زلزال أفغانستان اختبار للقطاع الصحي

زلزال أفغانستان اختبار للقطاع الصحي

12 أكتوبر 2023
لبى أطباء من كل الولايات الأفغانية نداءات علاج الجرحى (فرانس برس)
+ الخط -

شكل الزلزال الذي ضرب غرب أفغانستان السبت الماضي، تحدياً كبيراً للقطاع الصحي، في ظل غياب دعم المؤسسات الدولية المعنية بالقطاع.
يقول الدكتور محمد هاشم الذي يعمل في مدينة هرات، وشارك في تنسيق عمليات الأطباء والفرق في المناطق المنكوبة لـ"العربي الجديد": "وصلت منذ الساعات الأولى للزلزال أفواج الأطباء وفرق الإسعاف والمتطوعين في القطاع الصحي بالمؤسسات الخيرية المحلية من مختلف الولايات إلى المنطقة المنكوبة، وجلبت معها الاحتياجات المطلوبة. كما وصلت فرق طبية من العاصمة كابول ضمت متخصصين وأطباء وممرضين وأدوات لتنفيذ عمليات جراحية، وأدوية".
يُضيف: "رأيت أعلى مستويات التضامن بين أبناء شعبنا، إذ ترك أطباء متخصصون منازلهم في الليلة الأولى للكارثة، وتوجهوا مع فرق الأطباء إلى المنطقة المنكوبة، وعمِلوا في خيام مؤقتة، لكن حجم الكارثة كبير، لذا كانت هذه الجهود قليلة، لكن الأهم أن أبناء شعبنا قدموا الغالي والرخيص للمتضررين في هذه الفترة العصيبة".

ويوضح أن "المتضررين يحتاجون في هذه الفترة العصيبة إلى مختلف أنواع الدعم في كل المجالات، لكن دور الأطباء ومتطوعي فرق الإغاثة هو الأكبر، ويعمل مئات من الأفغان في هذا المجال، في حين هناك حاجة إلى بذل مزيد من الجهود. ومن حسن الحظ أن الأطباء والشبان المتطوعين لا يزالون يأتون من ربوع البلاد، وأن أثرياء وتجاراً يرسلون شاحنات محمّلة بمواد طبية وأدوية إلى المناطق المنكوبة.
واضطلعت وزارة الصحة بدور كبير في إيصال الخدمات إلى المناطق المنكوبة. وضمت الفرق التابعة للوزارة عشرات الأطباء والممرضين، وهي تعمل في شكل دوري في الأحياء التي تضررت من الزلزال، وهناك اهتمام كبير بالمستشفى المركزي في ولاية هرات الذي كرّس عمله لعلاج المصابين، والذين يتجاوز عددهم 2440.
وقالت وزارة الصحة في بيان أصدرته أول من أمس الثلاثاء: "زار الوزير الدكتور قلندر عباد المستشفى المركزي في ولاية هرات، واطلع على مجريات الأعمال، وسمع اقتراحات الأطباء الموجودين في المستشفى، وعلِم باحتياجاتهم في الوقت الراهن، وأبلغ مسؤولي المستشفى أن الوزارة تسعى بكل ما في وسعها لتحسين ظروف العمل، وتوفير كل المعدات الصحية والأدوية والدعم اللوجستي للمستشفى المركزي في هرات".

الصورة
يجب توفير أطباء نفسيين لمنكوبي الزلزال (ميرواز أمير/ الأناضول)
يجب توفير أطباء نفسيين لمنكوبي الزلزال (ميرواز أمير/ الأناضول)

كما تفقد عباد المنطقة المنكوبة، والتقى مسؤولين في الفرق الطبية الجوالة، وأشاد بدورهم وشجعهم على العمل. وأكد أن الحكومة تبذل كل ما في وسعها من أجل إيصال الدعم اللازم، وكل ما تحتاج إليه الفرق الطبية من أدوات ودعم لوجستي. 
من جهته يقول الدكتور المتخصص في أمراض الأطفال محمد عبيد الذي يعمل ضمن الطاقم الطبي التابع لوزارة الصحة الأفغانية في المنطقة المنكوية لـ"العربي الجديد": "ليس عملنا الميداني كبيراً لأسباب عدة منها أن المصابين بجروح خطرة نقلوا إلى المستشفى المركزي في ولاية هرات، ومستشفيات أخرى في العاصمة كابول، ومعظمهم كانوا يحتاجون إلى عمليات بسبب إصابتهم بجروح خطرة، لكن ذلك لا يمنع أن العمل يظل موجوداً، وأن هناك حاجة ملحة لأطباء نفسيين لعلاج المتضررين الموجودين في الساحات والمخيمات المؤقتة الذين تلقوا ضربة نفسية قوية جراء الزلزال وفقدان أقارب ومنازل وممتلكات.
وأرسلت سلطات ولايات قندهار وهلمند وفرح وبادغس وننغرهار فرقاً طبية مع سيارات إسعاف عملت كلها تحت مظلة وزارة الصحة، كما حال الأطباء الذين أرسلتهم المؤسسات الخيرية إلى المنطقة المنكوبة.
واهتم جزء من الحملات في الولايات بجمع أدوية وأدوات طبية. وأرسلت الحكومة المحلية في ولاية ننغرهار أدوية بقيمة مليون أفغانية (13000 دولار أميركي)، بالتنسيق مع نقابة أصحاب الصيدليات في مدينة جلال أباد مركز الولاية، والتي قال رئيسها محصل خان رئيس لـ"العربي الجديد": "تجوّلت الفرق التابعة للنقابة خلال اليومين الماضيين على الصيدليات، وجمعت منها أدوية استناداً إلى قائمة وضعها أطباء يوجدون في المنطقة المنكوبة. ولا تزال النقابة تجمع أموالاً من الناس، كما أرسلت الولاية فرقاً طبية تخضع لإشراف إدارة الصحة المحلية في ولاية ننغرهار.
أيضاً، أرسلت نقابة الأطباء المسلمين عدداً من الأطباء والممرضين بالتنسيق مع وزارة الصحة الأفغانية إلى المنطقة المنكوبة، وبينهم متخصصون في جراحة العظام وأمراض الأعصاب وأطباء نفسيون وغيرهم.

الصورة
أجريت تدخلات جراحية في خيام (محسن كريمي/ فرانس برس)
أجريت تدخلات جراحية في خيام (محسن كريمي/ فرانس برس)

ومن بين الممرضين الذين يعملون ميدانياً عبد الوهاب الذي انتقل من العاصمة كابول إلى المنطقة المنكوبة في شكل عاجل، والذي يقول لـ"العربي الجديد": "عملت سابقاً ضمن فرق طبية شاركت في جهود الإنقاذ التي واكبت زلزال يونيو/ حزيران في ولاية خوست العام الماضي، ولكن ما رأيته هنا مؤسف للغاية ومشاهد لا يطيقها إنسان، لكن من المهم بالنسبة لي أن أعمل من أجل أبناء بلادي المتضررين، علماً أن عشرات الممرضين يتابعون الأمور الميدانية، وثمّة حاجة إلى أدوية ومعدات ومراكز صحية، لأننا نعالج الناس داخل خيام، أما المرضى الذين يحتاجون إلى تدخلات طبية معقدة فنرسلهم إلى مستشفيات هرات وكابول.
وفي مجال توفير الرعاية النفسية أرسلت منظمة الصحة العالمية عدداً من الأطباء والطبيبات إلى المنطقة المنكوبة لتوفير رعاية صحية للمتضررين. وهي أشادت، في تغريدة لها على "إكس" بالدعم الذي يقدمه هؤلاء الأطباء في هذا الوقت العصيب.
وفي أحدث تطورات الزلزال قالت وزارة إدارة الكوارث والأزمات في بيان إن 485 شخصاً لا يزالون في عداد المفقودين، وإنهم تحت الركام حيث لا تستمر محاولات البحث عنهم، علماً أنها أعلنت سابقاً أن عدد القتلى تجاوز 2500.
وصباح أمس ضرب زلزال بقوة 6.3 درجات على مقياس ريختر غرب أفغانستان، بحسب ما أعلن المركز الأميركي لرصد الزلازل، والذي حدد مركزه على بعد 29 كيلومتراً من شمالي هرات. ولم ترد أنباء عن سقوط ضحايا جدد.

وتعاني أفغانستان في الأساس من أزمة إنسانية حادة بسبب وقف المساعدات الأجنبية منذ عودة حركة "طالبان" إلى السلطة عام 2021. كما عانت ولاية هرات المحاذية لإيران والتي يسكنها 1.9 مليون شخص من جفاف مستمر منذ سنوات شلّ الحياة في العديد من مجتمعاتها الزراعية.
وتتكرر الزلازل في أفغانستان خصوصاً في سلسلة جبال هندو كوش القريبة من تقاطع الصفائح التكتونية الأوراسية والهندية.
تجدر الإشارة إلى أن السلطات في أفغانستان خفضت أمس بشكل كبير عدد القتلى جراء الزلزال الذي ضرب ولاية هرات والهزات الارتدادية التي تبعته إلى نحو ألف. وقال وزير الصحة العامة قلندار عباد أمس أن الحصيلة إبلغت نحو ألف قتيل، وعزا الارتباك في إحصاء القتلى إلى بعد المنطقة والإبلاغ المزدوج من قبل الوكالات المشاركة في جهود الإنقاذ. 

المساهمون