شباب أفغان يخشون على مستقبلهم

شباب أفغان يخشون على مستقبلهم

21 اغسطس 2021
أفغانيات يطالبن بحماية حقوقهن (ٍسيد خوديبيردي/ الأناضول)
+ الخط -

ليس معلوماً بعد كيف سيكون شكل الحكومة والمنظومة السياسية في أفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان على البلاد. في هذا السياق، يخشى كثيرون، وعلى الرغم من إعلان طالبان عن نيتها في التعاون في مختلف المجالات، أن تلجأ الحركة إلى سياساتها القديمة، الأمر الذي من شأنه تدمير أحلام الشبان والفتيات في البلاد.
في هذا السياق، يقول كمال أحمد (22 عاماً)، الذي يعمل في فندق "برك" في منطقة شهر نو في قلب العاصمة كابول: "تركت الدراسة قبل عام بعدما تخرجت من الثانوية العامة لظروف عائلية صعبة، وأعمل في هذا الفندق من الصباح وحتى المساء. أساعد عائلتي من خلال راتبي الذي أتقاضاه، وأدخر جزءاً منه لمتابعة دراستي الجامعية، على أن أتمكن بعد أعوام من الالتحاق بالجامعة ومتابعة الدراسة". يشير إلى أنه حاول مراراً الالتحاق بجامعة حكومية لتوفير المال، إلا أن الأمر لم يكن سهلاً، فقرر العمل وادخار المال قبل العودة إلى الدراسة، هو الذي يتمنى دراسة تخصص الطب.  
لكن أحمد يشير إلى أنه في ظل سيطرة طالبان على البلاد مرة أخرى، ستتغير الأمور، ولم يعد واثقاً من قدرته على تحقيق حلمه. يقول إن التجربة السابقة لحركة طالبان كانت سيئة، إذ فر كثيرون من البلاد، الأمر الذي يتكرر في الوقت الحالي في مطار حامد كرزاي الدولي. 

من جهته، يقول الناشط المتابع لقضايا الشباب ذبيح الله باور، في حديثه لـ "العربي الجديد": "ما يحدث في كابول حالياً هو ضربة لأحلام الشباب. المشاهد والفيديوهات من داخل المطار، والتي تظهر تعلق مئات الشباب بالطائرات غير آبهين بإطلاق القوات الأميركية النار عليهم"، مشيراً إلى أن "السبل قد ضاقت بهم، يريدون الهرب من هذه البلاد بأية وسيلة". يتابع: "شريحة كبيرة من هؤلاء الهاربين هي من المتعلمين والمثقفين الذين عانوا كثيراً في هذه البلاد أثناء التعليم، لكنهم الآن يهربون من البلاد يائسين".

ويخشى الشباب الأفغاني على مستقبله، لا سيما وأن طالبان لم تقدم أي نموذج لحكومة (حتى في الأقاليم والمديريات التي كانت تحت سيطرتها منذ فترات طويلة) توحي بأنهم قادرون على إرضاء الشعب. كما ترسخت في أذهان الأفغان الصورة النمطية لطالبان التي كانت عليها في تسعينيات القرن الماضي.
في هذا السياق، تقول محبوبة صافي التي تخرجت العام الحالي من كلية الطب في جامعة جلال آباد وتبحث عن عمل، لـ "العربي الجديد": "كانت لدي أحلام كبيرة منذ أن التحقت بكلية الطب، لأخدم شعبي وأبناء بلادي. كنت قلقة في السابق من الوضع الأمني المتردي في البلاد والحروب الدائرة بين الحكومة وطالبان التي كانت تحصد أرواح المواطنين بلا هوادة من الطرفين. لذلك، كنت آمل أن تنجح جهود السلام والمصالحة. لكن سقطت الحكومة وانتصرت طالبان، والأخيرة معروفة بأنها كانت قد فرضت في السابق قيوداً مشددة في جميع نواحي الحياة وعلى جميع المواطنين، وتحديداً النساء. ولو فرضت قيوداً على النساء والفتيات هذه المرة أيضاً، فهذا يعني أن كل ما فعلناه لم يعد ذا جدوى، وأن أحلامي لن تتحقق".

الصورة
يستعدون للمغادرة على متن طائرة عسكرية أميركية (شكيب رحماني/ فرانس برس)
يستعدون للمغادرة على متن طائرة عسكرية أميركية (شكيب رحماني/ فرانس برس)

من جهتها، تقول الناشطة الأفغانية والموظفة في وزارة الشؤون الدينية شايسته يوسفي (24 عاماً)، لـ "العربي الجديد": "في الوقت الحالي، أنهي كتابة رسالة الماجستير. وجدت وظيفة وكنت آمل أن تتغير الحياة شيئاً فشيئاً. لم نكن كشباب نتوقع تحسن الأحوال المادية والمعيشية فحسب، بل أيضاً تغير الأحوال في مختلف المجالات. لكن الآن، وبعد سيطرة طالبان، لا ندري ما الذي ينتظرنا. اعتدنا على الحرية الكاملة خلال الأعوام الماضية. والآن، أخشى أن تتغير الأمور كلياً".
في المقابل، تبدو الطالبة الجامعية جميلة عمر (21 عاماً) إيجابية. تقول إن طالبان تغيّرت كثيراً، مشيرة إلى ما قاله الناطق باسم الحركة ذبيح الله مجاهد حول تغيّر الحركة في جميع المجالات وإعطاء النساء حقوقهن، كالحق في التعليم والصحة والعمل لكن في إطار الشريعة الإسلامية. وتوضح أن طالبان تحتاج إلى التماشي مع مطالب الشعب والمجتمع الدولي، أو ستواجه المشاكل التي واجهتها في تسعينيات القرن الماضي، حين لم يكن المجتمع الدولي يعترف بها. من هنا، على الحركة تقبل ما يتطلع إليه الشعب بشرائحه المختلفة، وما يطلبه منه المجتمع الدولي.
لكل شاب وفتاة رؤية خاصة لما يجري في البلاد، لكن يجمعهم القلق حول مستقبلهم على الرغم من تأثر بعضهم بتطمينات الحركة، وما أبدته من تغيرات. إلا أن منع دخول الإعلامية شبانه دوران إلى مقر التلفزيون الوطني من قبل مسلحي طالبان خيب آمال الشبان والفتيات. وتوجهت دوران، وهي مذيعة في القناة، إلى مقر عملها بعد أيام من سيطرة طالبان على العاصمة.

وعلى الرغم من أنها تملك بطاقة عمل وهي وجه معروف في البلاد كونها تقدم نشرة الأخبار الرئيسية على القناة، إلا أن طالبان لم تسمح لها بالدخول إلى مقر عملها. وعندما أصرت على ذلك، هدّدها مسلحو الحركة، فطلبت من جميع من يهتم بحقوق النساء والشباب، وتحديداً الإعلاميات، إثارة القضية. كما طالبت في تسجيل مصور، وسائل الإعلام بأن ترفع صوتها حيال القضية.
لكن قيادياً في الحركة والذي قدم أخيراً من مدينة قندهار إلى كابول، ويدعى محمد نويد، يقول لـ "العربي الجديد" إنها "أحداث نادرة، وليس من سياسة طالبان منع الفتيات من العمل، لهن حقوق ولكن في إطار الشريعة". ويؤكد أن "الأمور لم تعد ثابتة حتى الآن وطالبان سيطرت مجدداً على كابول. بالتالي، رسم الخطوط العريضة للدولة يحتاج إلى وقت، وعلى الشعب أن ينتظر قليلاً".

المساهمون