ديسمبر/ كانون الأول 2016، ووجهت لها تهمة التخطيط وتنفيذ تفجير كنيسة العباسية، وتمّت إحالتها إلى محكمة الجنايات العسكرية، وهي أم لطفلين وكانت حامل في الشهر الثالث عند القبض عليها، ووضعت مولودها الثالث وهي في السجن.
يضاف إلى تلك الأسماء اسم شيماء أحمد سعد، التي تمّ إلقاء القبض عليها في 22 فبراير/ شباط 2015، وجرى ضمّها للمتهمين في القضية المعروفة إعلامياً بـ"مجلس الوزراء"، وتقضي حكماً بالحبس 5 أعوام. وهي أم لطفلة صغيرة.
كذلك هناك ريا عبد الله حسن، البالغة من العمر 60 عاماً، وتم إلقاء القبض عليها مع ابنتها وزوجها من مطار القاهرة في 23 ديسمبر/ كانون الأول 2018، أثناء استعدادهم للسفر للخارج. وآلاء إبراهيم حسن هارون، وهي أم لرضيعة، ألقي القبض عليها من منزلها في الإسكندرية مع زوجها في 14 أغسطس/ آب 2018، وأخفيت قسراً لمدة 12 يوماً، ثم تمّ عرضها على النيابة في 28 أغسطس 2018.

ومن الأسماء فاطمة عياد، المسجونة على ذمة القضية المعروفة إعلامياً بـ"بنات دمياط"، حيث تمّ اعتقالها للمرة الثانية من داخل محكمة دمياط أثناء حضورها الجلسة الخاصة بها، وهي أم لطفلين، كان أحدهما رضيعاً عند اعتقالها. ومعها في القضية نفسها مريم ترك (32 عاماً)، التي تم اعتقالها أيضاً للمرة الثانية من داخل المحكمة، أثناء حضورها انعقاد الجلسة الخاصة بقضيتها المعروفة بقضية "بنات دمياط"، وهي أم لطفلين. إضافةً إلى رباب عبد المحسن، التي ألقي القبض عليها في منزلها في 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، ووجهت لها تهمة تصنيع وحيازة متفجرات وتمويل جماعات مسلحة، وهي مريضة بسرطان الدم.

المساهمون