سجينة أميركية سابقة درست الحقوق لتغيير نظام "الإفراج المشروط"

سجينة أميركية سابقة درست الحقوق لتغيير النظام القانوني لـ "الإفراج المشروط "

05 سبتمبر 2021
تضمّ فيلادلفيا أعداداً كبيرة من الأشخاص تحت المراقبة (فريدريك سلطان/Getty)
+ الخط -

تحوّلت لاتونيا مايرز (30 عاماً)، من فتاة عانت من تبعات النظام الجنائي الأميركي في ولاية فيلادلفيا إلى واحدة من أبرز الناشطات في مجال حقوق الإنسان. قصة مايرز تشبه مئات قصص الشباب في الولاية الأميركية، التي تصنّف بأنها الأقسى في قضايا قانون المراقبة أو الإفراج المشروط، وهو نظام قضائي يعرّض أصحاب الجنح للمراقبة القضائية الطويلة.

قصة واقعية

كانت مايرز تعيش مع والدتها في منزل صغير، قبل أن تتعرّف الأخيرة إلى صديقها. كان صديقها يبتزّها ويحاول تعنيفها باستمرار، ويسيء معاملتها. وفي إحدى الليالي، استيقظت الفتاة على صوت ضربات وصراخ والدتها، فحاولت إنقاذها من خلال صفع الصديق بعبوة حديد، فسبّبت له جراحاً في الرأس. وجّهت إليها الشرطة تهمة القتل العمد، بدلاً من الشروع في الدفاع عن النفس. ويختلف تأثير كلا الاتهامين في الوضع القانوني لمايرز، بحسب موقع "بي بي سي".

كانت تبلغ مايرز حينها 12 عاماً. تقول: "جلست خلف القضبان لمدة ثلاثة أيام، بعدها نُقلتُ إلى محكمة الأحداث، ومُنحتُ حق الاختيار، إمّا الاعتراف بالذنب والإفراج تحت المراقبة، أو العودة إلى السجن لمدة 10 أيام أخرى ومحاربة القضية في المحكمة". بحسب مايرز، لم يكن أمامها سوى الاعتراف بالذنب والعودة مع جدتها، لكنها لم تكن تعي ما الذي يعنيه أن تكون تحت المراقبة.

قوانين صارمة

يعدّ قانون المراقبة أو الإفراج المشروط، واحداً من أكثر القيود القانونية التي تنعكس على حياة الصغار والمراهقين في الولايات المتحدة الأميركية، إذ عادة لا تُقبَل هذه الفئة في المدارس أو العمل، على اعتبار أنها تشكل نوعاً من الخطر على المجتمع.

هذا الواقع دفع مايرز إلى اللجوء نحو أصدقاء كانوا غاضبين من العالم كما كانت، وارتكبوا سلسلة من الجنح، بما في ذلك حيازة الأسلحة والمخدرات.

واجهت مايرز أيضاً بسبب هذه العلاقات، وحيازتها المخدرات، جنحاً إضافية، الأمر الذي دفع القضاة إلى حظر مغادرتها المدينة دون إذن.

تعدّ مدينة فيلادلفيا واحدة من أكثر المقاطعات الأميركية التي تضمّ أعداداً كبيرة من الأشخاص تحت المراقبة أو الإفراج المشروط.

في عام 2018، كان واحد من كل 22 بالغاً - وواحد من كل 14 أميركياً من أصل أفريقي - قيد المراقبة أو الإفراج المشروط، وفقاً لبحث من رابطة العدالة بجامعة كولومبيا. ويعود السبب في ذلك، إلى أنّ مدة الإفراج المشروط هي الأطول على الإطلاق، وتصل إلى أكثر من 20 عاماً.

تقول كندرا برادنر، مديرة مشروع إصلاح المراقبة والإفراج المشروط في جامعة كولومبيا، في حديث لها مع شبكة "بي بي سي" البريطانية: "يعدّ هذا النموذج القانوني، الأقسى بين الولايات المتحدة الأميركية، ويؤثّر بمستقبل أجيال بأكمالها". فيما وصف محامي مقاطعة فيلادفيا، لاري كراسنر، الإشراف الجماعي أو الإفراج المشروط، بـ"التوأم الشرير للسجن الجماعي".

مسيرة علمية

بعدما تمكّنت مايرز من إكمال دراستها في الثانوية العامة، حاولت الدخول إلى ميدان العمل، حيث حصلت على وظيفة في مختبر جامعي، لكن العرض سُحب عند اكتشاف سجلّها الإجرامي، وبدلاً من ذلك، عملت في وظيفة حارس أمن لتأمين مصروفها. تقول: "لقد شعرت بالإهانة بسبب التغاضي عن عقلي".

لطالما كانت مايرز مدركة تماماً للخط الرفيع الذي يفصل بين من يملكون المال والسلطة ومن لا يملكونهما. وتصف الحيّ الذي تعيش فيه، جنوب غربيّ فيلادلفيا، بأنه "الأفقر"، حيث يتعيّن على الأطفال أن يكبروا بسرعة من أجل البقاء على قيد الحياة، وعلى مقربة من هذا الحيّ، تطلّ ناطحات السحاب، حيث يعيش الأغنياء. هذا التناقض في المجتمع دفعها إلى التفكير كثيراً بشأن مستقبلها، بحسب تعبيرها.

لذا، حاولت مايرز تثقيف نفسها، من خلال زيارة مكتبة إحدى الجامعات القريبة من مكان سكنها، فعلى الرغم من أنّ الجامعة لم تكن خيارها، قضت الكثير من الوقت في قراءة القانون، وهو ما ساعدها في كتابة المرافعات القضائية، للأشخاص الذين يواجهون جنحاً قضائية. بعدها قرّرت دراسة القانون، واستطاعت تبرئة نفسها بعد أشهر عديدة من المرافعات في المحاكم، لإزالة التهم القضائية التي وجهت إليها سابقاً.

بعد إعلان براءتها، حصلت على وظيفة في مكتب المحامي العام، دعمت الأشخاص الذين من المحتمل أن يكونوا رهن الاحتجاز. كانت مهمتها جمع المعلومات عن المدعى عليه والجريمة المزعومة - بما في ذلك، على سبيل المثال، ما إذا كان الفرد يتصرف دفاعاً عن النفس - ما قد يساعد المحامي العام في ثني القاضي عن إصدار أحكام مشددة.

خاضت مايرز معارك قانونية مع المحاكم من أجل تغيير قواعد الإفراج المشروط، وتقصير مدّته الزمنية، وهي لا تزال مصرّة على إكمال هذه المسيرة لتعديل القواعد القانونية في المدينة.

المساهمون