ضحايا الابتزاز الإلكتروني في العراق: إجراءات الإنصاف طويلة ومعقدة

ضحايا الابتزاز الإلكتروني في العراق: إجراءات الإنصاف طويلة ومعقدة

16 اغسطس 2023
ينبغي اتباع تدابير حماية الحسابات الشخصية (زيد العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -

تُطلق وزارة الداخلية العراقية بين الحين والآخر حملات توعوية تتعلق بالابتزاز الإلكتروني الناجم عن سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية، وقد وفرت خط اتصال ساخنا للضحايا. لكن لا تزال الإجراءات القانونية والأمنية التي تخضع لها النساء معقدة وبطيئة، إذ واجهت العديد من النساء صعوبات في الإبلاغ عن ابتزاز تعرّضن له، ما جعلهن يتراجعن عن إتمام عملية الإبلاغ، الأمر الذي أدى إلى تراجع نسب تبليغ الضحايا. 
وتتباين طريقة تعامل الشرطة بين مدينة وأخرى في الاستجابة لشكاوى تعرّض النساء للابتزاز الإلكتروني، ويتعامل بعض الضباط مع الضحايا على أنهن مذنبات، أو متورطات في علاقات مع المبتزين.  
إيلاف (اسم مستعار) لإحدى الشابات اللواتي تعرضن للابتزاز (29 سنة)، تقول لـ "العربي الجديد" إن "الإجراءات الأمنية المعقدة والمطولة التي خضعتُ لها بعد تعرضي للابتزاز جعلتني أوقف الشكوى وألجأ إلى مساعدة أحد أقاربي". وتوضح: "قام حساب باسم شخص لا أعرفه على موقع (فيسبوك) بتكرار إرسال الرسائل لي، وأبلغني أنه يملك صوراً شخصية خاصة جداً لي، وأنه سيقوم بنشرها في حال لم ألتق به شخصياً. شعرت بالقلق والخوف، ولم أعرف ماذا أفعل حينها، فأبلغت زوجي، وتبين فعلاً أنه يملك صوراً لي أخذها من هاتف قديم كنت قد بعته". 
تتابع: "اتصل زوجي بالخط الساخن، وأبلغه الضابط الذي رد عليه أن يقدم بلاغاً إلى مركز الشرطة لإحالته إلى القاضي الذي يحيله بدوره إلى الجهة المعنية. بعدما وجد زوجي أن الإجراءات معقدة وتستغرق وقتاً، تواصل مع أحد الأقارب في جهاز الأمن الوطني، فقال إنه يمكنه إيقاف الصفحة التابعة للمبتز مؤقتاً. هذا الشخص المقرب أبلغنا أنه في حال كان الشخص المبتز معروفاً من قبلنا، فلن تحال القضية إلى الأمن الوطني، بل إلى مركز الشرطة، لأن الأمن الوطني مختص فقط بمجهولي الهوية. لذلك، اضطررت إلى الموافقة على إيقاف الصفحة بصورة مؤقتة عن طريق إجراءات قانونية، لكن لا تزال قضيتي معلقة". 
وأتاحت وزارة الداخلية العراقية الإبلاغ عن الابتزاز الإلكتروني من خلال جهاز الأمن الوطني وقسم الجرائم الإلكترونية في مديرية تحقيقات الأدلة الجنائية، عن طريق الاتصال بالخط الساخن الحكومي الذي يعمل على مدار 24 ساعة. 
وجهاز الأمن الوطني هو أحد الأجهزة الأمنية العراقية المرتبطة برئيس الوزراء، ومهمته الحفاظ على الأمن العام ورصد محاولات التخريب في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية ومكافحتها. 

الصورة
 تكثر حملات التوعية الخاصة بالابتزاز الإلكتروني (سكوت بيترسون/ Getty)
تكثر حملات التوعية الخاصة بالابتزاز الإلكتروني (سكوت بيترسون/ Getty)

من جانبها، تؤكد زارة الداخلية أنها تطبق الإجراءات القانونية المشددة بحق المبتزين. ويقول مدير شعبة الجرائم الإلكترونية، العقيد أوس إبراهيم، لـ"العربي الجديد"، إنّ "عمليات الابتزاز تراجعت بسبب ما تقوم به شعبة الجرائم من عمليات توعوية مستمرة، فضلاً عن الإجراءات الرادعة التي تشمل القبض على عدد كبير من المبتزين إلكترونياً"، مبيناً أنّ "الأحكام ضدهم تتراوح ما بين السجن 7 سنوات بالنسبة لمن لديه جريمة ابتزاز واحدة، وتتضاعف إلى 14 عاماً إذا ثبت ارتكابه أكثر من جريمة". 
ويشير إبراهيم إلى أهمية تحصين الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي من الاختراق، كما يتوجب على كل مواطن أن يجعل حسابه محمياً، مشيراً إلى "الدور الذي يقع على عاتق شعبة الجرائم هو إثبات عملية الابتزاز أو نفيها بمساعدة خبراء قضائيين مجازين من قبل القضاء العراقي". 
إلى ذلك، يؤكد الحقوقي محمد جمعة أن "الإجراءات الأمنية والقانونية بطيئة، وأسرع إجراء قد يستغرق أسبوعاً في حال كان هناك دراية كاملة لدى الشخص المتعرض للابتزاز بكافة معلومات المبتز". ويقول لـ "العربي الجديد" إنّ "الإجراءات المعقدة والمطولة تزيد الأمر سوءاً لأن الضحية يكون في حالة خوف، ويحتاج إلى سرعة الإجراءات لحماية نفسه وحساباته وصوره الشخصية، وأكثر الحالات التي من الممكن المماطلة بها هي التي تكون غاية المبتز فيها الحصول على الأموال". 
ويبين جمعة أن الإجراء القانوني الذي يخضع له ضحية الابتزاز يبدأ بتقديم شكوى في محكمة التحقيق، ثم يحول القاضي القضية إلى مركز الشرطة الذي يأخذ إفادة الضحية، ثم يعود الملف إلى قاضي التحقيق لإعطاء إفادة مرة أخرى، وبعدها يطلب من الأمن الوطني معرفة الحساب والوصول إلى المبتز. يتابع: "قد يكون من الصعب مقاضاة مرتكبي الجرائم الإلكترونية، وخصوصاً عندما تكون الجريمة قد ارتكبت في الخارج. لكن من الضروري أيضاً الإبلاغ عنها، وعدم السكوت عن أية عمليات ابتزاز". 

من جهته، يوضح الخبير في مجال حماية الشبكات ومواقع التواصل الاجتماعي، حيدر محمد، لـ "العربي الجديد"، كيفية حماية الحسابات من عمليات الابتزاز وغيرها. ويقول إنّ "عملية الحماية تبدأ أولاً بربط الحساب برقم هاتف المستخدم، ويفضل عدم استخدام رقمه الشخصي حتى لا يكون معروفاً، ويتم من خلاله الوصول للحساب في حال سرقة الهاتف. والخطوة الثانية تتمثل بإخفاء البريد الإلكتروني المستخدم للدخول إلى الحساب، وكذا المعلومات المتاحة للظهور في الحساب، ويفضل ألا يكون البريد الشخصي هو المستخدَم". 
يضيف: "كل الحسابات الإلكترونية معرضة للاختراق في حال كان رقم الهاتف المربوط معه الحساب معروفاً، وكذلك البريد الإلكتروني. يجب تفعيل خاصية المصادقة الثنائية للبريد وحساب موقع التواصل كي يمنع المخترق من إمكانية الدخول، إذ إنّ هذه الخاصية تشترط إدخال رمز سري يصل إلى المستخدم عبر رقم الهاتف في حال كان هناك من يحاول الدخول لحسابه".
أما بالنسبة للعقوبات المترتبة على مرتكبي جريمة الابتزاز الإلكتروني، يقول الخبير القانوني، وسام عبد العزيز، لـ "العربي الجديد": "في ظل عدم تشريع قانون الجرائم الإلكترونية، فإنّ التكييف القانوني لهذه الجريمة تطبق معه المادة 452 من قانون العقوبات العراقي، والتي تعاقب بالسجن مدة تصل إلى 7 سنوات كل من حمل شخصا آخر بطريق التهديد على تسليم أموال أو أشياء أخرى دون إرادته والعقوبة تصل إلى 10 سنوات إذا ارتكبت الجريمة بالقوة والإكراه". 

المساهمون