سفراء نظافة في تونس

03 نوفمبر 2022
خلال تنظيف أحد شواطئ تونس (جمعية البيئة والمحيط)
+ الخط -

يلتقون كلّ يوم أحد، أي خلال العطلة الأسبوعية، أو أيام العطل الأخرى، في أحد الأماكن الذي يحتاج تدخلاً عاجلاً لإزالة النفايات، مُلبين نداء إحدى الجمعيات البيئية أو ناشطي البيئة الذين يدعون المواطنين للمشاركة في مبادرات لتنظيف أماكن أو مناطق أغرقتها النفايات. ويشارك في تلك الأعمال العديد من المواطنين من مختلف الأعمار بالإضافة إلى الأطفال. يرتدون قفازات ويحملون أكياساً بلاستيكية كبيرة لجمع النفايات، أو يجلبون بعض المعدات البسيطة الأخرى التي تساعد في رفع النفايات. 
وخلال السنوات الأخيرة، تطلق الجمعيات البيئية والناشطون مبادرات في مختلف المناطق والمناسبات بسبب زيادة المكبات العشوائية والنفايات في الشوارع. ويختارون أيام العطل ليكون الناس قادرين على المشاركة في تلك الأنشطة البيئية وبأعداد كبيرة. وتؤمّن بعض الجمعيات نقل المشاركين إلى الأماكن التي يجب تنظيفها. 
وتشهد تونس أزمة بيئية حادّة تفاقمت خلال السنوات الأخيرة بسبب قلة إمكانيات البلديات لرفع النفايات من الشوارع، بالإضافة إلى نقص عدد المكبات وإغلاق الأخرى بسبب بلوغها طاقتها الاستيعابية القصوى. وتنتج تونس وفق الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات حوالي 2.5 مليون طن من النفايات المنزلية سنوياً، وتبلغ نسبة البلاستيك منها 11 في المائة والورق 10 في المائة. وقدرت الوكالة كمية النفايات الصناعية بنحو 250 ألف طن سنوياً. 

ويعد تكدس النفايات في الشوارع وانبعاث الروائح الكريهة من أبرز المشاكل التي أججت الشارع التونسي في العديد من المحافظات خلال الأشهر الأخيرة، وخصوصاً في المناطق التي تضم مكبات نفايات على غرار محافظة صفاقس التي تواجه أزمة بيئية كارثية. 
ونهاية كل أسبوع، تنظم جمعية "بيئتي" حملة نظافة في أحد الشواطئ أو إحدى الغابات أو حتى المناطق السكنية التي تتكدس فيها النفايات. وتنشر تفاصيل الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي، ليشارك فيها أكبر عدد من أهالي المنطقة التي سيتوجهون إليها. 
ويقول أحد المشاركين في حملات النظافة في مدينة بنزرت عبد الرحمان (55 عاماً) إنّه يشارك في أي حملة نظافة تنظمها الجمعيات في مختلف مناطق محافظة بنزرت. ويتنقل على حسابه الخاص برفقة أطفاله إذ يحرص على توعيتهم حول أهمية العمل التطوعي والبيئي. ويساهم هو وعدد من أهل المنطقة في شراء بعض معدات التنظيف من خلال التبرع بالمال.

تستقطب حملات النظافة مختلف الفئات العمرية (جمعية البيئة والمحيط)
تستقطب حملات النظافة مختلف الفئات العمرية (جمعية البيئة والمحيط)

يضيف عبد الرحمان أنّهم غالباً ما لا يعرفون المكب الذي سيرمون فيه النفايات، وخصوصاً أنّ المكبات غالباً ما تكون خارج المدينة وفي مناطق نائية وبعيدة، ولا يسمح القائمون عليها بإلقاء النفايات فيها سوى من قبل عمال البلدية. لذلك، تعمد الجمعيات إلى أخذ تصاريح بإلقاء النفايات في تلك المكبات بعد رفعها من الشوارع والغابات والشواطئ. 
من جهته، يقول الناشط سيف الدين الشافعي إنّه ينظم مع عدد من رفاقه حملات نظافة في جهات عدة. وغالباً ما ينصبون الخيام في المدينة التي سينظفونها. "كلّ يساهم بما يستطيع، البعض يوفر القفازات والأكياس البلاستيكية للناس وغيرها من المعدات البسيطة لرفع النفايات". ويتكفل مع رفاقه بنقل النفايات إلى المكبات. 
ويشير الشافعي إلى فرز النفايات (توضع الفضلات الغذائية والمواد العضوية على حدة، والقوارير البلاستكية في أكياس، والزجاج على حدة) لتقديمها إلى مصانع إعادة تدوير البلاستيك والزجاح، قائلاً إن هذا العمل يؤدي إلى تنظيف المدن وإعادة تدوير النفايات.

بدوره، يقول عضو جمعية البيئة والمحيط كريم المستوري إنّه ينظم منذ ثلاث سنوات حملات نظافة عدة في غالبية المدن التونسية. ويتنقل برفقة مجموعة مكونة من سبعة أشخاص إلى العديد من الجهات خلال العطل الأسبوعية أو المدرسية أو غيرها، والتي يكون فيها الأهل والأطفال قادرين على المشاركة في حملات النظافة.
يضيف: "من خلال إمكانياتنا البسيطة، نوفر بعض المعدات التي تساعدنا في جمع النفايات. نختار في البداية المكان المحدد وننصب خيام القافلة التي تضمنا. ونعمل على توعية الناس حول أهمية النظافة وكيفية فرز النفايات وإعادة تدويرها للحفاظ على البيئة. ويشارك في تلك الحملات العديد من المواطنين بما في ذلك الأطفال. كما ننظم حملات توعوية في المعاهد والمدارس لنشر الوعي حول أهمية النظافة، وخصوصاً أننا نعاني أزمة بيئية كارثية في غالبية الجهات، في ظل تقاعس السلطات المختصة عن إيجاد حلول، وخصوصاً لناحية رفع النفايات وتوفير مكبات جديدة بعيدة عن التجمعات السكانية، وضعف الاستثمار في إعادة تدوير النفايات". 

المساهمون