عريس كان ينتظر زفافه ينضم إلى ضحايا تفجير مرفأ بيروت

عريس كان ينتظر زفافه ينضم إلى ضحايا تفجير مرفأ بيروت... والأهالي "لن يسمحوا بدفن التحقيق"

28 سبتمبر 2021
تحرّك شعبي الأربعاء أمام قصر العدل (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

انضمّ إبراهيم مصطفى حرب إلى قافلة ضحايا انفجار مرفأ بيروت بعد 13 شهراً على مجزرة الرابع من أغسطس/آب، وذلك بالتزامن مع تجميد التحقيق ومحاولة المسؤولين في لبنان عرقلة مسار العدالة والإفلات من العقاب.

"راح الحبيب راح. راح عيوني ما عاد يهمّني شيء"، يردّد شقيق إبراهيم مازن حرب، والغصّة تمنعه من الحديث. يتلعثم فيُكرِّر "خلصت الدنيا وانتهى الكلام، كان يُفترض أن يُزفّ عريساً إلى خطيبته في سبتمبر/أيلول 2020، وها نحن نلقي عليه تحية الوداع الأخيرة مجبولة بدموعٍ وغضبٍ وألمٍ لا علاج له".

ويقول حرب لـ"العربي الجديد" "رحلة علاج ابراهيم كانت طويلة ومليئة بالصعاب والمعاناة اليومية، فكان عاجزاً عن الكلام نتيجة إصابته بالرأس، ولا يقوى على الحركة، أمضى حوالي 3 أشهر في مستشفى رزق في بيروت قبل نقله إلى مؤسسة للتأهيل الجسدي والعلاج الفيزيائي، حيث قاوم عشرة أشهر تقريباً، ثم أخذناه إلى المنزل وبدأ يتناول الطعام ويتفاعل قليلاً، بيد أنّ حاله عادت وتدهورت بعد فترةٍ وفارق الحياة.

ويؤكد عددٌ من أهالي ضحايا انفجار المرفأ، لـ"العربي الجديد"، أنه "اليوم يُدفَن إبراهيم، ولكننا لن نسمح للقوى السياسية أن تدفنَ التحقيق ومعه الحقيقة، ولن يرقد إبراهيم بسلامٍ قبل أن نُحاسبَ المجرمون".

ويشدّد الأهالي على أنهم سيقولون كلمتهم "غداً الأربعاء، خلال التحرّك الشعبي أمام قصر العدل، فهذه آخر فرصة، بالنسبة إلينا، لإحقاق العدالة، ولن نرضى بكفّ يدّ المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، كما حصل مع سلفه القاضي فادي صوان".

ملفين خوري الصحافية والناشطة في القضايا الإنسانية والناجية من انفجار مرفأ بيروت، والتي لا تزال تئنّ تحت وطأة وجعها الجسدي والنفسي وتقاوم للصمود رغم مراحل علاجها الطويلة، تتحضّر قريباً لإجراء عمليتها السادسة، هي التي تردّد دائماً "اعتدنا على الوجع".

وتعتبر خوري أنّ "المسؤولين بفعلتهم هذه إنما يدينون أنفسهم، والحقيقة انكشفت بالنسبة إلينا، ويا محلا عقاب القضاء أمام عقابنا". وتشدّد لـ"العربي الجديد" على أنّ "البريء لا يخاف من المثول أمام القاضي، ولا يتلطى خلف ذرائع وحجج تورطهم بالجريمة أكثر فأكثر. ساعةً يشنون حملات تشويه على القاضي مرفقة باتهامات بالاستنسابية والانتقائية ومخالفة القانون، وقد وصل بهم الأمر إلى إدانته بلقائه الأهالي، كما اتهامه بالانحياز، فيما هو منحاز فقط للحق والعدالة".

وتضيف: "هذه وقاحة ولاإنسانية، وتؤكّد مرة جديدة أنّ المسؤولين خائفون من القاضي، لا بل هم المنحازون إلى المنظومة الفاسدة التي دمّرتنا وشوهتنا وهجّرتنا وأوجعتنا وتسير على جثثنا وآلامنا".

وتأمل خوري أن تضع محكمة الاستئناف أمامها صور الضحايا والجرحى والمصابين وتحكم بضميرها، من دون أن تنصاع لأي ضغط سياسي. "فإذا تمّ كفّ يد البيطار، كما حصل مع القاضي صوان، فسنفقد الأمل نهائياً، ليس فقط بكشف حقيقة انفجار بيروت بل كلّ الجرائم مهما كان حجمها. من هنا، يجب أن نكون يداً واحدة للمطالبة بالحقيقة والعدالة، ليس فقط لعائلات الضحايا، بل لكلّ لبناني نجا من الانفجار وحياته معرّضة كل يوم لجريمة جديدة ما دام المسؤولون يستسهلون قتلنا ويعرفون سلفاً أنهم بمنأى عن المحاسبة والعقاب".

موقف
التحديثات الحية

وتشهد الساحة اللبنانية، منذ أمس الاثنين، حالة غضب عارمة بعد توقف النظر في القضية، وإرجاء جلسات الاستجواب التي كانت ستشمل المدعى عليهم الوزراء السابقين علي حسن خليل، نهاد المشنوق، يوسف فنيانوس، غازي زعيتر، ورئيس الحكومة الأسبق حسان دياب، وقادة أمنيين وعسكريين، وذلك حتى بتّ محكمة الاستئناف في بيروت الطلب الذي تقدّم به المشنوق لـ"الإطاحة" بالقاضي البيطار.

كما يستنكر معارضو السلطة المحاولات السياسية المستمرّة للإنقلاب على التحقيق واستخدام المنظومة كلّ الوسائل الممكنة للإطاحة بالمحقّق العدلي، حتى وصل بها الأمر إلى بعث رسائل تهديد مبطّنة ومباشرة إلى القاضي البيطار، آخرها من مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في "حزب الله" وفيق صفا، عدا عن الحملات المنظمة من قبل جيوش الأحزاب الإلكترونية، خصوصاً التابعة لـ"حزب الله" و"تيار المستقبل" (يرأسه سعد الحريري)، التي هلّلت وجاهرت بما حصل وعمّمت وسم "البيطار بدو غيار".
وشارك عددٌ من أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت وإعلاميين وفنانين وناشطين وحقوقيين في الحملة التي تحمل راية متابعة التحقيقات حتى الوصول إلى الحقيقة والعدالة ومحاسبة المرتكبين.

وقالت وداد حلواني، رئيس لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين: "بعد الحرب اللبنانية منعونا من معرفة الحقيقة ومن الوصول إلى العدالة بقانون العفو العام... هذه المرّة كلنا معنيين وواجبنا أن نمنع عرقلة التحقيق!".

واستنكرت منظمات حقوقية مدنية ودولية محاولة المنظومة السياسية عرقلة مسار العدالة، ودعت إلى إجراء تحقيق شفاف ومستقلّ لمعرفة الحقيقة.

وقالت منسّقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي: "أكرّر الحاجة الماسّة إلى إجراء تحقيق مستقلّ وحيادي وشفاف في تفجير مرفأ بيروت"، مؤكدة أنه "لا بدّ من تحقيق العدالة ولعائلات الضحايا الحق في معرفة الحقيقة وفي إحقاق العدالة"، معلنةً وقوفها إلى جانب أسر الضحايا.

المساهمون