عملية الأيض لدى البشر ليست كما نعرفها

عملية الأيض لدى البشر ليست كما نعرفها

13 اغسطس 2021
عملية الأيض لا تتعلق بالنشاطات اليومية، سواء الرياضية أو النظام الغذائي (ليف رادين/Getty)
+ الخط -

نسفت دراسة حديثة نُشرت في موقع مجلة Science الأميركية، نقلتها صحيفة "نيويورك تايمز"، مفاهيم ثابتة تتعلق بعملية الأيض Metabolism، إذ وجدت الدراسة أنّ عملية التمثيل الغذائي لا تتعلق بالنشاطات البدنية أو الرياضية التي يمارسها الأشخاص في حياتهم اليومية، كما لا تتعلق بمستوى السعرات الحرارية، بل هي تنقسم إلى أربع مراحل. كما وجدت الدراسة الحديثة، التي استندت إلى بيانات ما يقرب من 6500 شخص تتراوح أعمارهم بين 8 أيام و95 عاماً، أنه لا يوجد فارق حقيقي بين معدّلات التمثيل الغذائي للرجال والنساء.

ووفق الدراسة، فإنّ عملية التمثيل الغذائي تختلف بالنسبة للبشر. فهناك مرحلة الطفل الرضيع التي تبدأ من اليوم الأول حتى 12 شهراً، ويكون حرق السعرات الحرارية في هذه المرحلة في ذروته، يتسارع حتى يصبح أعلى بنسبة 50 في المائة من معدل البالغين قبل بلوغ الطفل عامه الأول.

أمّا المرحلة الثانية، فتبدأ بعد العام الأول وتستمر حتى سن الـ20، عندها يتباطأ التمثيل الغذائي تدريجياً بنحو 3 بالمائة سنوياً.

في المرحلة من سن العشرين إلى 60 عاماً، تبقى عملية الأيض ثابتة. أمّا المرحلة الرابعة، فهي تبدأ من سن الستين، وتنخفض فيها عملية الأيض بنحو 0.7 في المائة سنوياً. كما توصّل الخبراء إلى أنّ معدلات التمثيل الغذائي تختلف عند البشر بحسب كتلة الجسم ومعدل الدهون.

كانت جميع مراكز البحث المشاركة في المشروع تدرس معدلات التمثيل الغذائي من خلال قياس السعرات الحرارية المحروقة، عن طريق تتبع كمية ثاني أكسيد الكربون التي يزفرها الشخص خلال الأنشطة اليومية، لكن الدراسة الحديثة وجدت أنّ عملية الأيض لا تتعلق بالنشاطات اليومية، سواء الرياضية أو النظام الغذائي.

تغيير علمي

تنبأت ليان ريدمان، عالمة فيزيولوجيا توازن الطاقة في معهد بنينجتون للأبحاث الطبية الحيوية في باتون روج، لوس أنجليس، بأن تكون الدراسة الحديثة محوراً أساسياً قد يدخل المناهج العلمية.

واعتبرت ريدمان أنّ الفترات الأربع من الحياة الأيضية، التي تمّ توضيحها في الورقة البحثية الجديدة، تظهر أنه "لا يوجد معدل ثابت لإنفاق الطاقة لكلّ كيلوغرام، بل إنّ المعدل يعتمد على العمر".

فيما وصفت روزالين أندرسون، أستاذة الطب في جامعة ويسكونسن ماديسون التي تدرس الشيخوخة، نتائج الدراسة بالمذهلة، وقالت: "سيتعيّن علينا مراجعة بعض أفكارنا".

كانت إحدى النتائج التي فاجأت الباحث الرئيسي في الدراسة الجديدة هيرمان بونتزر، عالم الأنثروبولوجيا التطورية في جامعة ديوك، تتعلق بعملية التمثيل الغذائي للرضع. لقد توقع، على سبيل المثال، أن يكون معدل الأيض للرضيع مرتفعاً جداً، إذ إنّ القاعدة العامة في علم الأحياء هي أنّ الحيوانات الصغيرة تحرق السعرات الحرارية أسرع من الحيوانات الكبيرة.

وبدلاً من ذلك، وجد بونتزر أنه في بداية العمر، يكون لدى الأطفال نفس معدل أيض أمهاتهم، ولكنه يتغيّر مع مرور الوقت.

توقعت دراسات سابقة، أيضاً، أن يبدأ التمثيل الغذائي للبالغين في التباطؤ عندما يصلون إلى سنوات الأربعين، أو مع بداية انقطاع الطمث لدى النساء. لكن الدكتور بونتزر نفى ذلك.

من المرجح أن تعيد نتائج الدراسة تشكيل علم وظائف الأعضاء البشرية، ويمكن أن تكون لها أيضاً آثار على بعض الممارسات الطبية، مثل تحديد جرعات الأدوية المناسبة للأطفال وكبار السن، بحسب ما أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

تعتبر أبحاث التمثيل الغذائي باهظة الثمن، نظراً لصعوبة قبول الأشخاص بنشر بيانات تمثيلهم الغذائية، لكن بونتزر درس بيانات الأشخاص لأكثر من 40 عاماً ضمن السجلات الرسمية، إذ تمكن الباحثون، الذين يصل عددهم إلى 80 باحثاً، من الوصول إلى طول ووزن المشاركين وسجلاتهم المرضية، وهي معلومات مهمة في البحث، بحسب وصف بونتزر.

قال الدكتور صموئيل كلاين الذي لم يشارك في الدراسة، وهو مدير مركز التغذية البشرية في كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس: "لا أعتقد أنه يمكن الإدلاء بأي تصريحات سريرية جديدة، لأن المشكلة هي نفسها، كالسابق. الناس يأكلون سعرات حرارية أكثر مما يحرقون، وهو ما يؤدي إلى حدوث أمراض السمنة".

ووفق كلاين، فإنه على الرغم من أنّ الناس يكتسبون في المتوسط أكثر من رطل ونصف في العام خلال مرحلة البلوغ، إلاّ أنهم لم يعودوا قادرين على إرجاع ذلك إلى تباطؤ عملية الأيض، لأنّ متطلبات الطاقة للقلب والكبد والكلى والدماغ تمثّل 65 في المائة من معدل الأيض أثناء الراحة، على الرغم من أنها لا تشكل سوى 5 في المائة من وزن الجسم. وأضاف أنّ الأيض البطيء بعد سن الستين قد يعني أنّ الأعضاء الحيوية تعمل بشكل أقل جودة مع تقدم العمر، وقد يكون هذا أحد أسباب ظهور الأمراض المزمنة في أغلب الأحيان لدى كبار السن.

المساهمون